آيات من القرآن الكريم

قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ
ﰆﰇﰈﰉﰊ ﰌﰍﰎﰏﰐ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗ

قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١)
شرح الكلمات:
قد أوتيت سؤلك١: أي مسؤولك من انشراح صدرك وتيسير أمرك وانحلال عقدة لسانك، وتنبئة أخيك.
ولقد مننا عليك مرة أخرى: أي أنعمنا عليك مع مرة أخرى قبل هذه.
مما يوحى: أي في شأنك وهو قوله: أن اقذفيه الخ.
في التابوت: أي الصندوق.
فاقذفيه في اليم: أي في نهر النيل.
ولتصنع على عيني٢: تربى بمرأى مني ومحبة وإرادة.
على من يكفله: ليكمل له رضاعه.
وقتلت نفسا: هو القبطي الذي قتلته بمصر وهو في بيت فرعون.
فنجيناك من الغم-: إذ استغفرتنا فغفرنا لك وأئتمروا بك ليقتلوك فنجيناك منهم.
وفتناك فتونا: أي اختبرناك اختبارا وابتليناك ابتلاء عظيما.

١ سؤل بمعنى مسؤول كخبز بمعنى مخبوز وأكل بمعنى مأكول.
٢ الصنع هنا: بمعنى التربية والتنمية.

صفحة رقم 347

جئت على قدر١: أي جئت للوقت الذي أردنا إرسالك إلى فرعون.
واصطنعتك لنفسي: أي أنعمت عليك بتلك النعم اجتباءً منا لك لتحمل رسالتنا.
معنى الآيات:
ما زال السياق في حديث موسى مع ربه تعالى فقد تقدم أن موسى عليه السلام سأل ربه أموراً لتكون عوناً له على حمل رسالته فأجابه تعالى بقوله: في هذه الآية (٣٦) ﴿قال قد أوتيت سؤلك يا موسى﴾ أي قد أعطيت ما طلبت، ﴿ولقد مننا عليك مرة أخرى﴾ أي قبل هذه الطلبات وهي أنه لما أمر فرعون بذبح أبناء بني إسرائيل٢: ﴿إذ أوحينا٣ إلى أمك أن اقذفيه في التابوت﴾ أي في الصدوق٤ ﴿فاقذفيه في اليم﴾ أي نهر النيل ﴿فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو٥ له﴾ فهذه النجاة نعمة، ونعمة أخرى تضمنها قوله تعالى: ﴿وألقيت عليك محبة مني﴾ أي أضفيت عليك محبتي فأصبح من يراك يحبك، ونعمة أخرى وهي: من أجل أن تُربَّى وتغذى على مرأى مني وإرادة لي أرجعتك بتدبيري إلى أمك لترضعك وتقر عينها ولا تحزن على فراقك، وهو ما تضمنه قوله تعالى: ﴿إذ تمشي أختك٦﴾ فتقول: ﴿هل أدلكم على من يكفله﴾ لكم أي لإرضاعه وتربيته. ﴿فرجعناك إلى أمك كي تقرعينها ولا تحزن﴾، ونعمة أخرى وهي أعظم إنجاؤنا لك من الغم الكبير بعد قتلك النفس وائتمار آل فرعون على قتلك ﴿فنجيناك من الغم﴾ من القتل وغفرنا لك خطيئة القتل. وقوله تعالى: ﴿وفتناك فتوناً﴾ ٧ أي ابتليناك ابتلاءً عظيماً وها هي ذي خلاصته في الأرقام التالية:
١- حمل أمك بك في السنة التي يقتل فيها أطفال بني إسرائيل.
٢- إلقاء أُمك بك في اليم.
٣- تحريم المراضع عليك حتى رجعت إلى أمك.
٤- أخذك بلحية فرعون وهمه بقتلك.

١ كما قال الشاعر:
نال الخلافة أو كانت له قدرا
كما أتى موسى ربه على قدر
٢ أوحى الله تعالى إلى أم موسى: ﴿أن اقذفيه..﴾ الآية.
٣ هذا إلهام لها أو منام إذ لم تكن نبيّة إجماعاً.
٤ الساحل: الشاطىء، وهو ساحل معهود وهو الذي يقصده آل فرعون للسباحة. واللام في (فليلقه) لام التكوين الإلهي.
٥ هذا العدو: فرعون عدو الله تعالى وعدو موسى وبني إسرائيل.
٦ أخت موسى تسمى مريم بنت عمران.
٧ الفتون: مصدر كالدخول والخروج وهو كالفتنة، وهي اضطراب حال المرء في مدة حياته.

صفحة رقم 348

٥- قتلك القبطي وائتمار آل فرعون بقتلك.
٦- إقامتك في مدين وما عانيت من آلام الغربة.
٧ - ضلالك الطريق بأهلك وما أصابك من الخوف والتعب.
هذه بعض ما يدخل تحت قوله تعالى: وفتناك فتوناً وقوله ﴿فلبثت سنين في أهل مدين١﴾ ترعى غنم شعيب عشراً من السنين ﴿ثم جئت﴾ من مدين إلى طور سينا ﴿على قدر﴾ منا مقدر ووعد محدد ما كنت تعلمه حتى لاقيته. واصطنعتك لنفسي أي خلقتك وربيتك وابتليتك واتيت بك على موعد قدَّرْته لك لأُحمِّلك عبء الرسالة إلى فرعون وبني إسرائيل: إلى فرعون لتدعوه إلى عبادتنا وإرسال بني إسرائيل معك إلى أرض المعاد. وإلى بني إسرائيل لهدايتهم وإصلاحهم وإعدادهم للإسعاد والإكمال في الدارين إن هم آمنوا واستقاموا.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مظاهر لطف الله تعالى وحسن تدبيره في خلقه.
٢- مظاهر إكرام الله تعالى ولطفه بعبده ورسوله موسى عليه السلام.
٣- آية حب الله تعالى لموسى، وأثر ذلك في حب الناس له.
٤- تقرير نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإخباره في كتابه بمثل هذه الأحداث في قصص موسى عليه السلام.
اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤) قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (٤٥) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦) فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ

١ مدين أحد أبناء إبراهيم عليه السلام، وأهل مدين: أي: البلاد التي سميت باسم ابن إبراهيم هم قوم شعيب، والبلاد على ساحل البحر الأحمر جنوب العقبة.

صفحة رقم 349
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية