آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ

اليوم عقولهم ذاهبة، والأحوال فى القيامة وأهوالها غالبة. وكأنهم سكارى وما هم فى الحقيقة بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، ولشدّته يحيرهم ولا يبقيهم على أحوالهم.
وهم يتفقون فى تشابههم بأنهم سكارى، ولكنّ موجب ذلك يختلف فمنهم من سكره لما يصيبه من الأهوال، ومنهم من سكره لاستهلاكه فى عين الوصال.
كذلك فسكرهم اليوم مختلف فمنهم من سكره سكر الشراب، ومنهم من سكره سكر المحاب.. وشتّان بين سكر وسكر! سكر هو سكر أهل الغفلة، وسكر هو سكر أهل الوصلة «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الحج (٢٢) : آية ٣]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣)
المجادلة لله- مع أعداء الحق وجاحدى الدّين- من موجبات القربة، والمجادلة فى الله، والمماراة مع أوليائه، والإصرار على الباطل بعد ظهور الدلائل من أمارات الشقوة، وما كان بوساوس الشيطان ونزغاته فقصاراه النار.
قوله جل ذكره:
[سورة الحج (٢٢) : آية ٤]
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٤)
من وافق الشيطان بمتابعة دواعيه لا يهديه إلّا إلى الضلال، ثم إنه فى الآخرة يتبرأ من موافقته، ويلعن جملة متّبعيه. فنعوذ بالله من الشيطان ونزغاته، ومن درك الشقاء وشؤم مفاجآته.
قوله جل ذكره:
[سورة الحج (٢٢) : آية ٥]
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)

(١) حديث القشيري فى (السكر) هنا مفيد عند دراسة هذا المصطلح.

صفحة رقم 529

التبس عليهم جواز (بعثه الخلق) «١» واستبعدوه غاية الاستبعاد، فلم ينكر الحق عليهم إلا بإعراضهم عن تأمل البرهان، واحتجّ عليهم فى ذلك بما قطع حجتهم، فمن تبع هداه رشد، ومن أصرّ على غيّه تردّى فى مهواة هلاكه.
واحتجّ عليهم فى جواز البعث بما أقروا به فى الابتداء أن الله خلقهم وأنه ينقلهم من حال إلى حال أخرى فبدأهم من نطفة إلى علقة ومنها ومنها... إلى أن نقلهم من حال شبابهم إلى زمان شيبهم، ومن ذلك الزمان إلى حين وفاتهم.
واحتجّ أيضا عليهم بما أشهدهم كيف أنه يحيى الأرض- فى حال الربيع- بعد موتها، فتعود إلى ما كانت عليه فى الربيع من الخضرة والحياة. والذي يقدر على هذه الأشياء يقدر على خلق الحياة فى الرّمة البالية والعظام النخرة.
قوله: «وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ» : زمان الفترة بعد المجاهدة، وحال الحجبة عقب المشاهدة.
ويقال أرذل العمر السعى للحظوظ بعد القيام بالحقوق.
ويقال أرذل العمر الزلة فى زمان المشيب.
ويقال أرذل العمر الإقامة فى منازل العصيان.
ويقال أرذل العمر التعريج فى (أوطان) «٢» المذلة.
ويقال أرذل العمر العشرة مع الأضداد.
ويقال أرذل العمر (عيش) «٣» المرء بحيث لا يعرف قدره.
ويقال أرذل العمر بأن يوكل إلى نفسه.
ويقال أرذل العمر التطوح فى أودية الحسبان أن شيئا بغير الله.
ويقال أرذل العمر الإخلاد إلى تدبير النّفس، والعمى عن شهود تقدير الحق.

(١) هكذا فى م أما فى ص فهى (بعثهم الحق) ونرجح الأولى إذ الذي استبعدوه أن يبعث الله واحدا من الخلق.
(٢) هكذا فى م وهى غير موجودة فى ص.
(٣) فى م (عيش) المرء وفى ص (حبس) المرء. وقد رجحنا (عيش) على معنى أن الله يمنحه من العمر ما لا يكون خلاله تقدير من الخلق له.

صفحة رقم 530
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية