على التعظيم لقوله: أَرْسَلْنا، وقرأ الباقون بالياء وفتح الحاء على الفعل المجهول.
أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً نزلت في خزاعة حيث قالوا:
الملائكة بنات الله سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ يعني الملائكة لا يَسْبِقُونَهُ لا يتقدّمونه بِالْقَوْلِ ولا يتكلّمون إلّا بما يأمرهم به.
وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى.
قال ابن عباس: هم أهل شهادة أن لا إله إلّا الله، وقال مجاهد: لمن رضي الله عنه، وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ خائفون وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ قال قتادة: عنى بهذه الآية إبليس لعنه الله حيث ادّعى الشركة، ودعا إلى عباده نفسه وأمر بطاعته، قال: لأنه لم يقل أحد من الملائكة إنّي إله من دون الله.
فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ الواضعين الإلهية والعبادة في غير موضعها.
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٣٠ الى ٥٠]
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣) وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤)
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥) وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦) خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩)
بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤)
قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩)
وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠)
أَوَلَمْ يَرَ قرأه العامّة بالواو، وقرأ ابن كثير ألم «١» وكذلك هو في مصاحفهم. «يَرَ» يعلم الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما.
قال ابن عباس والضحاك وعطاء وقتادة: يعني كانتا شيئا واحدا ملتزقتين ففصل الله سبحانه بينهما بالهواء.
قال كعب: خلق الله سبحانه السموات والأرضين بعضها على بعض ثمّ خلق ريحا توسّطتها ففتحها بها.
وقال مجاهد وأبو صالح والسدّي: كانت السموات مرتقة طبقة واحدة، ففتقها فجعلها سبع سموات، وكذلك الأرضون كانت مرتقة طبقا واحدا ففتقها فجعلها سبع أرضين.
عكرمة وعطية وابن زيد: كانت السماء رتقا لا تمطر، والأرض رتقا لا تنبت ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات، نظيره قوله سبحانه وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ «٢» وأصل الرتق السدّ ومنه قيل للمرأة التي فرجعها ملتحم رتقا، وأصل الفتق الفتح، وإنّما وحّد الرتق وهو من نعت السموات والأرض لأنّه مصدر، وضع موضع الاسم مثل الزور والصوم والفطر والعدل ونحوها.
وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ يعني أنّ كلّ شيء حىّ فإنّه خلق من الماء، نظيره قوله سبحانه وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ.
أَفَلا يُؤْمِنُونَ. وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها أي في الرواسي فِجاجاً طرقا ومسالك واحدها فج ثمّ، فسّر فقال سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ. وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً من أن تسقط، دليله قوله سبحانه وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ «٣» وقيل: محفوظا من الشياطين، دليله قوله سبحانه وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ «٤».
وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ فلا يتفكّرون فيها ولا يعتبرون بها يعني الكفار.
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يجرون ويسيرون، والفلك مدار النجوم الذي يضمّها، ومنه فلكة المغزل.
قال مجاهد: كهيئة حديدة الرّحا، الضحّاك: فلكها: مجراها وسرعة سيرها.
(٢) الطارق: ١٢.
(٣) الحجّ: ٦٥.
(٤) الحجر: ١٧.
وقال آخرون: الفلك موج مكفوف تجري الشمس والقمر والنجوم فيه.
وقال بعضهم: الفلك السماء الذي فيه ذلك الكوكب، وكلّ كوكب يجري في السّماء الذي قدّر فيه وهو بمعنى قول قتادة.
وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ دوام البقاء في الدنيا أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ أي أفهم الخالدون؟ كقول الشاعر:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع | فقلت وأنكرت الوجوه هم هم «١» |
كُلُّ نَفْسٍ منفوسة ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ نختبركم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ابتلاء لننظر كيف شكركم فيما تحبّون، وكيف صبركم فيما تكرهون.
وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ ما يتّخذونك إِلَّا هُزُواً سخريّا ويقول بعضهم لبعض أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ بسوء ويعيبها، قال عنترة:
لا تذكري فرسي وما أطعمته | فيكون جلدك مثل جلد الأجرب «٢» |
خُلِقَ الْإِنْسانُ يعني آدم، قرأ العامّة: بضم الخاء وكسر اللام على غير تسمية الفاعل، وقرأ حميد والأعرج بفتح الخاء واللام يعني خلق الله الإنسان مِنْ عَجَلٍ اختلفوا فيه فقال بعضهم: يعني أنّ بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع، نظيره قوله وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا «٣».
قال سعيد بن جبير والسدي: لمّا دخل الروح في عيني آدم نظر إلى ثمار الجنّة، فلمّا دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ.
وقال آخرون: معناه خلق الإنسان من تعجيل في خلق الله إيّاه، وقالوا: خلقه في آخر النهار يوم الجمعة قبل غروب الشمس فأسرع في خلقه قبل مغيبها.
قال مجاهد: خلق الله آدم بعد كلّ شيء آخر النهار من يوم خلق الخلق، فلمّا أحيا الروح رأسه ولم يبلغ أسفله قال: يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس.
وقال بعضهم: هذا من المقلوب مجازه: خلق العجل من الإنسان كقول العرب: «عرضت
(٢) لسان العرب: ٤/ ٣١٠.
(٣) الإسراء: ١١.
الناقة على الحوض» يريدون: عرضت الحوض على الناقة وكقولهم: إذا طلعت الشمس الشعرى، واستوى العود على الحربا أي استوى الحربا على العود. وقال ابن مقبل:
حسرت كفّي عن السربال آخذه | فردا يجرّ على أيدي المفدينا «١» |
وقال أبو عبيد: وكثير من أهل المعاني يقولون: العجل الطين بلغة حمير، وانشدوا:
النبع تنبت بين الصخر ضاحية | والنخل ينبت بين الماء والعجل «٢» |
سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ بالعذاب وسؤال الآيات وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ الذي تعدنا من العذاب، وقيل: القيامة، وتقديره الموعود إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
قال الله سبحانه لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ يمنعون عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ السياط وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ وفي الآية اختصار يعني لمّا أقاموا على كفرهم ولم يتوبوا.
بَلْ تَأْتِيهِمْ يعني الساعة بَغْتَةً فجأة فَتَبْهَتُهُمْ قال ابن عباس: تفجأهم، وقال الفرّاء: تحيّرهم. فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ يحفظكم ويحرسكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ إذا انزل بكم عذابه، ومعنى الآية: من أمر الرّحمن وعذابه.
ثم قال سبحانه بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ كتاب ربّهم مُعْرِضُونَ. أَمْ لَهُمْ الميم صلة فيه وفي أمثاله آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ فكيف ينصرون عابديهم.
وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ قال ابن عباس: يمنعون، عطية عنه: يجارون، يقول العرب: أنا لك جار وصاحب من فلان أي مجير عنه.
مجاهد: ينصرون ويحفظون، قتادة: لا يصحبون من الله بخير.
بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ الكفّار وَآباءَهُمْ في الدنيا حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها يعني ما ننقص من أطراف المشركين ونزيد في أطراف المؤمنين.
أَفَهُمُ الْغالِبُونَ أم نحن قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ بالقرآن وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ
(٢) لسان العرب: ١١/. ٤٢٨ والعبارة: والنبع في الصخرة الصمّاء منبتة. والنخل ينبت بين الماء والعجل. [.....]
قرأ أبو عبد الرّحمن السلمي بضم الياء وفتح الميم، الضم رفع بمعنى أنّه لا يفعل بهم ذلك على مذهب ما لم يبين فاعله.
وقرأ ابن عامر «تسمع» بتاء مضمومة وكسر الميم والصمَّ نصبا، جعل الخطاب للنبي (عليه السلام)، وقرأ الآخرون: «يَسْمَعُ» بياء مفتوحة وفتح الميم الصُّمُّ رفع على أنّ الفعل لهم إِذا ما يُنْذَرُونَ يخوّفون ويحذّرون.
وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ أصابتهم نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ قال ابن عباس: طرف، مقاتل وقتادة:
عقوبة، ابن كيسان: قليل، ابن جريج: نصيب، من قولهم: نفح فلان لفلان إذا أعطاه قسما «١» وحظّا منه، بعضهم: ضربة، من قول العرب: نفحت الدابة برجلها إذا ضربت بها. قال الشاعر:
وعمرة من سروات النساء | تنفح بالمسك أردانها «٢» |
قال مجاهد: هذا مثل، وإنّما أراد بالميزان العدل.
فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً لا ينقص من حسناته ولا يزاد على سيّئاته.
يروى أنّ داود (عليه السلام) سأل ربّه أن يريه الميزان فأراه، فلمّا رآه غشي عليه ثم أفاق، فقال: يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفّته حسنات؟ فقال: يا داود إنّي إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة.
فان قيل: كيف وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله سبحانه فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً «٣» ؟ فالجواب: إن المعنى فيه: لا نقوّمها ولا تستقيم على الحقّ، [من ناقصه سائله] «٤» لأنها باطلة.
وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ رفع أهل المدينة المثقال بمعنى: وان وقع، وحينئذ لا خبر له ونصبها الباقون على معنى: وإن كان ذلك الشيء مثقال، ومثله في سورة لقمان أَتَيْنا بِها أحضرناها، وقرأ مجاهد: آتينا بالمدّ أي جازينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ. وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ يعني الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل وهو التوراة.
(٢) تفسير القرطبي: ١١/ ٢٩٣.
(٣) الكهف: ١٠٥.
(٤) كذا في المخطوط.