آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ

وقوله: ثانِيَ عِطْفِهِ: عبارة عن المُتَكَبِّرِ المُعْرِضِ قاله ابنُ عباس «١» وغيرُه وذلك أَنَّ صاحب الكبر يردُّ وجهه عَمَّنْ يتكبر عنه، فهو يَرُدُّ وجههُ يِصَعِّرُ خَدَّهُ، ويولي صَفْحَتَهُ، ويَلْوَيَ عُنُقَهُ، ويَثْنِي عِطْفَه، وهذه هي عبارات المفسرين، والعطف: الجانب.
وقوله تعالى: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ أي: يقال له ذلك، واخْتُلِفَ في الوقف على:
يَداكَ فقيل: لا يجوزُ: لأَنَّ التقدير: وبأَنَّ الله، أي: أنَّ هذا هو العدل فيك بجَرَائِمِكَ.
وقيل: يجوز بمعنى: والأمر أنّ الله ليس بظلّام للعبيد.
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١١ الى ١٨]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥)
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨)
وقوله سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ... الآية نزلت في أعراب، وقوم لا يَقِينَ لهم كان أحدُهم إذا أسلم فاتفق له اتفاقاتٌ حِسَانٌ: من نموِّ مال، وولد يُرْزَقُهُ، وغير ذلك- قال: هذا دِينٌ جَيِّدٌ، وتمسك به لهذه المعاني، وإنْ كان الأمر بخلاف ذلك، تشاءَم به، وارتد كما فعل العُرَنِيون، قال هذا المعنى ابن عباس «٢» وغيره.
وقوله: عَلى حَرْفٍ معناه: على انحرافٍ منه عن العقيدة البيضاء، وقال البخاريُّ «٣» :
عَلى حَرْفٍ: على شَكٍّ، ثم أسند عن ابن عباس ما تقدم من حال الأعراب، / انتهى. ٢٢ ب وقوله: يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ يريد الأوثانَ، ومعنى يَدْعُوا: يعبد، ويدعو أيضاً في مُلِمَّاتِهِ، واللام في قوله: لَمَنْ ضَرُّهُ: لام مُؤْذِنَةٌ بمجيء القسم، والثانية في لَبِئْسَ: لام القسم، والْعَشِيرُ: القريب المعاشر في الأمور.

(١) أخرجه الطبريّ (٩/ ١١٤) برقم (٢٤٩٤٤) بنحوه، وذكره ابن عطية (٤/ ١٠٩)، والسيوطي (٤/ ٦٢٣)، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ١١٥) رقم (٢٤٩٤٨) بنحوه، وذكره ابن عطية (٤/ ١١٠)، وابن كثير (٣/ ٢٠٩) بنحوه، والسيوطي (٤/ ٦٢٣)، وعزاه لابن أبي حاتم، وابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس.
(٣) ينظر: «صحيح البخاري» (٨/ ٢٩٦) كتاب التفسير باب وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ.

صفحة رقم 111

ت وفي الحديث في شأن النساء: «وَيَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ» يعني الزوج.
قال أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ «١» : قال أهل اللغة: العشير: الخليط من المعاشرة والمخالطة، ومنه قوله عز وجل: لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ انتهى من «التمهيد»، والذي يظهر: أَنَّ المراد بالمولى والعشير هو الوثن الذي ضَرُّهُ أقرب من نفعه، وهو قول مجاهد «٢»، ثم عَقَّبَ سبحانه بذكر حالة أهل الإيمان وذكر ما وعدهم به فقال: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ... الآية، ثم أَخذتِ الآية في توبيخ أولئك الأولين كأنه يقول: هؤلاء العابدون على حرف صحبهم القلق، وظَنُّوا أَنَّ الله تعالى لن ينصرَ محمداً وأتباعه، ونحن إنَّما أمرناهم بالصبر وانتظارِ وعدنا، فَمَنْ ظَنَّ غير ذلك فليمدد بسبب، وهو الحبل وليختنق هل يذهب بذلك غيظه؟ قال هذا المعنى قتادة «٣»، وهذا على جهة المَثَلِ السائر في قولهم: «دُونَكَ الحَبْلُ فاختنق»، والسَّماءِ على هذا القول: الهواء عُلُوّاً، فكأَنه أراد سقفاً أو شجرة، ولفظ البخاري: وقال ابن عباس: «بسبب إلى سَقْفِ البيتِ» «٤»، انتهى، والجمهورُ على أنَّ القطع هنا هو الاختناق.
قال الخليل: وقطع الرجل: إذا اختنق بحبل ونحوه، ثم ذكر الآية، ويحتمل المعنى مَنْ ظَنَّ أَنَّ محمداً لا ينصر فليمت كمداً هو منصور لا محالَة، فليختنق هذا الظانُّ غيظاً وكمداً، ويؤيد هذا: أَنَّ الطبري والنقاش قالا: ويُقال: نزلت في نفر من بني أَسَدٍ وغَطَفَانَ، قالوا: نخاف أَلاَّ يُنصرَ محمد فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا من يهودٍ من المنافع «٥»، والمعنى الأَوَّلُ الذي قيل للعابدين على حرف- ليس بهذا ولكنه بمعنى: مَنْ قلق واستبطأ النصر، وظَنَّ أن محمداً لا يُنْصَرُ فليختنق سفاهةً إذ تعدَّى الأمرُ الذي حد له في الصبر وانتظار صنع الله، وقال مجاهد: الضمير في يَنْصُرَهُ عائدٌ على مَنْ والمعنى: مَنْ كان من المتقلّقين من المؤمنين «٦»، وما في قوله: ما يَغِيظُ بمعنى الذي، ويحتمل أنْ تكونَ مصدرية حرفاً فلا عائد عليها، وأبينُ الوجوه في الآية: التأويل الأَوَّلُ وباقي الآية بيّن.
وقوله: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، أي: ساجدون مرحومون بسجودهم، وقوله:

(١) ينظر «التمهيد» (٣/ ٣٢٤).
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ١١٨) برقم (٢٤٩٥٨)، وذكره ابن عطية (٤/ ١١١)، وذكره ابن كثير (٣/ ٢١٠).
(٣) أخرجه الطبريّ (٩/ ١١٨) برقم (٢٤٩٥٩، ٢٤٩٦٠) نحوه، وذكره ابن عطية (٤/ ١١١)، وابن كثير (٣/ ٢١٠) نحوه، والسيوطي (٤/ ٦٢٣)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبريّ (٩/ ١١٩) برقم (٢٤٩٦٦)، وذكره ابن كثير (٣/ ٢١٠) نحوه، وذكره السيوطي (٤/ ٦٢٥)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٥) ذكره ابن عطية (٤/ ١١١).
(٦) ذكره البغوي (٣/ ٢٧٨)، وابن عطية (٤/ ١١١، ١١٢).

صفحة رقم 112
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية