آيات من القرآن الكريم

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ
ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ

وقال الكلبي: هي حصون بني أزد (١).
﴿كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ أي: كافرة، يعني أهلها ﴿وَأَنْشَأْنَا﴾ وأحدثنا وأوجدنا "بعدها" بعد إهلاك أهلها (٢) ﴿قَوْمًا آخَرِينَ﴾.
١٢ - قوله: ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا﴾ أي: رأوا عذابنا بحاسة البصر. ويجوز أن يكون المعنى لما ذاقوا عذابنا (٣).
قال المفسرون: هؤلاء كانوا عربا كذبوا بنبيهم وقتلوه؛ فسلط الله عليهم بُخْتُنَصّر (٤) حتى قتلهم وسباهم ونكأ فيهم (٥) (٦).
ومعنى البأس هاهنا: القتل بالسيوف.

= واللفظ لابن جزي وابن حيان: عن ابن عباس قال: قرية باليمن يقال لها حضور، وعند أبي حيان: حضوراء. قال الزمخشري: وظاهر الآية على الكثرة، ولعل ابن عباس ذكر حضور بأنها إحدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية. وقال ابن جزي: وظاهر اللفظ أنه على العموم؛ لأن (كم) للتكثير، فلا يريد قرية معينة، وقال أبو حيان: وما روي عن ابن عباس.. ، فيحمل على سبيل التمثيل لا على التعيين في القرية؛ لأن كم تقتضي التكثير.
(١) في جميع النسخ: (أريد)، والتصويب من تفسير عبد الرزاق، وصفة جزيرة العرب للهمداني (ص ١٥٦)، "الدر المنثور"، وغيرها.
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٣/ ٢٢، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦١٨ وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) انظر: البغوي ٥/ ٣١٢، وابن الجوزي ٥/ ٣٤٢، والقرطبي ١١/ ٢٧٤.
(٤) بضم الباء والتاء وفتح النون والصاد المشددة قيل هو ابن الملك "نابو بولصر" ملك بابل، فتولى بعد أبيه. وقال الأصمعي: إنما هو"بوختنصر".
(٥) في (أ)، (ت): (ونكأ فيهم)، مهملة.
(٦) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٢٨ أ. وانظر ما تقدم من التعليق على قول ابن عباس.

صفحة رقم 28

وقوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ يفرون، وينهزمون، ويهربون من العذاب. هذا قول المفسرين (١).
وأصل معنى الركض في اللغة: ضرب الرجل مَرْكَلَي (٢) الدابة برجليه.
يقال: ركض الفرس، إذا كده (٣) بساقيه، فلما كثر هذا على ألسنتهم استعملوه في الدواب، فقالوا: هي تركض، كأن الركض منها، وأصل الركض: الضرب (٤).
يقال: ركضت المرأة ذيلها عند المشي، إذا ضربنه برجلها، وركض (٥) البعير كما يقال: رمح ذو الحافر، ومنه قوله: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾ [ص: ٤٢] أي: اضرب الأرض بها، وقد ركض الرجل إذا فَرَّ وعدا (٦).
والأصمعي يقول: ركضت الدابة (٧)، ولا يقال: ركض هو (٨).

(١) كمجاهد والسدي والربيع وغيرهم. انظر: "الطبري" ١٧/ ٨، "الدر المنثور" للسيوطي ٥/ ٦١٨.
(٢) في جميع النسخ: (من كلي)، والصواب: (مر كلي) كما في "التهذيب" للأزهري ١٠/ ٣٧، وغيره. قال الجوهري في "الصحاح" ٤/ ٧١١٢ (ركل): (ومَرَاكل الدابة: حيث يركلها الفارس برجله إذا حركه للركض، وهما مركلان.
(٣) في (د)، (ع): (أكده).
(٤) الضرب: ساقط من (أ)، (ت).
(٥) في (أ): (فركض).
(٦) هذا الكلام في معنى الركض منقول عن "تهذيب اللغة" للأزهري ١٠/ ٣٧ - ٣٩ "ركض" مع تصرف وحذف. وانظر: (ركض) في "الصحاح"، للجوهري ٣/ ١٠٧٩ - ١٠٨٠.
(٧) (الدابة): ساقطة من (أ)، (ت).
(٨) قول الأصمعي في "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٩ (ركض).

صفحة رقم 29

وقال شِمْر (١): وقد وجدنا في كلامهم: رَكَضَت الدابة في سيرها، وركض الطائر في طيرانه (٢). ومنه قوله:
لو كان يُدْرِكُه رَكضُ اليعاقيب (٣)
وقال سيبويه (٤): ركضت (٥) الدابة وركضته (٦).
وقوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ [يجوز أن يكون المعنى: يركضون دوابهم] (٧)، [ويجوز أن يكون المعنى: يركضون] (٨) هم بأنفسهم

(١) ضبط هذا الاسم محقق "تهذيب اللغة" للأزهري هكذا: شِمْر، بكسر الشين وسكون الميم.
وضبط في بعض مصادر ترجمته المطبوعة هكذا: شَمِر، بفح الشين وكسر الميم. وضبط في بعضها: شَمْر.
(٢) قول شمر في "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٩ مادة (ركض).
(٣) هذا عجز بيت لسلامة بن جندل السعدي يصف فيه الشباب الذاهب، وصدره:
ولى حثيثا وهذا الشيب يطلبه
وهو في "ديوانه" ص ٩١، "المفضليات" ص ١١٩، "الشعر والشعراء" لابن قتيبة ص ١٦٦، "مقاييس اللغة" ٢/ ٢٩ (حث)، "تهذيب اللغة" للأزهري ١/ ٢٧٨ (عقب)، المحكم لابن سيده ٦/ ٤٣٤ (ركض)، "لسان العرب" ٢/ ٦٢٢ (عقب). واليعاقيب في البيت قيل: يعني اليعاقيب من الخيل، سميت بذلك تشبيها بيعاقيب الحجل لسرعتها، وقيل: يعني ذكرر الحجل. انظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٧٨، "لسان العرب" ١/ ٦٢٢.
(٤) (سيبويه): ساقط ميت (أ).
(٥) هكذا في (ع). وفي باقي النسخ: (ركض)، والمثبت هو الموافق لما في الكتاب.
(٦) "الكتاب" ٤/ ٥٨، وفيه: (وركضتها).
(٧) ساقط من (ت).
(٨) ساقط من (د)، (ع).

صفحة رقم 30
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية