آيات من القرآن الكريم

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّىٰ
ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

هذا من تمام كلام موسى فيما وصف به ربه عزّ وجلّ، حين سأله فرعون عنه فقال :﴿ الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى ﴾ [ طه : ٥٠ ]، ثم اعترض الكلام بين ذلك، ثم قال :﴿ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً ﴾ أي قراراً تستقرون عليها وتقومون وتنامون عليها، وتسافرون على ظهرها، ﴿ وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً ﴾ أي جعل لكم طرقاً تمشون في مناكبها كما قال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٣١ ]، ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شتى ﴾ أي من أنواع النباتات من زروع وثمار، ومن حامض وحلو ومر، وسائر الأنواع، ﴿ كُلُواْ وارعوا أَنْعَامَكُمْ ﴾ أي شيء لطعامكم وفاكهتكم، وشيء لأنعامكم لأقواتها خضراً ويبساً، ﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ ﴾ أي لدلالات وحججاً وبراهين، ﴿ لأُوْلِي النهى ﴾ أي لذوي العقول السليمة المستقيمة، ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أخرى ﴾ أي من الأرض مبدؤكم، فإن أباكم آدم مخلوق من تراب من أديم الأرض، وفيها نعيدكم أي وإليها تصيرون إذا متم وبليتم ومنها نخرجكم تارة أخرى، ﴿ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [ الإسراء : ٥٣ ]. وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ﴾ [ الأعراف : ٢٥ ]، وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله ﷺ حسر جنازة؛ فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر، وقال : منها خلقناكم، ثم أخذ أحرى وقال : وفيها نعيدكم، ثم أخرى وقال : ومنها نخرجكم تارة أخرى، وقوله :﴿ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وأبى ﴾، يعني فرعون أنه قامت عليه الحجج والآيات والدلالات، وعاين ذلك وأبصره فكذب بها وأباها كفراً وعناداً وبغياً، كما قال تعالى :﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتهآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ﴾ [ النمل : ١٤ ] الآية.

صفحة رقم 1603
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية