
قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم لَا تسفكون دمائكم وَلَا تخرجُونَ أَنفسكُم من دِيَاركُمْ ثمَّ أقررتم وَأَنْتُم تَشْهَدُون ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون أَنفسكُم وتخرجون فريقاً مِنْكُم من دِيَارهمْ تظاهرون عَلَيْهِم
صفحة رقم 210
بالإثم والعدوان وَإِن يأتوكم أسرى تفادوهم وَهُوَ محرم عَلَيْكُم إخراجهم أفتؤمنون بِبَعْض الْكتاب وتكفرون بِبَعْض فَمَا جَزَاء من يفعل ذَلِك مِنْكُم إِلَّا خزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيَوْم الْقيمَة يردون إِلَى أَشد الْعَذَاب وَمَا الله بغافل عَمَّا تعقلون أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة فَلَا يُخَفف عَنْهُم الْعَذَاب وَلَا هم ينْصرُونَ
أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم
أَنه قَرَأَ ﴿لَا تسفكون دماءكم﴾ بِنصب التَّاء وَكسر الْفَاء وَرفع الْكَاف
وَأخرج عبد بن حميد عَن طَلْحَة بن مصرف أَنه قَرَأَهَا ﴿تسفكون﴾ بِرَفْع الْفَاء
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم لَا تسفكون دماءكم﴾ يَقُول: لَا يقتل بَعْضكُم بَعْضًا ﴿وَلَا تخرجُونَ أَنفسكُم من دِيَاركُمْ﴾ يَقُول: لَا يخرج بَعْضكُم بَعْضًا من الديار ثمَّ أقررتم بِهَذَا الْمِيثَاق وَأَنْتُم تَشْهَدُون
يَقُول: وَأَنْتُم شُهُود
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ثمَّ أقررتم وَأَنْتُم تَشْهَدُون﴾ إِن هَذَا حق من ميثاقي عَلَيْكُم ﴿ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون أَنفسكُم﴾ أَي أهل الشّرك ختى تسفكوا دماءكم مَعَهم ﴿وتخرجون فريقاً مِنْكُم من دِيَارهمْ﴾ قَالَ: تخرجونهم من دِيَارهمْ مَعَهم ﴿تظاهرون عَلَيْهِم بالإِثم والعدوان﴾ فَكَانُوا إِذا كَانَ بَين الْأَوْس والخزرج حَرْب خرجت بَنو قينقاع مَعَ الْخَزْرَج وَخرجت النَّضِير وَقُرَيْظَة من الْأَوْس وَظَاهر كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ حلفاءه على إخوانه حَتَّى تسافكوا دِمَاءَهُمْ فَإِذا وضعت أَوزَارهَا افْتَدَوْا أَسْرَاهُم تَصْدِيقًا لما فِي التَّوْرَاة ﴿وَإِن يأتوكم أُسَارَى تفادوهم﴾ وَقد عَرَفْتُمْ أَن ذَلِك عَلَيْكُم فِي دينكُمْ ﴿وَهُوَ محرم عَلَيْكُم﴾ فِي كتابكُمْ ﴿إخراجهم﴾ ﴿أفتؤمنون بِبَعْض الْكتاب وتكفرون بِبَعْض﴾ أتفادونهم مُؤمنين بذلك وتخرجونهم كفرا بذلك

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة أَن عبد الله بن سَلام مر على رَأس الجالوت بِالْكُوفَةِ وَهُوَ يفادي من النِّسَاء من لم يَقع عَلَيْهِ الْعَرَب وَلَا يفادي من وَقع عَلَيْهِ الْعَرَب فَقَالَ لَهُ عبد الله بن سَلام: أما مَكْتُوب عنْدك فِي كتابك أَن فادوهن كُلهنَّ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَرَأَ ﴿وَإِن يأتوكم أُسَارَى تفادوهم﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن أَنه قَرَأَ ﴿أُسَارَى تفادوهم﴾
وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قراءتنا / وَإِن يؤخذوا تفدوهم /
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: يكون أول الْآيَة عَاما وَآخِرهَا خَاصّا وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة (وَيَوْم الْقِيَامَة يردون إِلَى أَشد الْعَذَاب وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ)
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة﴾ قَالَ: استحبوا قَلِيل الدُّنْيَا على كثير الْآخِرَة