آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﰿ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

ولقد فهم بعض العلماء قديما أن هذه الآية تشير إلى أنهم لا تقوم لهم دولة أبدا، ونحن معهم في هذا إذ قيام دولة كهذه يوما أو يومين لا يهدم رأيهم، فقديما استولى الصليبيون على بيت المقدس ردحا من الزمن، ثم علت كلمة الله ورفعت راية الإسلام، وقريبا بأمر الله ترفع راية الإسلام.
وقيام دولتهم هذه بمثابة تنبيه شديد من الله لنا علّنا نتعظ ونثوب إلى رشدنا وديننا إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ «١» فارجعوا إلى رشدكم حتى لا تضرب عليكم الذلة والمسكنة بكل معانيها القريبة والبعيدة.
وبعد أن ذكّرهم بما فعلوا قديما، وبيّن عاقبة أمرهم بأوضح بيان ليعتبر المعاصرون ويتعظوا، أتى بقانون عام شامل لا يفرق بين أحد فقال ما معناه:
كل من آمن يا لله واليوم الآخر إيمانا قلبيا وعمل صالحا فله من الله الأجر والمثوبة، وأنه لا يخاف أبدا ولا يحزن في الدنيا والآخرة، سواء كان من الذين آمنوا أو من اليهود أو النصارى أو من الذين رجعوا عن دينهم مطلقا قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ «٢». وهذا أروع مثل لمبدأ المساواة في الإسلام.
من جنايات اليهود [سورة البقرة (٢) : الآيات ٦٣ الى ٦٦]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦)

(١) سورة الرعد آية رقم ١١.
(٢) سورة الأنفال آية رقم ٣٨.

صفحة رقم 43

المفردات:
مِيثاقَكُمْ الميثاق: العهد المؤكد. الطُّورَ: جبل معروف بطور سينا.
بِقُوَّةٍ: بجد ونشاط. تَوَلَّيْتُمْ: أعرضتم السَّبْتِ: اليوم المعروف.
خاسِئِينَ: بعيدين عن رحمة الله. نَكالًا: عبرة تنكل من اعتبر بها، أى:
تمنعه.
المعنى:
واذكروا وقت أن أخذنا العهد المؤكد على آبائكم بأن يؤمنوا بما في التوراة ولم يقبلوا حتى رفعنا فوقهم الطور إرهابا وتخويفا، وأمرناهم أن يقبلوا ما آتيناهم ويأخذوه بجد ونشاط لأن فيه الخير لهم، وليذكروا ما فيه ويعملوا به كي يكونوا من المتقين.
فقبلوه إلى حين ثم أعرضوا من بعد ذلك عنه!! فلولا رحمة الله بهم وقبوله توبتهم لكانوا من الخاسرين المعتدين.
وبالله لقد علمتم شأن الذين اعتدوا من آبائكم بصيد السمك يوم السبت وكان محرما فيه لقصره على العبادة، وقد ابتلاهم الله بأن كانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم ظاهرة قريبة من الساحل، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، كذلك نبلوهم، وكان جزاؤهم على ارتكاب خطيئة الصيد يوم السبت وانشغالهم به عن العبادة أن حكم الله عليهم أن يكونوا كالقردة مبعدين عن رحمة الله والناس لأنهم نزلوا إلى مرتبة الحيوان، وهكذا كل فاسق خارج عن طاعة الله، وقيل: إن الله حكم عليهم بأن يكونوا في صورة القردة بعيدين عن رحمة الله، فجعل الله عقوبتهم هذه عبرة لمن لمن شاهدها ولمن يأتى بعدهم إذ نكل بهم تنكيلا يتناسب مع جرمهم، وجعلها عظة للمتقين لأنهم لا يتعدون حدود الله، فأولى بكم- أيها اليهود المعاصرون- أن تعتبروا وتتعظوا بما حل بأسلافهم.

صفحة رقم 44
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية