آيات من القرآن الكريم

وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه قال معاذ الله ان اعلمه لاحد وأنت حى فقال خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه أسدين عظيمين فاتحين افواههما ولما حضرته الوفاة قال لخادمه ان لك على حقا اى حق الخدمة فعلمه الدعاء المذكور وقال له قل (بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شىء فى الأرض ولا فى السماء) ثم ان هذا فى الدنيا واما فى الآخرة فيحفظه من النار والعذاب واعلم ان موسى نصح فرعون ولكن لم ينجعه الوعظ فلم يدر قدره ولم يقبل فوصل من طريق الرد والعناد الى الغرق والهلاك نعوذ بالله رب العباد فعلى العاقل ان يستمع الى الناصح: قال الحافظ

امروز قدر پند عزيزان شناختم يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد
قوله امروز يريد به وقت الشيخوخة وفيه اشارة الى ان وقت الشباب ليس كوقت الكهولة ولذا ترى اكثر الشباب منكبين على سماع الملاهي معرضين عن الناصح الإلهي فمن هداه الله تعالى رجع الى نفسه ودعا لناصحه لانه ينصح حروفه بالفارسية [ميدوزد دريدهاى او] ولا بد للسالك من مرشد ومجاهدة ورياضة فان مجرد وجود المرشد لا ينفعه مادام لم يسترشد ألا ترى ان فرعون عرف حقية موسى وما جاء به لكنه ابى عن سلوك طريقه فلم ينتفع به فالاول الاعتقاد ثم الإقرار ثم الاجتهاد وقد قال بعضهم «ان السفينة لا تجرى على اليبس» والنفس تجر الى الدعة والبطالة وقد قال تعالى انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا فالعبادة لازمة الى ان يأتى اليقين حال النشاط والكراهة والجهاد ماض الى يوم القيامة: قال المولى الجامى قدس سره
بي رنج كسى چون نبرد ره بسر گنج آن به كه بكوشم بتمنا ننشينم
نسأل الله تعالى ان يوفقنا لطريق مرضاته ويوصلنا الى جناب حضرته يا بَنِي إِسْرائِيلَ اى قلنا لهم بعد إغراق فرعون وقومه وانجائهم منهم قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فرعون وقومه حيث كانوا يذبحون ابناءكم ويستحيون نساءكم ويستخدمونكم فى الأعمال الشاقة والعدو يجئ فى معنى الوحدة والجماعة وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ بالنصب على انه صفة للمضاف اى واعدناكم بوساطة نبيكم إتيان جانبه الايمن نظرا الى السالك من مصر الى الشام والا فليس للجبل يمين ولا يسار اى إتيان موسى للمناجاة وإنزال التوراة عليه ونسبة المواعدة إليهم مع كونها لموسى نظرا الى ملابستها إياهم وسراية منفعتها إليهم وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ هو شىء كالطل فيه حلاوة يسقط على الشجر يقال له الترنجبين معرب «كرنكبين» وَالسَّلْوى طائر يقال له السمانى كان ينزل عليهم المن وهم فى التيه مثل الثلج من الفجر الى الطلوع لكل انسان صاع ويبعث عليهم الجنوب السمانى فيذبح الرجل ما يكفيه والتيه المفازة التي يتاه فيها وذلك حين أمروا بان يدخلوا مدينة الجبارين فابوا ذلك فعاقبهم الله بان يتيهوا فى الأرض أربعين سنة كما مر فى سورة المائدة ومثل ذلك كمثل الوالد المشفق يضرب ولده العاصي ليتأدب وهو لا يقطع عنه إحسانه فقد ابتلوا بالتيه ورزقوا بما لا تعب فيه

صفحة رقم 410

اى كريمى كه از خزانه غيب كبر وترسا وظيفه خوردارى
دوستانرا كجا كنى محروم تو كه با دشمنان نظر دارى
كُلُوا اى وقلنا لكم كلوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى من لذائذه او حلالاته قال الراغب اصل الطيب ما تستلذه الحواس والنفس والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز ومن المكان الذي يجوز فانه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم والا فانه وان كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وَلا تَطْغَوْا فِيهِ الطغيان تجاوز الحد فى العصيان اى ولا تتجاوزا الحد فيما رزقناكم بالإخلال بشكره وبالسرف والبطر والمنع من المستحق والادخار منه لا كثر من يوم وليلة فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي جواب للنهى اى فيلزمكم عقوبتى وتجب لكم من حل الدين يحل بالكسر إذا وجب أداؤه واما يحل بالضم فهو بمعنى الحلول اى النزول والغضب ثوران دم القلب عند ارادة الانتقام وإذا وصف الله تعالى به فالمراد الانتقام دون غيره: وفى المثنوى
شكر منعم واجب أمد در خرد ور نه بگشايد در خشم ابد
وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى تردى وهلك واصله ان يسقط من جبل فيهلك ومن بلاغات الزمخشري من أرسل نفسه مع الهوى فقد هوى فى ابعد الهوى وفى التأويلات النجمية ونزلنا عليهم المن من صفاتنا والسلوى سلوى أخلاقنا كلوا من طيبات ما رزقناكم اى اتصفوا بطيبات صفاتنا وتخلقوا بكرائم أخلاقنا التي شرفناكم بها اى لو لم تكن العناية الربانية لما نجا الروح والقلب وصفاتهما من شر فرعون النفس وصفاتها ولولا التأييد الإلهي لما اتصفوا بصفات الله ولا تخلقوا بأخلاقه ثم قال ولا تطغوا فيه اى إذا استغنيتم بصفاتى واخلاقى عن صفاتكم وأخلاقكم فلا تطغوا بان تدعوا العبودية وتدعوا الربوبية وتسموا باسمي بان اتصفتم بصفاتى كما قال بعضهم انا الحق وبعضهم سبحانى وما أشبه هذه الأحوال مما يتولد من طبيعة الانسانية فان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى وان طغيان هذه الطائفة بمثل هذه المقالات وان كانت هى من أحوالهم لان الحالات لا تصلح للمقامات وهى موجبة للغضب كما قال تعالى فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى نجعل كل معاملاته فى العبودية هباء منثورا ولهذا الوعيد امر الله عباده فى الاستهداء بقوله اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اى اهدنا هداية غير من أنعمت عليه بتوفيق الطاعة والعبودية ثم ابتليته بطغيان يحل عليه غضبك وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لستور لِمَنْ تابَ من الشرك والمعاصي التي من جملتها الطغيان فيما ذكر قال فى المفاتيح شرح المصابيح الفرق بين الغفور والغفار ان الغفور كثير المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس ولعل الغفار ابلغ منه لزيادة بنائه وقيل الفرق بينه وبين الغفار ان المبالغة فيه من جهة الكيفية وفى الغفار باعتبار الكمية وَآمَنَ بما يجب الايمان به وَعَمِلَ صالِحاً مستقيما عند الشرع والعقل وفيه ترغيب لمن وقع منه الطغيان فيما ذكر وحث على التوبة والايمان ثُمَّ اهْتَدى اى استقام على الهدى ولزمه حتى الموت وهو اشارة الى ان من لم يستمر عليه بمعزل من الغفران وثم للتراخى الرتبى قال فى بحر العلوم ثم لتراخى الاستقامة على الخير عن الخير

صفحة رقم 411
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية