
مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (٢٣) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤)
شرح الكلمات:
وما تلك بيمينك يا موسى: الاستفهام للتقرير ليرتب عليه المعجزة وهي انقلابها حية.
أتوكأ عليها: أي أعتمد عليها.
وأهش بها على غنمي: أخبط بها ورق الشجر فيتساقط فتأكله الغنم.
ولي فيها مآرب أخرى: أي حاجات أخرى كحمل الزاد بتعليقه فيها ثم حمله على عاتقه، وقتل الهوام.
حية تسعى: أي ثعبان عظيم، تمشي على بطنها بسرعة كالثعبان الصغير المسمى بالجان.
سيرتها الأولى: أي إلى حالتها الأولى قبل أن تنقلب حيّة.
إلى جناحك: أي إلى جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإبط.
بيضاء من غير سوء: أي من غير برص تضيء كشعاع الشمس.
اذهب إلى فرعون: أي رسولاً إليه.
إنه طغى.: تجاوز الحد في الكفر حتى ادعى الألوهية.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم مع موسى وربه تعالى إذ سأله الرب تعالى وهو أعلم به وبما عنده قائلاً: ﴿وما تلك بيمينك يا موسى١؟﴾ يسأله ليقرر بأن ما بيده عصا من خشب يابسة، فإذا تحولت إلى حية تسعى علم أنها آية له أعطاه إياها ربه ذو القدرة الباهرة ليرسله إلى فرعون وملائه. وأجاب موسى ربه قائلاً: ﴿هي عصاي أتوكأ عليها وأهش٢ بها على غنمي﴾ يريد يخبّط بها الشجر اليابس فيتساقط الورق فتأكله الغنم ﴿ولي فيها مآرب٣﴾ أي حاجات
٢ في هذه الآية دليل على جواز إجابة السائل بأكثر مما سأل عنه. وفي الحديث وقد سئل عن ماء البحر فقال: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" فزاد جملة: "الحل ميتته" وقوله للتي سألته قائلة: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر" فزاد "ولك أجر" وفي البخاري: باب من أجاب السائل بأكثر مما سأل.
٣ الواحد: مأربة مثلثة الراء.

﴿أخرى١﴾ كحمل الزاد والماء يعلقه بها ويضعه على عاتقه كعادة الرعاة وقد يقتل بها الهوام الضارة كالعقرب والحية. فقال له ربه عز وجل ﴿ألقها يا موسى فألقاها﴾ من يده ﴿فإذا هي حية تسعى٢﴾ أي ثعبان عظيم تمشي على بطنها كالثعبان الصغير المسمى بالجان فخاف موسى منها وولى هارباً فقال له الرب تعالى: ﴿خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى٣﴾ أي نعيدها عصا كما كانت قبل تحولها إلى حية وفعلا أخذها فإذا هي عصاه التي كانت بيمينه. ثم أمره تعالى بقوله: ﴿واضمم يدك﴾ أي اليمنى ﴿إلى جناحك٤﴾ الأيسر ﴿تحرج بيضاء من غير سوء﴾ أي برص وفعل فضم يده تحت عضده إلى إبطه تم استخرجها فإذا هي تتلألؤ كأنها فلقة قمر، أو كأنها الثلج بياضا أو أشد، وقوله تعالى ﴿آية أخرى﴾ أي آية لك دالة على رسالتك أخرى إذ الأولى هي انقلاب العصا إلى حية تسعى كأنها جان. وقوله تعالى: ﴿لنريك من آياتنا الكبرى﴾ أي حولنا لك العصا حية وجعلنا يدك تخرج بيضاء من أجل أن نريك من دلائل قدرتنا وعظيم سلطاننا. وقوله تعالى: ﴿إذهب إلى فرعون إنه طغى﴾ لما أراه من عجائب قدرته أمره أن يذهب إلى فرعون رسولاً إليه يأمره بعبادة الله وحده وأن يرسل معه بني إسرائيل ليخرج بهم إلى أرض المعاد بالشام وقوله ﴿إنه طغى﴾ أي تجاوز قدره، وتعدى حده كبشر إذ أصبح يدعي الربوبية والألوهية إذ فقال: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾ وقال: ﴿ما علمت لكم من إله غيري﴾، فأي طغيان أكبر من هذا الطغيان.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير نبغ الرسول محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ مثل هذه الأخبار لا تصح إلاّ ممن يوحى إليه.
٢- استحباب تناول الأشياء غير المستقذرة باليمين.
٣ - مشروعية حمل العصا٥.
٢ الحية: اسم لصنف من الحنش مسموم إذا عض بنابيه قتل المعضوض.
٣ السيرة في الأصل: هيئة السير ونقلت إلى العادة والطبيعة.
٤ الجناح: العضد وما تحته من الإبط فهو مع اليد كجناح الطائر.
٥ كان خطاء العرب يحملونها في أثناء الخطاب يشيرون بها، وكره هذا الشعوبيون من غير العرب وهم محجوجون بفعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وللّعصا فوائد كثيرة آخر فوائدها أنها تذكر بالسفر إلى الآخرة.