
عندما يكون منهم، فبان أنه من فعل الله عز وجل (١).
وقوله تعالى: ﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ يقال: أَرَيْتُه الشيءَ إرايةً (٢) من غير همز شبيهاً بالمنقوص، مثل: إقامة، وترك الهمز؛ لأن الياء في أريت غير مهموز.
ويقال أيضًا: أريته إِرَاءَة، لأن الياء إذا جاءت بعد الألف همزت، ويقال أيضا: إراءً بنوا على الهمز كأنهم قالوا: أرأيته إِرْءَاءً، ثم تركوا الهمز، قال الفراء: وأجودها (٣): إراية غير مهموز.
وروى شمر عن ابن الأعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إِراءةً وإراية وإرْءَاءَةً (٤). ومعنى قوله ﴿آيَاتِهِ﴾ أي: آيات قدرته في خلق الحياة في الأموات. قال الزجاج: وهذه القصة في القرآن من أدلّ الدلائل على نبوة محمد - ﷺ -، حيث أخبرهم بما صدّقه في ذلك أهلُ الكتاب، وهو رجل عربي أمّي لم يقرأ كتاباً ولم يتعلم من أحد، ولم يكن هذا من علم العرب (٥).
٧٤ - قوله تعالى: ﴿ثُمَ قَسَت قُلُوبُكُم﴾ معنى القسوة في اللغة: الشدة والصلابة واليبس، ويقال: حجر قاسٍ: صلب، وأرض قاسية: لا تنبت شيئا، وعامٌ قَسِيٌّ: ذو قحط، قال شمر: هو الشديد (٦) لا مطر فيه (٧).
(٢) في (ب): (ارايته).
(٣) (أجودها): ساقط من (ب).
(٤) "تهذيب اللغة" (رأى) ٢/ ١٣٢٧، وانظر: "اللسان" (رأى) ٣/ ١٥٣٧ - ١٥٤٥.
(٥) بمعناه في "معاني القرآن" ١/ ١٢٢.
(٦) قوله: (هو الشديد) ساقط من (ب).
(٧) "تهذيب اللغة" (قسا) ٣/ ٢٩٥٥، وانظر: "اللسان" (قسا) ٦/ ٣٦٢٢.

ويقال: قَسا قلبُه يَقْسُو قَسْوَةً وقَسَاوةً وقُسُوًّا (١).
وقال بعضهم: قسا قلبه قِسِيًّا، والعرب تقلب الفعول في المصدر إلى الياء فيقول: طغا طِغِيّاً وعتا عِتِيّاً.
قال أبو إسحاق: وتأويل القسوة ذهاب اللين والرحمة والخشوع (٢).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾: أي من بعد إحياء الميت لكم بعضوٍ من أعضاء البقرة، وهذه آية عظيمة كان يجب على من شاهدها أن يلين قلبه (٣) ويخضع (٤).
قال الكلبي: قالوا بعد ذلك: لم نقتله نحن، فلم يكونوا قط أعمى قلباً ولا أشد تكذيباً لنبيهم منهم عند ذلك (٥).
قال أبو إسحاق: ويحتمل أن يكون (من بعد ذلك)، أي: من بعد إحياء الميت والآيات التي تقدمت، نحو: مسخ القردة والخنازير، ورفع الجبل فوقهم، وانبجاس الماء من حجر. وإنما جاز (ذلك) للجماعة، ولم يقل: (ذلكم)، لأن الجماعة يؤدي عن لفظها الجميع والفريق، والخطاب في لفظ واحد، والمعنى جماعة (٦).
(٢) انظر: "معاني القرآن" ١/ ١٢٨، "تهذيب اللغة" (قسا) ٣/ ٢٩٥٥، والنص من "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ ب.
(٣) في (ج): (عليه).
(٤) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ١٢٨، وله قول آخر يأتي ذكره قريبًا. وانظر "تفسير الطبري" ١/ ٣٦١ - ٣٦٢.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٨٥ ب، والبغوي في "تفسيره" ١/ ١٨٥.
(٦) في "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٢٨.

وقوله تعالى: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ﴾ قال أبو إسحاق: لا يجوز عندي إسكان الواو والياء من (هو وهي) لأن كل مضمر فحركته إذا انفرد الفتح نحو (أنا) فكما لا يسكن نون أنا فلا تسكن (١) هذه الواو.
قال أبو علي فيما استدرك عليه (٢): إسكان الواو من (هو) والياء من (هي) غير ممتنع.
ولو قال قائل: الجيد الإسكان (٣) لسكون النون في أنت (٤)، كما قال (٥) هو: لا يجوز الإسكان فيها لتحرك النون في (أنا)، لما كان بينهما فصل.
فإن قلت: فقولهم: (نحن) من المضمر المنفصل، وآخره متحرك فذلك لا يشبه هو وهي وأنا وأنت، لأن آخر (نحن) إنما حرك لالتقاء الساكنين، ولوكان آخره متحرّكًا من الجهة التي ذكرت (٦) لا لالتقاء الساكنين لما جاز إسكان الآخر من (هم) ومن (أنت) لأنهما أيضا مضمران منفردان. فإن قلت: إن آخر (أنت) متحرك، وليس بساكن، كما أن آخر (أنا) متحرك. فليس هذا بسؤال، لأن آخر الاسم في أنت إنما هو النون، والتاء للخطاب وليست من نفس الكلمة، كما أن الألف من (أنا) إذا وقعت لتبيين الحركة في الوقف، لا من نفس الحرف فإن اعتد بـ (التاء) مع أنها زائدة في
(٢) "الإغفال" ص ٢١١.
(٣) أي: الإسكان في (الياء) من (هي)، و (الواو) من (هو). انظر: "الإغفال" ص ٢١١.
(٤) قوله: (في أنت) ساقط من: (ب).
(٥) أي: الزجاج، وفي "الإغفال": (كما قال أبو إسحاق) ص ٢١١.
(٦) ما الجهة التي ذكر؟ قال في "الإغفال" (فتبين مما ذكرنا أن (نحن) لم يحرك آخره من حيث كان مضمرا منفردًا) ص ٢١٢.

الكلمة، فليعتد بـ (الألف) أيضًا في (أنا) مع كونها زائدة، وإذا اعتد بها سقط الاحتجاج، لأنها حينئذٍ ساكنة الأخير، وإنما اختير الحركة في هو وهي لأنها أكثر، وفي اللغات أشهر، لا لما ذكره (١).
ويدل على جواز (٢) هذا الإسكان (٣) ما أخبرني محمد بن (٤) الحسن عن أبي حاتم عن أبي زيد:
كأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَهَا | أعْقَبَتْهُ الغُبْسُ منه عَدَمَا |
غَفَلَتْ ثم أَتَتْ تَرْقُبُهُ | فإِذا هي بِعظامٍ ودَمَا (٥) |
(٢) (جواز): ساقط من (ج).
(٣) في "الإغفال": (ويدل على جواز هذا الإسكان إذا جاءت به رواية ثقة غير ممتنع ما أخبرنا..) ص ٢١٣.
(٤) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد.
(٥) لم أعثر على قائل البيتين. قوله: (أَطُوم): يريد البقرة الوحشية، (بُرْغُزَها): ولدها، (الغُبْسُ): الذئاب أو الكلاب. ورد البيتان في "الإغفال" ص ٢١٣، "مجالس العلماء" للزجاجي ص ٣٢٦، "المنصف" ٢/ ١٤٨، "اللسان" (برغز) ١/ ٣١٥، و (اطم) ١/ ١٧٠، "الخزانة" ٧/ ٤٩١، وورد الشطر الثاني من البيت الثاني في "التكملة" ص ٣٠، "المخصص" ٦/ ٩٣، والبيت الثاني في "شرح المفصل" ٥/ ٨٤، "الهمع" ١/ ١٣. وبهذين البيتين انتهى ما نقله الواحدي عن أبي علي الفارسي من كتاب "الإغفال" ص ٢١١ - ٢١٣.
(٦) في (ج): (حجر).
(٧) في (ب): (وترى)، وفي "تهذيب اللغة" (ترك القياس له..) ١/ ٧٤٦.

قال (١): ومثله: المِهَارة والبِكَارة، لجمع: المُهْر والبَكْر (٢).
وأقرأني العروضي عن الأزهري، قال: أخبرني المنذري عن أبي الهيثم قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أو فُعُول، فتقول: عظام وعِظَامةٌ وفِحَالةٌ وجمالةٌ (٣) وذِكَارةٌ وذُكورَة وفُحُولَة وعُمُومة وحُمُولَة، قال: وإنما زادوا هذه الهاء لأنه إذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت ساكنان (٤). قال الأزهري: وهذه العلة (٥) أحسن من علة الاستحسان الذي شَبَّهه بالاستحسان في الفقه (٦).
قال المفسرون: إنما شبه قلوبهم بالحجارة في الغلظة والشدة، ولم يقل (٧): (كالحديد)، وإن كان الحديد أصلب من الحجارة، لأن الحديد يلين بالنار، وقد لان لداود بإذن الله حتى صار كالعجين، ولا تلين الحجارة بمعالجة أبداً، ولأن في الحديد منافع، تلك المنافع لا توجد في الحجارة، فشبه الله قلوبهم بالحجارة لقسوتها ولعدم المنفعة منها (٨).
(٢) "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، وانظر: "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٣) في "تهذيب اللغة": (حبالة)، وفي الحاشية (د): (جمالة).
(٤) في "تهذيب اللغة": أخبرني المنذري عن أبي الهيثم. ثم ذكره مع بعض الاختلاف في العبارة (حجر) ١/ ٧٤٧، وانظر: "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨١.
(٥) في (ب): (اللغة).
(٦) "تهذيب اللغة" (حجر) ١/ ٧٤٦، وفيه: (قلت: وهذا هو العلة التي عللها النحويون فأما الاستحسان الذي شَبَّهه بالاستحسان في الفقه فإنه باطل، ومثله في "اللسان" (حجر) ٢/ ٧٨.
(٧) (يقل): ساقط من (ج).
(٨) انظر: "تفسير البغوي" ١/ ٨٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١.

وقوله: ﴿أَو أَشَدُّ﴾ (أو) دخلت لغير معنى شك، ولكنها للإباحة (١) كما ذكرها في قوله: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾، وقيل: (أو) هاهنا بمعنى بل (٢) كقوله تعالى: ﴿أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات: ١٤٧].
وقيل: أراد إبهام علم ذلك على المخاطبين، كالعادة في مثل هذا في المخاطبة أن يقال: فلان كالبدر أو أحسن، وكالبحر أو (٣) أجود، فأما الله تعالى فهو عالم أي ذلك كان (٤). وارتفع (أشدُ) بإضمار (هي) كأنه قال: أو هي أشدُّ (٥).
ويجوز أن يرتفع بالعطف على موضع الكاف، كأنه قيل: فهي مثل الحجارة (٦) أو أشد (٧).
قال ابن عباس في هذه الآية: إنما قال: ﴿أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ لأن الحجارة
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣، "تفسير أبي الليث" ١/ ٣٩٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٨٥ أ، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٢، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٤.
(٣) في (ب): (بل أجود).
(٤) ذكره الطبري في "تفسيره" ورجحه ١/ ٣٦٢ - ٣٦٣، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧١، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٤ - ٣٥٥، وذكر الأخفش: أنها بمعنى (الواو) "معاني القرآن" ١/ ٢٨٤، وقد رده الزجاج وقال: (أو) لا تصلح بمعنى (الواو) و"المعاني" ١/ ١٢٩، وهذا على قول البصريين، انظر: "الإنصاف" ص ٣٨٣، وانظر ما سبق عند تفسير قوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ﴾.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للأخفش ١/ ٢٨٤، وللزجاج ١/ ١٢٩، "الطبري" ١/ ٣٦٣.
(٦) في (ب): (كالحجارة).
(٧) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٨٨، "الكشاف" ١/ ٢٩٠، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٣.

ليس لها ثواب ولا عليها عقاب، وهي تخاف الله تعالى (١)، وقد مر عيسى ابن مريم عليه السلام بجبل فسمع منه أنيناً فقال: يا رب ائذن لهذا (٢) الذي يئنّ حتى يكلّمني، فأذِن اللهُ للجبل فقال: إني سمعت الله يقول: ﴿نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦] فخفتُ أن أكون من تلك الحجارة (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ (٤) الكناية عائدة على (ما)، و (ما) من المبهمات يجوز تذكيره وتأنيثه، تقول العرب: من النعال ما يعجبني بالياء والتاء حملاً على التأويل (٥). وقيل: إن (من) واقعة على بعض الحجارة، وبعض مذكر، والعرب تقول: بعض النساء قام، وبعضهن قمن، فمن ذكر فللفظ (بعض) ومن أنث فلتأويله (٦). والأنهار جمع نهْر ونَهَر، وأصله من السعة، يقال: أنهرت الفتق، أي: وسعته (٧)، ومنه قوله (٨):
(٢) في (ب): (لهذا الجبل).
(٣) ذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد، "الدر" ٦/ ٣٧٥.
(٤) في (ج): (وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٣ - ٣٦٤، "إعراب القرآن" للنحاس ١٨٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٦، "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٤، "البحر المحيط" ١/ ٢٦٥.
(٦) ذكره الفراء في "معاني القرآن" ١/ ٤٩.
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" (نهر) ٤/ ٣٦٧٤، "الصحاح" (نهر) ٢/ ٨٤٠.
(٨) البيت لقيس بن الخطيم.

فأنهرت فتقها (١)
والنهر: اتساع الضياء، والنهر: أوسع من الجدول، والانتهار: إظهار الزجر، لا يكنى عنه، والنهار: ولد الكروان (٢)، لأنه مشبه بالنهار لبيضه.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ قيل: أراد به جبل موسى، لما تجلّى ربه للجبل جعله دكّاً (٣).
وقال ابن الأنباري: يجوز أن يجعل الله تعالى للحجر عقلاً فيخشاه، كما جعل بحراء (٤) عقلاً حتى عرف خطاب النبي - ﷺ - (٥)، وكذلك ما
مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَهَا | يَرَى قَائِمٌ مِن دُونها ما وَراءَها |
(٢) قال الليث: فرخ القطاة، وقال الأصمعي: فرخ الحبارى. انظر: "تهذيب اللغة" (نهر) ٤/ ٣٦٧٤، "الصحاح" (نهر) ٢/ ٨٤٠، وفي "القاموس": فرخ القطا أو ذكر البوم، أو ولد الكروان أو ذكر الحبارى (نهر) ص ٤٨٩.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٣٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٣، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٤) في (ب): (لحراء).
(٥) لعله بهذا يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة، فقال رسول الله - ﷺ -: "اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد" مسلم (٢٤١٤). كتاب فضائل الصحابة، فضائل طلحة والزبير، وأخرج أبو داود نحوه وفيه. "أثبت حراء.. " "سنن أبي داود" (٤٦٤٨)، كتاب: السنة، باب: الخلفاء، وأخرجه ابن ماجه في المقدمة (فضائل العشرة).

صحت الأخبار به من تسبيح الحصا في يد رسول الله - ﷺ - (١). وكذلك قوله تعالى: في قصة داود ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ [سبأ: ١٠]، وروي عنه - ﷺ - أنه قال: "إني لأعرف (٢) حجراً بمكة كان يسلّم عليّ كلّما مررتُ به" (٣).
وروي أنه قال: "كان موسى عليه السلام يخرج من الرَّوحاء يؤمُّ هذا البيت يُلبّي، ومقامُ الروحاء يُجاوبه" (٤). وكذلك قوله: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٢١] يدل على عقل
(٢) في (ب): (لا أعرف).
(٣) أخرج مسلم نحوه عن جابر بن سمرة ولفظه: "إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم
علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن" مسلم (٢٢٧٦). كتاب الفضائل، فضل نسب
النبي - ﷺ - وتسليم الحجر عليه)، وأخرجه الترمذي (٣٦٢٤) أبواب المناقب، باب
(في إثبات نبوة النبي - ﷺ - وما خصه الله به). معه "عارضة الأحوذي "، والدارمي في
"سننه " باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر والبهائم والجن ١/ ١٢، وأحمد في
"مسند" ٥/ ٨٩، ٩٥، ١٠٥.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، وأخرج أحمد بسنده عن ابن عباس أن رسول الله - ﷺ - مر بوادي الأزرق، فقال: "أي واد هذا؟ "، قالوا: هذا وادي الأزرق، فقال: "كأني انظر إلى موسى عليه السلام وهو هابط من الثنية وله جؤار إلى الله عز وجل بالتلبية".. "المسند" ١/ ٢١٥، ٢١٦. وأخرج عن ابن عباس وفيه: "وأما موسى عليه السلام. فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم بخلبة، كأني أنظر إليه إذا انحدر من الوادي يلبي" "المسند" ١/ ٢٧٧، وانظر "البداية والنهاية" ١/ ٣١٦.

يُركَّب في الجبل لو أنزل القرآن عليه، لأنّ في القرآن أمراً ونهياً، ولا يؤمر ولا ينهى (١) من لا يعقل (٢).
وقيل: إن الخشية في اللفظ للحجر، وفي المعنى للناظر إلى الحجر، وذلك (٣) أنه تعالى يهبط الحجارة [دلالة للناظر على قدرة الله، فيحمله ذلك على الخشية، فنسب الخشية إلى الحجر] (٤) لما كان منه بسبب مجازاً (٥)، كما تقول العرب: لفلان ناقة تاجرة، أي: تامة سمينة تُنفِّق نفسها وتدعو إلى (٦) شرائها والتجارة فيها، كذلك قال: الحجارة خاشية من الله، أي: داعية إلى الخشية (٧)، ومعنى الآية: وإن منها ما يهبط فيدعو الناظرَ إليها إلى (٨) خشية الله.
وقال مجاهد: كلُّ حجر تفجّر منه الماءُ أوتشقّق عن ماء أو تردّى من
(٢) ذكر نحوه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٦٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٣) في (ب): (وقيل أنه تعالى).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٥) في (ب): (مجاز).
(٦) في (ب): (إلى الله سرابها).
(٧) ذكر الطبري في "تفسيره" نحوه ١/ ٣٦٥، "تفسير الماوردي" ١/ ٣٧٤، "تفسير ابن عطية" ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨، قال الزجاج: (وقال قوم إنها أثر الصنعة التي تدل على أنها مخلوقة، وهذا خطأ، لأن ليس منها شيء ليس أثر الصنعة بينًا في جميعها، وإنما الهابط منها مجعول فيه التميز..) "معاني القرآن" ١/ ١٣٠، وانظر: "تفسير القرطبي" ١/ ٣٩٥، "تفسير ابن كثير" ١/ ١٢١ - ٢٢٢.
(٨) (إلى): ساقط من (ب).