آيات من القرآن الكريم

مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ

عما هو متصلٌ به أشبه من أن يكون عما هو عنه منقطع انتهى.
٧٤ - ثم بين الله سبحانه، أن المشركين الذين عبدوا من دون الله آلهةً، عاجزةً، إلى هذه الغاية في العجز، ما عرفوا الله حق معرفته فقال: ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ﴾؛ أي: ما قدر المشركون الله، وما عظموه ﴿حَقَّ قَدْرِهِ﴾؛ أي: حق عظمته، وما عرفوه حق معرفته وما وصفوه حق صفته، حيث أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب، ولا ينتصر منه، وسموا باسمه ما هو أبعد الأشياء منه مناسبةً. ﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿لَقَوِيٌّ﴾ على خلق كل شيء. ﴿عَزِيزٌ﴾ غالب لا يغالبه أحد، بخلاف آلهة المشركين. فإنها جماد لا تعقل ولا تنفع ولا تضر، ولا تقدر على شيء.
وحاصل معنى الآيتين (١): يا أيها الناس، يعني: المؤمنين جعل المشركون لي أشباهًا وأندادًا، وهي الآلهة التي يعبدونها معي، فأنصتوا وتفهموا حال ما جعلوهم لي، في عبادتهم إياهم أشباهًا وأمثالًا، وحال هؤلاء الأشباه، أنه لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأوثان على أن يخلقوا ذبابة واحدة، على صغر حجمها، وحقارة شأنها.. ما قدروا، وما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
روي عن أبي هريرة، أن النبي - ﷺ -، قال: قال الله عز وجل: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي!؟ فَلْيخَلْقُوا ذُرةً، فليخلقوا شعيرة!! ".
وإن يسلب الذباب الآلهة والأصنام شيئًا، مما عليها من طيب وما أشبهه، لا تستنقذ ذلك منه على ضعفه.
والخلاصة: أنهم عاجزون عن خلق ذباب واحد، بل أعجب من ذلك أنهم عاجزون عن مقاومته، والانتصار منه لو سلبهم شيئًا مما عليهم من طيب ونحوه.
وفي ذلك إشارة إلى أنهم قد بلغوا غاية الجهالة، وأشركوا بالله القادر على كل شي آلهتهم من الأصنام والأوثان، التي لا تقدر على خلق أحقر المخلوقات وأصغرها وهو الذباب، ولو اجتمعت له. ولا تستطيع أن تنتصر منه لو سلبها

(١) المراغي.

صفحة رقم 421
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
الناشر
دار طوق النجاة، بيروت - لبنان
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية