آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ

وهناك «فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا» من طاعة وعصيان وكفر وإيمان ونفاق واخلاص «وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (٦٤) لا تخفى عليه خافية، يوجد أربع سور مختومة بهذه اللّفظة هذه والنّساء والأنفال والطّلاق. روي أن ابن عباس قرأ سورة النّور في الموسم على المنبر وفسرها على وجه لو سمعت به الرّوم لأسلمت. وأخرج أبو عبد الله بن السّبع في صحيحه عن عائشة رضي الله قالت قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا تنزلوا النّساء الغرف. أي لأنهن يعرضن أنفسهن لنظر الأجانب. فيا أيها النّاس تقيدوا بتعاليم الله القائل في كتابه (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) راجع الآية ٢٦/ ٢٧ و ٦٠ من سورة النّساء واختر ما تشاء لتفوز من الله بالرضاء. هذا والله أعلم. وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين.
تفسير سورة الحج عدد ١٧- ١٠٣- ٥٢
نزلت بمكة بعد سورة النّور. وهي ثمان وسبعون آية والف ومئتان وإحدى وسبعون كلمة وخمسة آلاف وخمس وسبعون حرفا. ومنها الآيات من ٥٢ إلى ٥٥ نزلن بين مكة والمدينة ومثلها في عدد الآي سورة الرّحمن. وتقدمت السّور المبدوءة بما بدئت فيه سورة النّساء ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى «يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ» واحذروا مخالفته «إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ» التي أمرها بيده «شَيْءٌ عَظِيمٌ» (١) جدا ولا أعظم بمن وصفه الله بالعظمة. ثم ذكر من أهوالها ما أوجب وصفها بالعظمة بقوله جل قوله «يَوْمَ تَرَوْنَها»
أي الزلزلة وهي حركة الأرض بشدة هائلة واضطرابها بقوة فظيعة، عند اذن الله تعالى بخراب الأرض وانقراض هذا الكون، وحينذاك «تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ»
فتنساه كأنه ما كان لما يلحقها من الدّهشة المزعجة «وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها»
من كبير الفزع وجليل الخوف على فرض وقوع هذه الزلزلة في الدّنيا فإن المرضعة

صفحة رقم 156

المعلّق قلبها عند رضيعها تغفل عنه وتتركه بل تنساه ولا يخطر ببالها وإن الحاصل لعظيم ما ترى تسقط ما في بطنها وهي لا تشعر به قبل تمام مدته، وهو لا يسقط بذلك إلّا بأسباب باهظة وعمليات متعبة منهكة. «وَتَرَى النَّاسَ»
أيها النّاظر إليهم إذ ذاك إذا تأتي منك النّظر «سُكارى»
بلا شراب حياري لهول ما يشاهدون من الخوف القاطع للقلوب «وَما هُمْ بِسُكارى»
حقيقة، ولكنهم على هيئة وصورة الثمل الغافل الحائر مما يشاهد ما يحل به وبغيره في ذلك الموقف العظيم، إذ تتفتت فيه الأكباد، وترتعد فيه الفرائض، وتتلجلج فيه القلوب، فتبلغ الحناجر لأن ما هم قادمون عليه ليس بملك ظالم ولا سلطان غاشم يؤمل الخلاص منهما «وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ»
(٢) لا مخلص منه، لذلك قد أرهقهم خوف لحوقة بهم وأذهب عقولهم رؤياه، فأفقدهم رشدهم، وأضاع تمييزهم، وأزال معرفتهم حالهم، وأشغل كلا بنفسه.
مطلب في أهوال القيامية وكيفية الخلق وترتيبه وما قاله صاحب الجمل:
روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول الله تعالى يوم القيامة يا آدم، فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك، فينادى بصوت إن الله يأمرك أن تخرج بعث النّار، قال يا رب وما بعث النّار؟ قال في كلّ الف تسعمائة وتسع وتسعون، فحينئذ تضع الحامل حملها، ويشيب الوليد، وترى النّاس سكارى الآية، فشق ذلك على النّاس حتى تغيرت وجوههم، قالوا يا رسول الله أينا ذلك الرّجل؟ فقال صلّى الله عليه وسلم من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسع وتسعون، ومنكم واحد، ثم أنتم في النّاس كالشعرة السّوداء في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود، وفي رواية كالرقمة في ذراع الحمار (الرقمة معروفة وهي كالفلس في ذراع الحمار والبغل أيضا) (وإني لأرجو أن تكونوا رباع أهل الجنّة، فكبرنا، ثم قال ثلاث أهل الجنّة، فكبرنا، ثم قال شطر أهل الجنّة، فكبرنا. قال تعالى «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ» لشدة جهله «وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ» (٣) متشيطن مضلّ عات في جداله. واعلم أنه لا يوقف على مريد لأن ما بعده صفة له، ولذلك

صفحة رقم 157

ينبغي للقارىء وصلها بما بعدها ولا يغتر بعلامة الوقف في المصاحف ويظن الوقف عليها لازم، لأن الوقف يكون على تمام المعنى، لأن كثيرا من الآيات يجب وصلها بما بعدها، أما علامات الوقف التي وضعها القراء على كلمات القرآن مثل م وط ج وغيرها فهي المعتبر مراعاتها، وعلى القارئ أن يتقيد بها فيعرف الواجب واللازم والجائز والممتنع، واتقن هذه الإشارات الموضوعة على الكلمات في المصاحف المصرية التي طبعها فؤاد الأوّل ملك مصر رحمه الله «كُتِبَ عَلَيْهِ» أي ذلك الشيطان «أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ» أي تبعه من النّاس فأطاعه انقيادا لوساوسه «فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ» عن الحق ويرمه في الباطل ويوقعه في دسائسه «وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ» (٤) إذ ما بعد الحق إلّا الضّلال، ولا مرجع للضال إلّا جهنم المتسعرة بأهلها، كما لا مصير إلى المحق إلّا الجنّة النّاعمة بأهلها «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ» بعد الموت، ولكم شكّ في الحياة الآخرة، وإنكم تستعظمون وجودها، «فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ» راجع الآيتين ٦٤ و ٦٧ من سورة المؤمن في ج ٢ تجد تفصيل مراتب الخلق وعددها هناك. واعلم أن العطف بثم في هذه الآية يفيد أن بين كلّ حالة وأخرى من البعد ما لا يخفى أما عطف ثم الأخير فهو لتباعد ما بين الخلقين كما يشير إليه قوله (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) راجع الآية ١٤ من سورة المؤمنين والآية ٥٤ من سورة الرّوم في ج ٢ تقف على ما تريده من هذا البحث. «مُخَلَّقَةٍ» صفة للمضغة أي تامة لا نقصان فيها ولا عيب «وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ» أي قد تكون ناقصة معيبة في بعض الحواس والجوارح والتخطيط، راجع الآية ٩ من سورة الرّعد المارة. قال صاحب الجمل على الجلالين هذا تقسيم على سبيل التسمح فإن كلّ مضغة تكون أولا غير مخلقة ثم تصير مخلقة ولو جاء النظم هكذا ثم من نطفة غير مخلقة ثم من نطفة مخلقة لكان أوضح. ثم قال وكان مقتضى الترتيب السّابق المبني على التدريج من المبادئ البعيدة على القريبة أي تقديم غير المخلقة على المخلقة. وهذه جرأة عظيمة منه وهفوة كبيرة كما وقع مثل هذا وأعظم من الخطيب الشّربيني في تفسير الآية ٦٥ من سورة يونس في ج ٢ عفا الله

صفحة رقم 158

عنهما وبصرنا بعيوبنا «لِنُبَيِّنَ لَكُمْ» أيها النّاس كمال قدرتنا وبالغ حكمتنا ولتعلموا أن من يقدر على هذا الخلق ابتداء يقدر على الاعادة لا محالة «وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ» من هذه النّطفة المخلقة فنبقيها فيه ونحفظها ونربتيها «إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» عندنا فنسقط منها ما نشاء حسبما اقتضته حكمتنا قبل تمام خلقه ونبقي منها ما نريد بمقتضى إرادتنا «ثُمَّ» تقضي قدرتنا الأزلية با كماله وبعد تمام الأجل المقدر له من علمنا «نُخْرِجُكُمْ» من بطون أمهاتكم بواسطة وبغير واسطة «طِفْلًا» ولا تزالون برعايتنا حتى تشبّوا «ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ» من كمال العقل والقوة والتميز وأنتم بأعيننا «وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى» قبل ذلك «وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ» وهو حالة الهرم والخوف، ومنكم من يعمر كثيرا وهو مالك لحواسه كافة، عالم ما علمه، كالأنبياء وبعض العلماء والعارفين، لأنهم لا يتناولهم النقص
، أما غيرهم فقد يرجعون لحالة الطّفولة «لِكَيْلا يَعْلَمَ» شيئا «مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ» كان يعلمه قبل الكبر «شَيْئاً» أبدا لأنه ينساه ولا يخطر بباله حيث يفقد العقل والتمييز، راجع نظير هذه الآية الآية ٧١ من سورة النحل في ج ٢ ونظيرتها الآية ٦٨ من سورة يس في ج ١ تجد ما به الكفاية في هذا الشّأن. وهذا دليل حسي على البعث بعد الموت، وفي الدّلائل الحسية أيضا «وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً» ميتة يابسة لا شيء فيها ونظيرتها آية فصلت ٤٠ خاشعة راجعها في ج ٢ أي ذليلة وهما من حيث المعنى سواء «فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ» بالنبات والأزهار «وَرَبَتْ» انتفخت وارتفعت لتغلغل الري فيها وخروج النّبات منها «وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» (٥) يسر الناظر حسنه واستواؤه وجماله راجع الآية ٦٧ من سورة المؤمن في ج ٢ تجد ما يتعلق بهذا البحث بصورة واضحة «ذلِكَ» الذي ذكر من كيفية بدء الخلق وإحياء الأرض والنّبات لتعلموا أيها النّاس «بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ» لا ريب فيه في ذاته وأفعاله وأوامره لا من غيره «وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (٦) لا يعجزه شيء وإن إعادة من خلقه هي أهون عليه من خلقه ابتداعا «وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي

صفحة رقم 159
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية