
وقيل: بـ ﴿وَأَقِمِ الصلاة لذكري﴾. أي: لتثاب كل نفس من المكلفين بما تعمل من خير وشر.
و" السعي " العمل. وأجاز أبو حاتم الوقف على " أخفيها ". ويبتدئ بلام ﴿لتجزى﴾ بجعلها لام قسم. وذلك غلط ظاهر.
قوله تعالى ذكره: ﴿فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا﴾ إلى قوله: ﴿سِيَرتَهَا الأولى﴾.
أي: فلا يردنك عن العمل للساعة من لا يؤمن بها. أي: من لا يؤمن بالبعث. ﴿واتبع هَوَاهُ﴾ أي: هوى نفسه، وخالف أمر الله.
﴿فتردى﴾ أي: فتهلك إن فعلت ذلك.
وقيل المعنى: فلا يصدنك يا موسى، عن الإيمان بالساعة من لا يؤمن بها، وهذا خطاب لموسى عليه السلام، والمراد به الجميع.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى﴾.
" ما " لفظها، لفظ الاستفهام، ومعناها [معنى] التنبيه والتثبيت والتقرير لما يريد الله منها من إحالتها عما هي عليه. فإذا نبهه وقرره على حقيقتها، لم يقدر بعد استحالتها وكونها حية أن تقول: كذا كانت.

وقال الزجاج: " تلك هنا موصولة بمعنى التي. أي: وما التي بيمينك.
وقال الفراء: " تلك " بمعنى هذه. يوصلان كما يوصل الذي.
وقوله: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا﴾.
أي: اتكىء عليها في قيامي وقعودي.
﴿وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي﴾.
أي: أضرب بها الشجر، فيسقط ورقها فترعاه الغنم. فالمعنى: وأهش بها الورق. يقال: هش الشجر. إذا خبطه بالعصا. قال ذلك قتادة وعكرمة والضحاك وابن زيد.
ثم قال تعالى: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى﴾.
أي: ولي في عصاي حاجات أخرى. والمآرب جمع واحدة مأربة ومآربة ومارِبة. بضم الراء وفتحها وكسرها. وهي من قولهم: لا إرب لي في هذا. أي: لا حاجة لي فيه.
وقال: " أخرى " ولم يقل " أخر ". لأن المآرب جماعة، فأتت على ذلك.

قال السدي: " حاجات أخر، أحمل عليها المزود والسقاء.
ثم قال تعالى: ﴿قَالَ أَلْقِهَا ياموسى﴾.
أي: ألق عصاك. ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تسعى﴾.
قال ابن عباس: ألقاها فصارت حية تسعة، ولم تكن قبل ذلك حية. قال فمرت بشجرة فأكلتها، ومرت بصخرة فابتلعتها، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها فولى مدبراً. فنودي يا موسى، خذها فلم يأخذها. ثم نودي ثانية فلم يأخذها، ثم نودي ثالثة ﴿خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الأولى﴾. أي: هيئتها الأولى، عصا كما كانت، فأخذها.
وقال السدي: ألقاها فإذا هي حية تسعى، فلما رآها تهتز كأنها جان، ولّى مدبراً ولم يعقب، فنودي يا موسى، لا تخف إني لا يخاف لدى المرسلون.
وقيل: إنما أراد الله جلَّ ذكره أن يريه الآية الكبرى من العصا لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون ولا يولي مدبراً منها كما فعل عند الشجرة.
وقيل: إنها عصا آدم، نزل بها من الجنة، طولها اثنى عشر ذراعاً بذراع موسى.