
مكة فجعلوا معه شريكا وكفروا نعمته- وقال الزجاج من تقرب الى الأصنام بذبيحته وذكر عليه اسم غير الله فهو خوّان كفور- ولهذه الجملة في مقام التعليل للدفع اخرج احمد والترمذي والسدى والحاكم وصححه عن ابن عباس قال لما اخرج النبي ﷺ من مكة قال أبو بكر اخرجوا نبيهم ليهلكنّ فانزل الله تعالى.
أُذِنَ قرأ نافع وعاصم وابو عمرو على البناء للمفعول والباقون على البناء للفاعل اى اذن الله ورخّص في القتال لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ قرأ نافع وابن عامر وحفص بفتح التاء على البناء للمفعول يعنى للمؤمنين الذين يقاتلهم المشركون والباقون بكسر التاء على البناء للفاعل يعنى للمؤمنين الذين اذن لهم في الجهاد وان يقاتلوا الكفار- قال البغوي قال المفسرون كان مشركوا مكة يؤذون اصحاب رسول الله ﷺ فلا يزالون يجيئون بين مضروب ومشجوج ويشكون ذلك الى رسول الله ﷺ فيقول لهم اصبروا فانى لم اومر بالقتال فنزلت هذه الاية بالمدينة- واخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردوية والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس انها أول اية نزلت في القتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين اية- وأخرجه ابن ابى حاتم عن عروة بن الزبير- وأخرجه عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري وقال البغوي قال مجاهد نزلت هذه الاية في قوم بأعيانهم خرجوا مهاجرين من مكة الى المدينة فكانوا يمنعون فاذن الله لهم في قتال الكفار والذين يمنعونهم من الهجرة بِأَنَّهُمْ اى أذنوا في القتال بسبب انهم ظُلِمُوا اى اعتدوا عليهم «١» بالإيذاء

ومن هاهنا لا يجوز قتل نساء اهل الحرب بالإجماع الا ان يكون ذوات رأى او مال تعنّ الكفار باموالهنّ على قتال المسلمين- ولا يجوز قتل الشيخ الفاني ولا الرهبان ولا العميان ولا الزمنى خلافا لاحد قولى الشافعي الا ان يكون لهم رأى وتدبير فيجوز قتلهم اتفاقا- ولا يجوز عند ابى حنيفة رحمه الله قتل المرتدة بل تحبس ابدا حتى تموت او تتوب وقال مالك والشافعي واحمد الرجل والمرأة في حكم الردة سواء لنا حديث عبد الله بن عمر قال نهى رسول الله ﷺ عن قتل النساء والصبيان- متفق عليه وحديث رباح بن الربيع قال كنا مع رسول الله ﷺ في غزوة فراى الناس مجتمعين على شيء فبعث رجلا فقال انظروا على ما اجتمع هؤلاء فجاء فقال على امراة قتيل فقال ما كانت هذه تقاتل وعلى المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلا فقال قل لخالد لا تقتل امراة ولا عسيفا «١» - رواه ابو داود وعن انس ان رسول الله ﷺ قال انطلقوا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امراة الحديث- رواه ابو داود والمرأة في تلك الأحاديث مطلقة تحت النفي تعم الكافرة الاصلية والمرتدة وعلل في النص عدم قتلها بعدم حرابها- قالت الحنفية الأصل في الاجزية ان تتاخر الى دار الجزاء وهى الدار الاخرة- واما دار الدنيا فهى دار التكليف والابتلاء قال الله تعالى لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ- فكل ما شرع جزاء في هذه الدار انما هو لمصالح تعود إلينا في هذه الدار كالقصاص وحد الشرب والقذف والزنى والسرقة فانها شرعت لحفظ النفوس والاعراض والعقول والأنساب والأموال- فالقتل بالردة لا يجب الا لدفع شر حرابه لا جزاء على كفره لان جزاء الكفر أعظم من ذلك عند الله فيختص القتل بمن يتاتى منه الحراب وهو الرجل- ولو كان جزاء للكفر لما نهى رسول الله ﷺ عن قتل نساء اهل الحرب ولو كان جزاء للكفر لزم تطهيره بالقتل كما في القصاص والحدود

احتجوا على وجوب قتل المرتدة بعموم قوله ﷺ من بدل دينه فاقتلوه- رواه البخاري من حديث ابن عباس وفي الباب عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده في معجم «١» الكبير للطبرانى وعن عائشة في الأوسط وأجاب الحنفية بانا خصصنا النساء عن عموم كلمة من لما ذكرنا من أحاديث النهى عن قتل النساء بعد ان عمومه مخصص بمن بدل دينه من الكفر الى الإسلام او من اليهودية الى النصرانية قلت لكن حديث ابن عباس رواه الحاكم وصححه بلفظ من بدل دينه من المسلمين فاقتلوه- قال الحافظ هو من طريق حفص بن عمر العدني وهو مختلف فيه واحتجوا ايضا بحديث جابر ان امراة يقال لها أم مروان ارتدت فامر النبي ﷺ ان يعرض عليها الإسلام فان تابت والا قتلت- رواه الدار قطنى من طريقين ولا في أحدهما فابت ان تسلم فقتلت- قال الحافظ اسنادا هما ضعيفان قال ابن همام الاول مضعف بعمر بن رواحة والثاني بعبد الله بن أذينة قال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به وروى حديث اخر عن عائشة ارتدت امراة يوم أحد فامر النبي ﷺ ان تستتاب والا قتلت وفي سنده محمد بن عبد الملك قالوا فيه يضع الحديث- ثم هذه الأحاديث معارضة بأحاديث اخر مثلها منها ما أخرجه الدار قطنى عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ لا تقتل المرأة إذا ارتدت- وفيه عبد الله بن عليس الجزري قال الدار قطنى كذاب يضع الحديث وعن ابى هريرة اخرج ابن عدى في الكامل ان امراة على عهد رسول الله ﷺ ارتدت فلم يقتلها وضعفه بحفص بن سليمان واخرج الطبراني في معجمه عن معاذ بن جبل ان رسول الله ﷺ حين بعثه الى اليمن قال أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فان تاب فاقبل منه وان لم يتب فاضرب عنقه وأيما امراة ارتدت عن الإسلام فادعها فان تابت فاقبل منها وان أبت فاستتبها- وروى ابو يوسف عن ابى حنيفة عن عاصم بن ابى النجود عن ابى رزين عن ابن عباس لا تقتل النساء إذا هن ارتددن عن الإسلام ولكن