آيات من القرآن الكريم

وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ
ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

وفى هذا إيماء إلى أنه تعالى حين وفى لهم بعهد الربوبية من الإحسان والإنعام وفوا له بعهد العبودية وهو الاشتغال بالطاعة والعبادة.
وبعد أن ذكر ما أنعم به على إبراهيم أتبعه بذكر ما أنعم به على لوط فقال:
(١) (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً) أي وآتينا لوطا الحكم وهو حسن الفصل بين الخصوم فى القضاء.
(٢) (وعلما) بأمر دينه وما يجب عليه لله من واجب الطاعة والإخبات له.
(٣) (وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ) أي ونجيناه من عذابنا الذي أحللناه بأهل تلك القرية التي كانت تعمل خبائث الأعمال، التي من أشنعها إتيان البيوت من غير أبوابها.
ثم بين السبب الذي دعاهم إلى ذلك فقال:
(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ) أي إن الذي حملهم على ذلك وجرأهم على ارتكابه أنهم كانوا خارجين عن طاعة الله، منتهكين حرماته، قد دسّوا أنفسهم بقبيح الأفعال والأقوال، فلا عجب إذا هم لجوا فى طغيانهم يعمهون.
(٤) (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) أي وجعلناه فى جملة من يستحقون رحمتنا ولطفنا، بإدخاله جنتنا، كما
جاء فى الحديث الصحيح: «قال الله عز وجل للجنة: أنت رحمتى، أرحم بك من أشاء من عبادى».
ثم ذكر علة هذا بقوله:
(إِنَّهُ مِنَ عبادنا الصَّالِحِينَ) الذين سبقت لهم منا الحسنى، إذ كان ممن يعملون بطاعتنا، فيأتمرون بأمرنا، وينتهون عن نهينا.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٧٦ الى ٧٧]
وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧)

صفحة رقم 54

تفسير المفردات
الكرب: الغم الشديد والمراد به هنا العذاب النازل بقومه وهو الغرق بعد أن لقى منهم الأذى، قوم سوء: أي منهمكين فى شرورهم وآثامهم.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه قصة إبراهيم وهو أبو العرب- أردفها بقصة نوح وهو الأب الثاني للبشر على المشهور من أن جميع الباقين بعد الطوفان من ذريته عليه السلام.
الإيضاح
(وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) أي واذكر أيها الرسول نبأ نوح إذ نادى ربه من قبلك ومن قبل إبراهيم، فسألنا أن نهلك قومه الذين كذبوا الله فيما توعدهم به من وعيده، وكذبوه فيما آتاهم به من الحق من عند ربه فقال: «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» وقال:
«أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ» فاستجبنا له دعاءه، ونجيناه وأهل الإيمان من ولده وأزواجهم، مما حل بالمكذبين من الغرق.
روى أنه بعث وهو ابن الأربعين ومكث فى قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، فذلك ألف وخمسون سنة
كذا فى التحبير.
(وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي ونصرناه على القوم الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا.
(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) لأنهم كانوا يسيئون الأعمال، فيعصون الله ويخالفون أوامره، ويتصدّون لأذى نبيهم، ويتواصون جيلا بعد جيل بمخالفة أمره، ورفع راية العصيان فى وجهه.

صفحة رقم 55
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية