آيات من القرآن الكريم

لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

يعني: ما دامت هذه المسائل من شعائر الله ومن تقوى القلوب فاعملوها وعظِّموها؛ لأن لكم فيها منافع عرفتها أو لم تعرفها، وربما تعرف بعضها ولا تعرف الباقي؛ لأنه مستور عنك ولو أنك لا تعلم قيمة الجزاء على هذه الشعائر، فقيمة الجزاء على العمل بحسب أنفاس الإخلاص في هذا العمل.
ومعنى ﴿إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى..﴾ [الحج: ٣٣] ما دام الحق - سبحانه وتعالى - ذَيَّل الآية بقوله ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق..﴾ [الحج: ٣٣].
إذن: فالمراد هنا شعيرة الذَّبْح، ولا يخفى ما فيها من منافع حيث ننتفع بصوفها ووبرها ولبنها ولحمها، ونتخذها زينة وركوبة.
كل هذا ﴿إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى..﴾ [الحج: ٣٣] يعني: زمن معلوم، وهو حين تقول وتنوي: هذه هدية للحرم، ساعة تعقد هذه النية

صفحة رقم 9811

فليس لك الانتفاع بشيء منها، لا أنت ولا غيرك؛ لذلك يُميِّزونها بعلامة حتى إنْ ضلت من صاحبها يعرفون أنها مُهْداة لبيت الله، فلا يأخذها أحد.
وما دامت هذه منافع إلى أجل مسمى، فلا بُدَّ أنها المنافع الدنيوية، أما المنافع الأخروية فسوف تجدها فيما بعد في الآخرة.
ثم يقول سبحانه: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق﴾ [الحج: ٣٣] أي: بعد هذا الأجل المسمى ينتهي بها المطاف عند الحرم حيث تُذبَح هناك.
وقد كان للعلماء كلامٌ حول هذه الآية: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إلى البيت العتيق﴾ [الحج: ٣٣] حيث قالوا: محل الذَّبْح في مِنَى، وليس في مكة، والآية تقول، محلها البيت العتيق.

صفحة رقم 9812

نقول: الأصل كما جاء في الآية أن الذبح في مكة وفي الحرم، إلا أنهم لما استقذروا الذَّبْح في الحرم بسبب ما يُخلفه من قاذورات ودماء وخلافه نتيجة هذه العملية، فرُؤي أن يجعلوا الذبح بعيداً عن الحرم حتى يظل نظيفاً، وهذا لا يمنع الأصل، وهو أنْ يكون الذَّبْح في الحرم، كما جاء في آية أخرى: ﴿هَدْياً بَالِغَ الكعبة..﴾ [المائدة: ٩٥] وفي الحديث الشريف: «مكّةُ كلُّها مَنْحرٌ».
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ اسم الله على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام..﴾.

صفحة رقم 9813
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية