آيات من القرآن الكريم

وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ
ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ

شرح الكلمات:
خصمان: خصم مؤمن وخصم كافر كل واحد يريد أن يخصم صاحبه.
اختصموا في ربهم: أي في دينه.
قطعت لهم ثياب: أي فصلت لهم ثياب على قدر أجسامهم.
يصهر به ما في بطونهم: أي يذاب بالحميم وهو الماء الحار من شحوم وغيرها.
مقامع من حديد: جمع مقمعة وهى آلة من حديد كالمجن.
وذوقوا عذاب الحريق: أي يقال لهم توبيخاً وتقريعاً: ذوقوا عذاب النار.
ولؤلؤا: أي أساور من لؤلؤ محلاة بالذهب.
إلى الطيب من القول: هو شهادة أن لا إله إلا الله.
إلى صراط الحميد: أي إلى الإسلام إذ هو طريق الله الموصل إلى رضاه وجنته.
معنى الآيات:
قوله تعالى: ﴿هذان خصمان١﴾ الخصم الأول المسلمون والثاني أهل الشرك والكفر ﴿اختصموا في ربهم﴾ أي في دينه تعالى كل خصم يدعي أنه على الدين الحق، وماتوا على ذلك وفصل الله تعالى بينهم يوم القيامة ﴿فالذين كفروا﴾ وهم أهل الدين الباطل ادخلوا النار وفصلت٢ لهم ثياب من نار ﴿يصب من فوق رؤوسهم الحميم﴾ أي الماء الحار المنتهي في الحرارة، ﴿يصهر٣ به ما في بطونهم والجلود﴾ من لحم وشحم، ﴿ولهم مقامع من حديد﴾ يضربون بها و ﴿كلما أرادوا أن يخرجوا منها﴾ أي من النار بسبب ما ينالهم من غم عظيم ﴿أعيدوا فيها﴾ أي تجبرهم الزبانية على العودة إليها ولم تمكنهم من الخروج

١ روى مسلم عن قبس بن عبادة رضي الله عنه قال: سمعت أبا ذرّ يقسم قسماً: "إن هذان خصمان اختصموا في ربهم} أنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر وهم: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم، وعتبة وشيبة أبناء ربيعة والوليد ابن عتبة، وقال عليّ رضي الله عنه إني لأوّل من يجثو للخصومة بين يدي الله تعالى يوم القيامة. يريد قصته في المبارزة هذه، وعموم الآية يشمل الخصومة بين أهل الإسلام وأهل الكتاب، كما يشمل خصومة الجنة والنار لحديث مسلم "احتجت الجنة والنار فقالت هذه يدخلها الجبارون والمتكبرون، وقالت هذه يدخلها الضعفاء والمساكين فقال الله تعالى لهذه: أنت عذابي أعذب بك من أشاء وقال لهذه: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها".
٢ قطعت: فصلت أي: تقطّع لهم في الآخرة ثياب من نار، وذكر بلفظ الماضي لأنّ ما كان من أخبار الآخرة فالموعود منه كالواقع المحقق، كما قال تعالى ﴿وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس..﴾ أي: يقول الله وجائز أن يكون قد أعدّت لهم تلك الثياب ليلبسوها يوم القيامة وهذا أولى. وتلك الثياب من النحاس المذاب وهي السرابيل المذكورة ني سورة إبراهيم من قطران.
٣ الصَّهر: إذابة الشحم والصهارة: ما ذاب منه.

صفحة رقم 464

منها، ويقولون لهم: ﴿وذوقوا عذاب الحريق﴾ أي لا تخرجوا منها وذوقوا عذاب الحريق. فهذا جزاء الخصم الكافر، وأما الخصم المؤمن فهذا جزاؤه وهو في قوله تعالى: ﴿إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا١﴾ أي أساور٢ من لؤلؤ محلاة بالذهب ﴿ولباسهم فيها﴾ أي في الجنة ﴿حرير٣﴾ وقوله تعالى: ﴿وهدوا إلى الطيب من القول﴾ في الدنيا وهو لا إله إلا الله وسائر الأذكار والتسابيح وكل كلام طيب، ﴿وهدوا إلى صراط الحميد﴾ وهذا الطريق الموصل إلى رضا ربهم وهو الإسلام، وكل ذلك بتوفيق ربهم الذي آمنوا له وبرسوله وأطاعوه بفعل محابه وترك مساخطه.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- إثبات حقيقة هي أن المؤمن خصم الكافر والكافر خصم المؤمن في كل زمان ومكان حيث إن الآية نزلت في علي وحمزة وعبيدة بن الحارث هذا الخصم المؤمن، وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وهذا الخصم الكافر وذلك أنهم تقاتلوا يوم بدر بالمبارزة ونصر الله الخصم المؤمن على الكافر.
٢- بيان جزاء كل من الكافرين والمؤمنين في الدار الآخرة.
٣- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحوال الآخرة وما للناس فيها.
٤- بيان الطيب من القول وهو كلمة التوحيد وذكر الله تعالى.
٥- بيان صراط الحميد وهو الإسلام جعلنا الله من أهله.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥)

١ نصب على تقدير: ويحلَّون لؤلؤاً.
٢ قالت العلماء: ليس أحد من أهل الجنة إلاّ وفي يده ثلاثة أسورة. سوار من ذهب، وسوار من لؤلؤ وسوار من فضة.
٣ روى أبو داود بإسناد صحيح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو" وصحّ قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حُرمها في الآخرة".

صفحة رقم 465
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية