
وقال الكلبي: هي حصون بني أزد (١).
﴿كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ أي: كافرة، يعني أهلها ﴿وَأَنْشَأْنَا﴾ وأحدثنا وأوجدنا "بعدها" بعد إهلاك أهلها (٢) ﴿قَوْمًا آخَرِينَ﴾.
١٢ - قوله: ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا﴾ أي: رأوا عذابنا بحاسة البصر. ويجوز أن يكون المعنى لما ذاقوا عذابنا (٣).
قال المفسرون: هؤلاء كانوا عربا كذبوا بنبيهم وقتلوه؛ فسلط الله عليهم بُخْتُنَصّر (٤) حتى قتلهم وسباهم ونكأ فيهم (٥) (٦).
ومعنى البأس هاهنا: القتل بالسيوف.
(١) في جميع النسخ: (أريد)، والتصويب من تفسير عبد الرزاق، وصفة جزيرة العرب للهمداني (ص ١٥٦)، "الدر المنثور"، وغيرها.
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٣/ ٢٢، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٦١٨ وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) انظر: البغوي ٥/ ٣١٢، وابن الجوزي ٥/ ٣٤٢، والقرطبي ١١/ ٢٧٤.
(٤) بضم الباء والتاء وفتح النون والصاد المشددة قيل هو ابن الملك "نابو بولصر" ملك بابل، فتولى بعد أبيه. وقال الأصمعي: إنما هو"بوختنصر".
(٥) في (أ)، (ت): (ونكأ فيهم)، مهملة.
(٦) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٢٨ أ. وانظر ما تقدم من التعليق على قول ابن عباس.

وقوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ يفرون، وينهزمون، ويهربون من العذاب. هذا قول المفسرين (١).
وأصل معنى الركض في اللغة: ضرب الرجل مَرْكَلَي (٢) الدابة برجليه.
يقال: ركض الفرس، إذا كده (٣) بساقيه، فلما كثر هذا على ألسنتهم استعملوه في الدواب، فقالوا: هي تركض، كأن الركض منها، وأصل الركض: الضرب (٤).
يقال: ركضت المرأة ذيلها عند المشي، إذا ضربنه برجلها، وركض (٥) البعير كما يقال: رمح ذو الحافر، ومنه قوله: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ﴾ [ص: ٤٢] أي: اضرب الأرض بها، وقد ركض الرجل إذا فَرَّ وعدا (٦).
والأصمعي يقول: ركضت الدابة (٧)، ولا يقال: ركض هو (٨).
(٢) في جميع النسخ: (من كلي)، والصواب: (مر كلي) كما في "التهذيب" للأزهري ١٠/ ٣٧، وغيره. قال الجوهري في "الصحاح" ٤/ ٧١١٢ (ركل): (ومَرَاكل الدابة: حيث يركلها الفارس برجله إذا حركه للركض، وهما مركلان.
(٣) في (د)، (ع): (أكده).
(٤) الضرب: ساقط من (أ)، (ت).
(٥) في (أ): (فركض).
(٦) هذا الكلام في معنى الركض منقول عن "تهذيب اللغة" للأزهري ١٠/ ٣٧ - ٣٩ "ركض" مع تصرف وحذف. وانظر: (ركض) في "الصحاح"، للجوهري ٣/ ١٠٧٩ - ١٠٨٠.
(٧) (الدابة): ساقطة من (أ)، (ت).
(٨) قول الأصمعي في "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٩ (ركض).

وقال شِمْر (١): وقد وجدنا في كلامهم: رَكَضَت الدابة في سيرها، وركض الطائر في طيرانه (٢). ومنه قوله:
لو كان يُدْرِكُه رَكضُ اليعاقيب (٣)
وقال سيبويه (٤): ركضت (٥) الدابة وركضته (٦).
وقوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ﴾ [يجوز أن يكون المعنى: يركضون دوابهم] (٧)، [ويجوز أن يكون المعنى: يركضون] (٨) هم بأنفسهم
وضبط في بعض مصادر ترجمته المطبوعة هكذا: شَمِر، بفح الشين وكسر الميم. وضبط في بعضها: شَمْر.
(٢) قول شمر في "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٩ مادة (ركض).
(٣) هذا عجز بيت لسلامة بن جندل السعدي يصف فيه الشباب الذاهب، وصدره:
ولى حثيثا وهذا الشيب يطلبه
وهو في "ديوانه" ص ٩١، "المفضليات" ص ١١٩، "الشعر والشعراء" لابن قتيبة ص ١٦٦، "مقاييس اللغة" ٢/ ٢٩ (حث)، "تهذيب اللغة" للأزهري ١/ ٢٧٨ (عقب)، المحكم لابن سيده ٦/ ٤٣٤ (ركض)، "لسان العرب" ٢/ ٦٢٢ (عقب). واليعاقيب في البيت قيل: يعني اليعاقيب من الخيل، سميت بذلك تشبيها بيعاقيب الحجل لسرعتها، وقيل: يعني ذكرر الحجل. انظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٢٧٨، "لسان العرب" ١/ ٦٢٢.
(٤) (سيبويه): ساقط ميت (أ).
(٥) هكذا في (ع). وفي باقي النسخ: (ركض)، والمثبت هو الموافق لما في الكتاب.
(٦) "الكتاب" ٤/ ٥٨، وفيه: (وركضتها).
(٧) ساقط من (ت).
(٨) ساقط من (د)، (ع).