آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

الأول، غير أن الأول (١) أولى؛ لأنهم قبل أن صاروا أهل الذمة حين كانوا على الحق كانت متعبداتهم مدفوعًا عنها، وأيضَّا فإنه يلزم أن يبدأ بدكر المساجد لفضلها، إذ بطلت البيع والكنائس في الإسلام.
وقوله: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ أي: ينصر (٢) دينه وشريعته ونبيه.
قال ابن عباس: يريد ينصر محمدًا -صلى الله عليه وسلم-.
قال مقاتل: وقد فعل، نَصر محمدًا (٣) ونَصر أهل دينه (٤).
وقال أبو إسحاق: أي: من أقام شريعة من شرائعه نصر على إقامة ذلك (٥).
وهذا وعد من الله بنصر من ينصر دينه وشريعته.
وقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ﴾ قال ابن عباس: على خلقه ﴿عَزِيزٌ﴾ منيع في سلطانه وقدرته (٦).
وقال مقاتل: ﴿عَزِيزٌ﴾ في انتقامه من عدوه (٧).
٤١ - قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ﴾ ذهب بعض النحويين (٨) إلى أن هذا بدل من قوله ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا﴾ ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾

(١) في (أ): (الأولى)، وهو خطأ.
(٢) في (أ): (لينصر).
(٣) في (أ): (محمد)، وهو خطأ.
(٤) "تفسير مقاتل" ٣/ ٢٦ أ.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٣١
(٦) انظر: الطبري ١٧/ ١٧٨، وابن كثير ٣/ ٢٢٦.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ٢/ ٢٦ أ
(٨) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ١٠١.

صفحة رقم 434

﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ﴾ كل هذا من وصف قوم واحد (١).
وعلى هذا ذكر الله تعالى المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم، ثم ذكر أنه كان ينصر في كل زمان أهل دينه، ويدفع عنهم بالغزاة، ولولا ذلك لغلب عدوهم حتى تخرب (٢) متعبداتهم، وكذا يفعل بهذه الأمة، ينصرهم حتى يأمنوا في مساجدهم وديارهم، ثم عاد إلى وصفهم فقال: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ﴾.
وقال أبو إسحاق: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ﴾ من صفة ناصِريه (٣).
يعني قوله ﴿مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ وعلى هذا هو في محل النصب (٤). ومعنى ﴿مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ نصرناهم على عدوهم حتى يتمكنوا من البلاد غير مقهورين.
وقوله: {أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ

(١) وعلى هذا القول فـ"الذين" في موضع خفض.
انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ١٠١، "الإملاء" للعكبري ٢/ ١٤٥، "البيان في إعراب غريب القرآن" للأنباري ٢/ ١٧٧.
(٢) في (ظ): (تحرب)، وفي (د): (بحرب)، وفي (ع): (نحرب).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤٣١.
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٠١، "مشكل إعراب القرآن" لمكي ٢/ ٤٩٤، "البيان في غريب إعراب القرآن" للأنباري ٢/ ١٧٧.
وذكر أبو البقاء العكبري في "الإملاء" ٢/ ١٤٥ أن إعراب: "الذين إن مكناهم" مثل إعراب "الذين أخرجوا" واستظهره أبو حيان ٦/ ٣٧٦، وجوَّز ذلك السمين ٨/ ٢٨٦، ٨/ ٢٨٦ وقال: ويزيد هذا عليه -يعني: "الذين إن مكناهم"- بأن يجوز أن يكون بدلاً من "من ينصره" ذكره الزجَّاج، أي: ولينصرن الله الذين إن مكناهم في الأرض.

صفحة رقم 435
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية