آيات من القرآن الكريم

قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ

- ١١٢ - قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ
- ١١٣ - قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ
- ١١٤ - قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
- ١١٥ - أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ
- ١١٦ - فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ
يَقُولُ تَعَالَى مُنَبِّهًا لَهُمْ عَلَى مَا أَضَاعُوهُ فِي عُمْرِهِمُ الْقَصِيرِ فِي الدُّنْيَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ وَلَوْ صَبَرُوا فِي مُدَّةِ الدُّنْيَا الْقَصِيرَةِ لَفَازُوا كَمَا فَازَ أولياءه الْمُتَّقُونَ، ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ﴾ أَيْ كَمْ كَانَتْ إِقَامَتُكُمْ فِي الدُّنْيَا؟ ﴿قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ أَيِ الْحَاسِبِينَ، ﴿قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ أَيْ مُدَّةً يَسِيرَةً عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ ﴿لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أَيْ لَمَا آثَرْتُمُ الْفَانِيَ عَلَى الْبَاقِي، وَلَمَا تَصَرَّفْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ هَذَا التصرف السيء، ولا استحقتتم مِنَ اللَّهِ سُخْطَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ، فلو أَنَّكُمْ صَبَرْتُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ كَمَا فعل المؤمنون لفزتم كما فازوا، وفي الحديث: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أُدخِلَ أهلُ الجنةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ قَالَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ؟ قَالُوا: لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، قَالَ: لَنِعْمَ مَا اتَّجَرْتُمْ فِي يَوْمٍ أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، رَحْمَتِي وَرِضْوَانِي وَجْنَّتِي امْكُثُوا فِيهَا خَالِدِينَ مُخَلَّدِينَ. ثم قال: يَا أَهْلَ النَّارِ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ؟ قَالُوا: لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، فَيَقُولُ بِئْسَ مَا اتَّجَرْتُمْ
فِي يَوْمٍ أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، نَارِي وَسُخْطِي امْكُثُوا فِيهَا خالدين مخلدين" (أخرجه ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي مرفوعاً). وقوله تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً﴾ أَيْ أَفَظَنَنْتُمْ أَنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ عَبَثًا بِلَا قَصْدٍ وَلَا إِرَادَةٍ مِنْكُمْ ولا حكمة لنا؟ وقيل: للعبث لتلعبوا وتعبثوا كما خلقت البهائم لا ثواب لها ولا عقاب، وإنما خلقناكم للعبادة وإقامة أوامر الله عزَّ وجلَّ ﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾ أي لا تعوذون في الدار الآخرة، كما قال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يترك سدى﴾ يَعْنِي هَمَلًا، وَقَوْلُهُ: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ أَيْ تَقَدَّسَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا عَبَثًا فَإِنَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ، ﴿لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ فَذَكَرَ الْعَرْشَ لِأَنَّهُ سَقْفُ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ كَرِيمٌ أَيْ حَسَنُ الْمَنْظَرِ بَهِيُّ الشَّكْلِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زوج كريم﴾.
وكان آخر خطبة خطبها (عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الناس إنكم لَمْ تُخْلَقُوا عَبَثًا، وَلَنْ تُتْرَكُوا سُدًى، وَإِنَّ لَكُمْ مَعَادًا يَنْزِلُ اللَّهُ فِيهِ لِلْحُكْمِ بَيْنَكُمْ والفصل بينكم، فخاب وخسر وشقي

صفحة رقم 578

عبد أخرجه الله من رحمته، وَحُرِمَ جَنَّةً عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَلَمْ تَعْلَمُوا أنه لا يؤمن عذاب الله غَدًا إِلَّا مَنْ حَذِرَ هَذَا الْيَوْمَ وَخَافَهُ، وباع نافذاً بِبَاقٍ، وَقَلِيلًا بِكَثِيرٍ، وَخَوْفًا بِأَمَانٍ، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ مِنْ أَصْلَابِ الْهَالِكِينَ وَسَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمُ الْبَاقِينَ، حَتَّى تُرَدُّونَ إِلَى خَيْرِ الْوَارِثِينَ؟ ثُمَّ إِنَّكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ تُشَيِّعُونَ غَادِيًا وَرَائِحًا إِلَى اللَّهِ عزَّ وجلَّ قَدْ قَضَى نَحْبَهُ، وَانقَضَى أَجْلُهُ، حَتَّى تُغَيِّبُوهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ، فِي بَطْنِ صَدْعٍ غَيْرِ مُمَهَّدٍ وَلَا مُوَسَّدٍ، قَدْ فَارَقَ الْأَحْبَابَ وَبَاشَرَ التُّرَابَ، وَوَاجَهَ الْحِسَابَ، مُرْتَهَنٌ بِعَمَلِهِ، غَنِيٌّ عَمَّا تَرَكَ، فَقِيرٌ إِلَى مَا قَدَّمَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ قَبْلَ انقِضَاءِ مَوَاثِيقِهِ وَنُزُولِ الْمَوْتِ بِكُمْ؛ ثُمَّ جَعَلَ طَرَفَ رِدَائِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَبَكَى
وَأَبْكَى من حوله (أخرجه ابن أبي حاتم عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ). وروى أبو نعيم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في سرية، وأمرنا أم نَقُولَ إِذَا نَحْنُ أَمْسَيْنَا وَأَصْبَحْنَا ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾؟ قَالَ: فقرأناها فغنمنا وسلمنا، وروى ابن أبي حاتم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَانٌ أمتي من الغرق إذا ركبوا السفينة: باسم اللَّهِ الْمَلِكِ الْحَقِّ، وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يشركون، بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رحيم".

صفحة رقم 579
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
الناشر
دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان
سنة النشر
1402 - 1981
الطبعة
السابعة
عدد الأجزاء
3
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية