آيات من القرآن الكريم

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ
ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ

وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ [العنكبوت: ٥٣- ٥٤].
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ إِلَى آخِرِهِ اسْتِقْصَارَ أَجْلِ حُلُولِ الْعَذَابِ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا كَمَا دَرَجَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ لِعَدَمِ رَشَاقَةِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِقْصَارَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ عَقِبَ هَذَا: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها [الْحَج: ٤٨].
وَالْخِطَابُ فِي تَعُدُّونَ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَعُدُّونَ بِالْفَوْقِيَّةِ، وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ مِمَّا يَعُدُّونَ- بِيَاءِ الْغَائِبِينَ-. أَيْ مِمَّا يَعُدُّهُ الْمُشْرِكُونَ المستعجلون بِالْعَذَابِ.
[٤٨]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٤٨]
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ [الْحَج: ٤٧] أَوْ عَلَى جُمْلَةِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ [الْحَج: ٤٧] بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنُهُ اسْتِعْجَالُهُمْ بِالْعَذَابِ مِنَ التَّعْرِيضِ بِأَنَّهُمْ آيِسُونَ مِنْهُ لِتَأَخُّرِ وُقُوعِهِ، فَذُكِّرُوا بِأَنَّ أُمَمًا كَثِيرَةً أُمْهِلَتْ ثُمَّ حَلَّ بِهَا الْعَذَابُ. فَوِزَانُ هَذِهِ الْآيَةِ وِزَانُ قَوْلِهِ آنِفًا: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ [الْحَج: ٤٥] إِلَخْ إِلَّا أَنَّ الْأُولَى قُصِدَ مِنْهَا كَثْرَةُ الْأُمَمِ الَّتِي أُهْلِكَتْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ ذِكْرِ قَوْمِ نُوحٍ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِمْ أَنَّ الْهَلَاكَ لَمْ يَتَجَاوَزْهُمْ وَلِذَلِكَ اقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى ذِكْرِ الْإِهْلَاكِ دُونَ الْإِمْهَالِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ الْقَصْدُ مِنْهَا التَّذْكِيرُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ

صفحة رقم 292
تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الطاهر بن عاشور
الناشر
الدار التونسية للنشر
سنة النشر
1403
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية