والمعنى لو علموا الوقت الذي يستعجلونه بقولهم متى هذا الوعد وهو حين تحيط بهم النار من كل جانب بحيث لا يقدرون على دفعها ولا يجدون ناصرا يمنعها لما استعجلوا وتخيصص الوجوه والظهور يعنى القدام والخلف لكونهما اشرف الجوانب واستلزام الإحاطة بهما للاحاطة بالكل بَلْ تَأْتِيهِمْ العدة بَغْتَةً البغتة مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب اى فجأة: وبالفارسية [ناكهان] وهو مصدر لان البغتة نوع من الإتيان او حال اى باغتة فَتَبْهَتُهُمْ [پس مبهوت ومتحير كرداند ايشان] والبهت الحيرة قال الامام وانما لم يعلم الله وقت الموت والساعة لان المرء مع الكتمان أشد حذرا واقرب الى التدارك قال بعض الكبار من بهته شىء من الكون فهو لمحله عنده وغفلته عن مكنونه ومن كان فى قبضة الحق وحضرته لا يبهته شىء لانه قد حصل فى محل الهيبة من منازل القدس فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها اى العدة فان المراد بها العذاب او النار او الساعة وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ من الانظار بمعنى الامهال والتأخير اى لا يمهلون ليستريحوا طرفة عين او يتولوا او يعتذروا او من النظر اى لا ينظر إليهم ولا الى تضرعهم وفيه اشارة الى انه لو علم اهل الإنكار قبل ان يكافئهم الله على انكارهم نار القطيعة والحسرة والبعد والطرد لما أقاموا على انكارهم ولتابوا ورجعوا الى طلب الحق وعلم منه ان أعظم المقاصد هو طلب الحق والوصول اليه فكما ان من ادب الظاهر ان يحفظ المرء بصره عن الالتفات الى يمينه وشماله فكذا من ادب الباطن ان يصون بصيرته عن النظر الى ما سوى الله تعالى ولا يحصل غالبا الا بالسلوك والاسترشاد من اهل الله تعالى فلابد من إفناء الوجود فانه طريق المقصود- حكى- ان ليلى لما كسرت اناء قيس المجنون رقص ثلاثة ايام من الشوق فقيل ايها المجنون كنت تظن ان ليلى تحبك وهى تعطى ما أعطته لغيرك فضلا عن المحبة فقال انما المجنون من لم يتفطن لهذا السر أشار الى ان كسر الوعاء عبارة عن الافناء واعلم ان من المتفق عليه شرعا وعقلا وكشفا ان كل كمال لم يحصل للانسان فى هذه النشأة وهذه الدار فانه لا يحصل له بعد الموت فى الدار الآخرة كما فى الفكوك لحضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره فعلم منه ان زمان الفرصة غنيمة وان وقت الموت إذا جاء بغتة لا يقدر المرء ان يستأخر ويتدارك حاله: قال الشيخ سعدى قدس سره
خبر دارى اى استخوانى قفس
كه جان تو مرغيست نامش نفس
چومرغ از قفس رفت بگسست قيد
دكرره نكردد بسعى تو صيد
نكه دار فرصت كه عالم دميست
دمى پيش دانا به از عالميست
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسول الله ﷺ عن استهزائهم به اى بالله لقد استهزئ برسل اولى شأن خطير وذوى عدد كثير كائنين من زمان قبل زمانك كما استهزأ بك قومك فصبروا ففيه حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يقال حاق به يحيق حيقا أحاط به وحاق بهم الأمر لزمهم ووجب عليهم وحاق نزل ولا يكاد يستعمل الا فى الشر والحيق ما يشمل الإنسان من مكروه فعل وبالذين متعلق بحاق وضمير منهم للرسل والموصول فاعل حاق. والمعنى فاحاط بهم عقيب
صفحة رقم 482
ذلك العذاب الذي كانوا به يستعجلون ووضع يستهزئون موضع يستعجلون لان استعجالهم كان على جهة الاستهزاء وهو وعد له بان ما يفعلون به يحيق بهم كما خاق بالمستهزئين بالأنبياء ما فعلوا يعنى جزاءه قُلْ يا محمد للمستهزئين بطريق التقريع والتبكيت مَنْ استفهام يَكْلَؤُكُمْ الكلأ حفظ الشيء وتبقيته والكالئ الذي يحفظ اى يحفظكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ اى فيهما مِنَ الرَّحْمنِ اى من بأسه الذي يستحقون نزوله ليلا او نهارا ان أراد بكم اى لا يمنعكم من عذابه الا هو وفى ذكر الرحمن تنبيه على انه لا كالئ غير رحمته العامة وان اندفاعه بمهلته وتقديم الليل لما ان الدواهي اكثر فيه وقوعا وأشد وقعا بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ لا يخطرون ذكره تعالى ببالهم فضلا عن ان يخافوا الله ويعدّوا ما كانوا عليه من الامن والدعة حفظا وكلاءة حتى يسألوا عن الكالئ اى دعهم عن هذا السؤال لانهم لا يصلحون له لاعراضهم عن ذكر الله تعالى وفى التأويلات النجمية المحجوبون بحجب البشرية أرجى صلاحا من المحجوبين بحجب الروحانية لانهم مقرون بجهالتهم وهؤلاء مغرورون بمقالتهم واهل الحجب البشرية معرضون عن ذكر ربهم وطلبه لاشتغالهم بلوازم البشرية واهل الحجب الروحانية معرضون عن ذكر ربهم ومعرفته بحسبانهم بمعارف المعقولات: قال الكمال الخجندي
بشكن بت غرور كه در دين عاشقان
يك بت كه بشكنند به از صد عبادتست
وقال الصائب
بفكر نيستى هركز نمى افتند مغروران
اگر چهـ صورت مقراض لا دارد كريبانها
أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا أم منقطعة اى بل لهم آلهة تمنعهم من العذاب متجاوزة منعنا فهم معتمدون عليها اى ليس لهم لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ استئناف مقرر لما قبله من الإنكار وموضح لبطلان اعتقادهم اى هم لا يقدرون ان ينصروا أنفسهم: يعنى [اگر كسى با ايشان مكروهى خواهد از كسر وقلع وتلويث وأمثال آن از خود دفع نتوانند كرد] ولا يصحبون بالنصر من جهتنا قال الراغب لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفق ونحو ذلك مما يصحب أولياءنا فكيف يتوهم ان ينصروا غيرهم وقال ابن عباس رضى الله عنهما يصحبون يمنعون بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ المتاع انتفاع ممتد الوقت يقال متعه الله بكذا وأمتعة وتمتع به: يعنى [بلكه ما بر خوردارى داديم آن كروه را بجهت سعت معيشت وايمنى وسلامتى و پدر ايشانرا] حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ بضم الميم وسكونها اسم لمدة عمارة البدن بالحياة اى طال عليهم الاجل فى التمتع فاغتروا وحسبوا انهم ما زالوا على ذلك لا يغلبون [وندانستند كه دست أجل بر هم زند اين بنا كه افراشته] أَفَلا يَرَوْنَ اى ألا ينظرون فلا يرون أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ ارض الكفرة التي هى دار الحرب نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها بتسليط المؤمنين عليها فكيف يتوهمون انهم ناجون من بأسنا والجملة خبر بعد خبر او حال او بدل والأطراف جمع طرف بالتحريك وهو ناحية من النواحي وطائفة من الشيء قالوا هذا تمثيل وتصوير لما يخربه الله من ديارهم على أيدي
صفحة رقم 483