آيات من القرآن الكريم

كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ

قَطَّ، إلاَّ كَانَتْ قَبْلَهُ جَاهِلِيَّةٌ، فَيُؤْخَذُ العَدَدُ مِنَ الجَاهِلِيَّةِ. فإنْ لَمْ يَكُنْ كملَ العددُ مِنَ الجَاهِلِيَّةِ، أخذَ من المنافقينَ. وَمَا مَثَلُكُمْ في الأمَمِ، إلا كَمَثَلِ الرّقْمَةِ في ذِراعٍ، وَكالشَّامَةِ في جَنْبِ البَعِيرِ.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: إنِّي لأَرْجُو أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَكبروا، ثم قال: إنَّ مَعَكُمْ الخليقتين ما كانتا في شَيْءٍ إلا كَثَّرَتَاهُ: يأجوجُ ومأجوجُ ومن مات من كفرةِ الجَنَّةِ وَالإنْسِ» «١».
وروى أبو سعيد الخدري، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «يَقُولُ الله تَعَالَى لآدَمَ: قُمْ فَابْعَثْ أهل النار. فقال: يا رَبِّ وَمَا بَعْثُ أَهْلِ النَّارِ؟ فيقولُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وتسعةٌ وتسعون.
فَعِنْدَ ذلكَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ الحَامِلُ ما فِي بَطْنِها «٢»
ويقال: هذا على وجه المثل، لأن يوم القيامة لا يكون فيه حامل ولا صغير، ولكنه بيَّن هول ذلك اليوم، أنه لو كان حاملاً، لوضعت حملها من شدة ذلك اليوم.
ثم قال عز وجل: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
من الهول أي كالسكارى وَما هُمْ بِسُكارى
، يعني: وما هم بسكارى من الشراب. وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
قرأ حمزة والكسائي وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى
بغير ألف، وقرأ الباقون سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى
كلاهما بالألف. وروي عن ابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما أنهما قرءا سُكارى
وهو اختيار أبي عبيدة، وروي عن أبي زرعة: أنه قرأ على الربيع بن خثيم وَتَرَى
بضم التاء، وقراءة العامة بالنصب.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣ الى ٦]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٤) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦)
قوله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ، يعني: يخاصم في الله، يعني: في

(١) أخرجه الترمذي (٣١٦٩) وقال: حديث من صحيح- وأحمد ٤/ ٤٣٤ وعزاه السيوطي: ٦/ ٤ إلى الترمذي وأحمد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم والحاكم ومصححه وابن مردويه من طرق.
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٤٨) و (٤٧٤١) ومسلم (٣٧٩) (٢٢٢) وعزاه السيوطي ٦/ ٦ إلى البخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات.

صفحة رقم 448

وحدانيته ويقال: في دين الله. بِغَيْرِ عِلْمٍ، يعني: بغير حجة. ويقال: بِغَيْرِ عِلْمٍ يعلمه، وهو النضر بن الحارث وأصحابه. وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ، يعني: يطيع ويعمل بأمر كل شَيْطانٍ مَرِيدٍ متمرد في معصية الله عز وجل. ويقال: معناه ويتبع ما سول له الشيطان.
والمريد: الفاسد، يقال: مرد الشيء، إذا بلغ في الشر غايته. ويقال: مرد الشيء إذا جاوز حد مثله.
ثم قال عز وجل: كُتِبَ عَلَيْهِ، أي: قضي عليه، يعني: الشيطان. أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ، يعني: من تبع الشيطان فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ عن الهدى، وَيَهْدِيهِ أي: يدعوه إِلى عَذابِ السَّعِيرِ، أي: إلى عمل عذاب النار.
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا النَّاسُ، يعني: يا كفار مكة. إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ، يعني: في شك مِنَ الْبَعْثِ بعد الموت، فانظروا إلى بدء خلقكم. فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ يعني: من آدم عليه السلام وآدم مِّن تُرَابٍ. ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ قيل: إنما نقلناكم من حال إلى حال، من خلقة إلى خلقة، ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ، مثل قطعة كبد. مُخَلَّقَةٍ، أي تامة وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ، يعني: غير تامة، وهو السقط. ويقال: مصورة وغير مصورة. لِنُبَيِّنَ لَكُمْ بدء خلقكم. ويقال: يخرج السقط من بطن أمه مصوراً أو غير مصور، لِنُبَيِّنَ لَكُمْ بدء خلقكم كيف نخلقكم في بطون أمهاتكم. ويقال: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ في القرآن أنكم كنتم كذلك. وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ فلا يكون سقطاً. إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، يعني: إلى وقت خروجه من بطن أمه، ويقال: إلى وقت معلوم لتسعة أشهر. ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا من بطون أمهاتكم أطفالاً صغاراً.
وقال القتبي: لم يقل أطفالاً، لأنهم لم يخرجوا من أم واحدة، ولكنه أخرجهم من أمهات شتى، فكأنه قال: يخرجكم طفلاً طِفْلاً.
ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ، يعني: ثمانية عشر سنة إلى ثلاثين سنة، ويقال: إلى ست وثلاثين سنة. والأشد: هو الكمال في القوة والخير. وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى يعني: من قبل أن يبلغ أشده، وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، يعني: أضعف العمر وهو الهرم. ويقال: يعني، يرجع إلى أسفل العمر، يعني: يذهب عقله. لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً، يعني: لكيلا يعقل بعد عقله الأول.
ثم دلهم على إحيائه الموتى بإحيائه الأرض، فقال تعالى: وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً، يعني: ميتة يابسة جافة ذات تراب. فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ، يعني: المطر، اهْتَزَّتْ يعني: تحركت بالنبات. كقوله عز وجل: فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ [النمل: ١٠] يعني: تتحرك، ويقال:
اهْتَزَّتْ أي: استبشرت. وَرَبَتْ، يعني: انتفخت بالنبات. وأصلهُ: من ربا يربو، وهو الزيادة. وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ، يعني: من كل صنف من ألوان النبات. بَهِيجٍ، أي: حسنا

صفحة رقم 449
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية