
الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)
شرح الكلمات:
لا يكفون: أي لا يمنعون ولا يدفعون النار عن وجوههم.
بل تأتيهم بغتة: أي تأتيهم القيامة بغتة أي فجأة.
فتبهتهم: أي تُحيرهم.
ولا هم ينظرون: أي يمهلون ليتوبوا.
وحاق بهم: أي نزل بهم العذاب الذي كانوا به يستهزئون.
من يكلؤكم: أي من يحفظكم ويحرسكم.
من الرحمن: أي من عذابه إن أراد إنزاله بكم.
بل هم عن ذكر ربهم معرضون: أي هم عن القرآن معرضون فلا يستمعون إليه ولا يفكرون فيه.
ولا هم منا يصحبون: أي لا يجدون من يجيرهم من عذابنا.
معنى الآيات:
يقول تعالى ﴿لو١ يعلم الذين كفروا﴾ المستعجلون بالعذاب المطالبون به حين أي الوقت الذي يُلقون فيه في جهنم والنار تأكل وجوههم وظهورهم، ولا يستطيعون أن يمنعوا أنفسهم منها ولا هم ينصرون بمن يدفع العذاب عنهم لو علموا هذا وأيقنوا به لما طالبوا بالعذاب ولا استعجلوا يومه وهو يوم القيامة، هذا ما دل عليه قوله تعالى: ﴿لو يعلم الذين٢ كفروا حين٣ لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون﴾ وقوله تعالى:
٢ جواب لو: محذوف كما تقدم آنفاً، والغرض من حذفه تحويل جنسه فتذهب نفس السامع كل مذهب. وجملة: ﴿لو يعلمون..﴾ الخ مستأنفة استئنافاً بيانياً.
٣ ﴿حين﴾ اسم زمان منصرف منصوب على المفعولية لا على الظرفية أي: لو علموا وقته وأيقنوا بحصوله لما كذّبوا به.

﴿بل تأتيهم١ بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون﴾ أي أن القيامة لا تأتيهم على علم منهم بوقتها وساعتها فيمكنهم بذلك التوبة، وإنما تأتيهم ﴿بغتة﴾ أي فجأة ﴿فتبهتهم﴾ أي فتحيرهم ﴿فلا يستطيعون ردها، ولا هم ينظرون﴾ أي يمهلون ليتوبوا من الشرك والمعاصي فينجوا من عذاب النار، وقوله تعالى: ﴿ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون﴾ وهو العذاب هذا القول للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعزية له وتسلية ليصبر على ما يلاقيه من استهزاء قريش به واستعجالهم العذاب، إذ حصل مثله للرسل قبله فصبروا حتى نزل العذاب بالمستهزئين بالرسل عليهم السلام. وقوله تعالى: ﴿قل من٢ يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن﴾ يأمر تعالى رسوله أن يقول للمطالبين بالعذاب المستعجلين له: ﴿من يكلؤكم بالليل والنهار﴾ أي من يجيركم من الرحمن إن أراد أن يعذبكم، إنه لا أحد يقدر على ذلك إذاً فلم لا تتوبون إليه بالإيمان والتوحيد والطاعة له ولرسوله، وقوله: ﴿بل هم عن ذكر ربهم معرضون﴾ إن علة عدم استجابتهم للحق هي إعراضهم عن القرآن الكريم وتدبر آياته وتفهم معانيه. وقوله: ﴿أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا﴾ ينكر تعالى أن يكون للمشركين آلهة تمنعهم من عذاب الله متى نزل بهم ويقرر أن آلهتهم لا تستطيع نصرهم ﴿ولا٣ هم منا يصحبون﴾ أي وليس هناك من يجيرهم من عذاب الله من آلهتهم ولا من غيرها فلا يقدر أحد على إجارتهم من عذاب الله متى حل بهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير أن الساعة لا تأتي إلا بغتة.
٢- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
٣- تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما كان عليه الرسل من قبله وما لا قوه من أُممهم.
٢ يكلأكم: أي يحرسكم ويحفظكم إذ الكلاءة: الحفظ والحراسة يقال: كلاه الله كلاءة أي: حفظه وحرسه ومنه قول الشاعر:
إنّ سليمى والله يكلأها
ضنّت بشيء ما كان يرزؤها
والاستفهام في: من يكلأكم: للنفي.
٣ فسر يصحبون بيمنعون، ويجارون قال الشاعر:
ينادي بأعلى صوته متعوذاً
ليصحب منها والرماح دواني