آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ ان هاهنا بمعنى إذا بدليل ما سبق من الوعد بالدفع والنصر فهو اخبار ووعد بالتمكين فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وصف للذين اخرجوا وهو ثناء قبل بلاء وهو برهان على صحة امر الخلفاء الراشدين إذ لم يحصل المكنة في الأرض لغيرهم من المهاجرين- واما معاوية رضى الله عنه فلم يكن من الذين اخرجوا- وقيل الموصول بدل ممن ينصره والمعنى لينصرن الله من يكون هذا صفته ولا شك ان الله تعالى نصر الخلفاء الراشدين وأنجز وعده- حتى سلّطهم على صناديد العرب وأكاسرة العجم وقياصرتهم وأورث المسلمين على عهدهم ارض الكفار وديارهم وأموالهم وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١) فان مرجعها الى حكمه وفيه تأكيد لما وعده.
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ يا محمد يعنى كفار مكة فَقَدْ كَذَّبَتْ تعليل لجزاء محذوف لشرط مذكور تقديره فان كذبوك فلا تحزن لانه ليس بامر مبدع فقد كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ جملة معترضة لتسلية النبي ﷺ وَكُذِّبَ مُوسى غيّر فيه النظم وبنى للمفعول لان قومه بنى إسرائيل لم يكذبوه وانما كذبه القبط ولان تكذيبه كان اشنع لكون آياته أعظم واشيع فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ اى أمهلتهم وأخرت عقوبتهم عطف على كذبت ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ بالعذاب عاقبة أمرهم فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) اثبت الياء ورش في الوصل حيث وقعت والباقون حذفوها- يعنى كيف كان إنكاري عليهم بتغيير النعمة محنة والحيوة هلاكا والعمارة خرابا استفهام للتعجيب او التهويل او التقرير اى هو واقع موقعه.
فَكَأَيِّنْ فكم مِنْ قَرْيَةٍ كلمة كاين مرفوع بالابتداء او منصوب بإضمار فعل يفسره أَهْلَكْناها قرأ ابو عمرو ويعقوب أهلكتها بتاء مضمومة على صيغة المتكلم المتوحد والباقون بنون مفتوحة والف بعدها على التعظيم- يعنى أهلكنا أهلها حذف المضاف

صفحة رقم 331

وأقيم المضاف اليه مقامه وكذا في قوله وَهِيَ يعنى وأهلها ظالِمَةٌ اى واضعة للعبادة في غير موضعها كافرة بالله مؤمنة بالطواغيت فَهِيَ اى حيطانها خاوِيَةٌ اى ساقطة عَلى عُرُوشِها اى سقوفها يعنى تهدمت عمرانها فسقطت السقوف اولا ثم وقعت عليها الجدران فالظرف لغو متعلق بخاوية- او المعنى خاوية اى خالية على عروشها يعنى كائنة على عروشها اى مع بقاء عروشها وسلامتها وعلى هذا التأويل الظرف المستقر اما منصوب على الحال او مرفوع خبر بعد خبر اى هى خالية وهى معطلة على عروشها بان سقطت وبقيت الحيطان مائلة مشرفة عليها- والجملة معطوفة على أهلكناها لا على وهى ظالمة فانها حال والإهلاك ليس خال خوائها- وعلى تقدير نصب كايّن لا محل لهذه الجملة من الاعراب وَبِئْرٍ كانت في القرى أهلكنا اهل تلك الآبار فصارت كبئر «١» مُعَطَّلَةٍ متروكة لا تسقى عطف على قرية اى وكم من بئر معطلة وَكم من قَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أهلكنا أهلها يعنى كم من قرية ساقطة عمر ان بعضها بعد خرابها ومرفوعة مشيدة عمران بعضها أهلكنا أهلها- قال قتادة والضحاك ومقاتل معنى مشيد رفيع طويل من قولهم شاد بناه إذا رفعه- وقال سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد اى مجصص من الشّيد وهو الجص- وجملة فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ بدل من قوله فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ ومن ثم عطف بالفاء- قال البغوي قيل ان البئر المعطلة والقصر المشيد باليمن اما القصر فعلى قلة جبل والبئر في صفحه ولكل واحد منهما قوم في نعمة فكفروا فاهلكهم الله وبقي القصر والبئر خاليين وروى ابو روق عن الضحاك انه كان هذه البئر بحضر موت في بلدة يقال لها حاصورا وذلك ان اربعة آلاف نفر ممن أمن بصالح عليه السلام نجوا من العذاب فاتوا بحضر موت ومعهم صالح فلمّا حضروه مات صالح عليه السّلام فسمى حضر موت لان صالحا لما حضره مات فبنوا حاصورا وقعدوا على هذه البئر وامّروا عليهم رجلا فاقاموا

(١) وفي الأصل فصارت معطلة إلخ وانما زدنا لفظة كبئر لان معطلة مجرورة لا تصلح ان تقع خيرا لصارت وتغيير الاعراب غير جائز فلا بد من تقدير والله اعلم الفقير الدهلوي

صفحة رقم 332
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية