آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ

قال ابن عباس ضربت مثلا لعمل قال عمر لرجل يعمل بطاعة الله بعث الله له شيطانا فعمل بالمعاصي حتى أغرق اعماله كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦) فيها فتعتبرون بها-.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ جياد وقال ابن مسعود ومجاهد من حلالات ما كَسَبْتُمْ عن ابن مسعود قال قال رسول الله ﷺ لا يكسب عبد مال حرام فيتصدق منه فيقبل منه ولا ينفق منه فيبارك له فيه ولا يترك خلف ظهره الا كان زاده الى النار لا يمحو السّيء بالسّيئ لكن يمحو السّيّء بالحسن ان الخبيث لا يمحو الخبيث رواه احمد- وهذه الاية سند للاجماع وحجة للجمهور على داود حيث قال لا يجب الزكوة الا فى الانعام او النقود وعند الجمهور يجب في العروض والعقار ايضا إذا كان للتجارة وانما شرطوا بنية التجارة لان النمو شرط لوجوب الزكوة بالإجماع ولا نمو في العروض الا بنية التجارة- عن ابن عمر ليس في العروض زكوة الا ما كان للتجارة رواه الدارقطني وعن سمرة بن جندب كان يأمرنا رسول الله ﷺ ان نخرج الزكوة مما نعد للبيع رواه ابو داود والدارقطني والبزار- وعن سليمان بن سمرة عن أبيه عند البزار وفي اسناده جهالة- ومما يدل على وجوب الزكوة في العروض ما روى عن حماس قال مررت على عمر بن الخطاب وعلى عنقى ادمة احملها فقال الا تودى زكاتك يا حماس فقال مالى غير هذا اوهب في القرط قال تلك مال ضعها فوضعها بين يديه فحسبها فوجدها قد وجبت الزكوة فيها فاخذ منها الزكوة رواه الشافعي واحمد وان ابى شيبة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والدارقطني- وعن ابى ذر ان رسول الله ﷺ قال في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز صدقته قالها بالزاء المعجمة رواه الدارقطني بثلاثة طرق ضعاف مدار الطريقين على موسى بن عبيدة الزيدي قال احمد لا يحل الرواية عنه وفي الطريق الثالث عبد الله بن معاوية بن عاصم ضعفه النسائي وأنكره البخاري وفيه ابن جريح عن عمر ان ابن أنيس قال البخاري لم يسمع ابن جريح عنه وله طريق رابع رواه الدارقطني والحاكم فى الإبل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز صدقته ومن رفع دراهم او دنانير لا يعدها لغريم ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكون به يوم القيامة وهذا اسناد لا بأس به قال ابن دقيق الذي رايته في نسخة المستدرك البر بضم الباء الموحدة والراء المهملة ثم اختلف

صفحة رقم 379

العلماء فيما إذا لم يبع عروض التجارة سنين- فقال مالك لا يجب عليه شيء وان طال زمانه فاذا باعه فليس عليه الا زكوة واحدة- وقال الائمة الثلاثة يجب عليه زكوة في كل سنة وان لم يبع لعموم قوله عليه الصلاة والسلام يخرج الزكوة مما يعد للبيع يعنى سواء بيع او لا وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ قيل هذه الاية في صدقات التطوع عن انس بن مالك قال قال رسول الله ﷺ ما من مسلم يغرس غرسا او يزرع زرعا فيأكل منه انسان او طير او بهيمة الا كانت له به صدقة رواه احمد والشيخان والترمذي- قلت هذا الحديث يدل على استحباب الزرع- وحديث ابى امامة قال سمعت النبي ﷺ يقول لا يدخل هذا يعنى شيئا من فمعز الدولة الحرث بيت قوم الا ادخله الذل رواه البخاري يدل على شومه والله اعلم والصحيح ان الاية في الزكوة لان الأمر للوجوب ولا وجه لحملها على التطوع فهذا امر بإخراج العشور من خارج الأرض (مسئلة) اجمع العلماء على وجوب العشر في النخيل والكروم وفيما يقتات من الحبوب ان كان مسقيا بماء السماء او العيون او الاودية والأنهار التي لا مؤنة فيها ونصف العشر ان كان مسقيا بغرب او دالية- وعلى انه لا صدقة في كلاء وحطب مما لا يراد به اشتغلال الأرض- واختلفوا فيما سوا ذلك من الأصناف- فقال ابو حنيفة يجب في جميع اصناف الخارج من الحبوب والثمار والخضروات محتجا بعموم هذه الاية وعموم قوله ﷺ فيما سقت السماء والعيون او كان عشريا العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر رواه البخاري وابو داود والنسائي وابن حبان وابن جار ودمن حديث ابن عمر ورواه مسلم من حديث جابر ورواه الترمذي وابن ماجة من حديث ابى هريرة ورواه النسائي وابن ماجة من
حديث معاذ ورواه ابو داود وغيره من حديث على- وقال مالك والشافعي لا زكوة الا فيما يقتات به كالرطب والعنب والحنطة والشعير والحمص والارز ونحوها لا غير- وقال ابو يوسف ومحمد واحمد يجب فيما يبقى في أيدي الناس مما يكال او يوزن فيجب عندهم في مثل السمسم والشهرانج واللوز والبندق والفستق والزعفران والكمون والقرطم ايضا- احتجوا على نفى الصدقة في الخضروات بحديث معاذ قال فيما سقت السماء والسيل العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر يكون ذلك من التمر

صفحة رقم 380

والحنطة والحبوب واما القثاء والبطيخ والرمان والقصب والخضروات فعفو عفا عنه رسول الله ﷺ رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي وفيه ضعف وانقطاع إسحاق وابن نافع من رواته ضعيفان قال يحيى بن معين إسحاق ليس بشيء لا يكتب حديثه وقال احمد والنسائي متروك- ورواه الترمذي بلفظ انه كتب الى النبي ﷺ يسئله عن الخضروات وعن البقول قال ليس فيها صدقة وهو ضعيف ايضا قال الترمذي اسناد هذا الحديث ليس بصحيح ولا يصح عن رسول الله ﷺ في هذا الباب شيء وانما يروى هذا عن موسى بن طلحة عن النبي ﷺ مرسلا- وذكر الدارقطني في العلل وقال الصواب مرسل وروى البيهقي من حديث موسى بن طلحة وقال عندنا كتاب معاذ ورواه الحاكم وقال موسى تابعي كبير لا ينكر انه لقى معاذا وقال ابن عبد البر لم يلق معاذا ولا أدركه ورواه الدارقطني بطرق عن موسى بن طلحة عن أبيه مرفوعا ليس في الخضروات صدقة- وفي أحد طرقه الحراث بن بنهان حكى تضعيفه عن جماعة وفي طريقه الثاني نصر بن حماد قال يحيى كذاب وقال يعقوب بن ابى شيبة ليس بشيء وقال مسلم واهي الحديث وفي طريقه الثالث محمد بن جابر ليس بشيء قال احمد لا يحدث عنه إلا شر منه- وروى الدارقطني من طريق مروان بن محمد السخاوي عن موسى بن طلحة عن انس ومروان بن محمد لا يحل الاحتجاج به وروى ابو يوسف في كتاب الخراج عن موسى بن طلحة انه كان لا يرى صدقة الا في الحنطة والشعير والنخل والكرم والزبيب وقال عندنا كتاب كتبه النبي ﷺ عن معاذ والتحقيق ان المرسل عن موسى بن طلحة يصح كذا قال الترمذي وغيره والمرسل حجة لا سيما باعتضاد ما ذكرنا من المسانيد ويؤيده حديث عليّ مرفوعا رواه الدارقطني وفيه صقر بن حبيب ضعيف جدا ورواه ابو يوسف موقوفا وفيه قيس ابن الربيع صدوق سيّء الحفظ ليس بالقوى- وحديث عائشة مرفوعا ليس فيما أنبتت الأرض من الخضرة زكوة رواه الدارقطني وفيه صالح بن موسى قال البخاري منكر الحديث وقال النسائي متروك وحديث محمد بن حجش ان رسول الله ﷺ امر معاذا حين بعثه الى اليمن ان يأخذ من كل أربعين دينارا دينارا وليس في الخضروات صدقة- رواه الدارقطني وفيه صالح بن موسى قال البخاري والنسائي متروك منكر الحديث- وهاهنا أحاديث

صفحة رقم 381

اخر تدل على نفى الزكوة في غير اربعة أشياء التمر والزبيب والحنطة والشعير روى الحاكم والبيهقي من حديث ابى بردة عن ابى موسى ومعاذ حين بعثهما النبي ﷺ الى اليمن يعلمان الناس امر دينهم لا تأخذوا الصدقة الا من هذه الاربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر قال البيهقي رواته ثقات وهو متصل- ورواه الطبراني من حديث موسى بن طلحة عن عمر انما سنّ رسول الله ﷺ الزكوة في هذه الاربعة فذكرها وكذا روى الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- وروى ابو يوسف عن موسى بن طلحة عن عمر عن النبي ﷺ قال لا زكوة الا في اربعة التمر والزبيب والحنطة والشعير- وروى البيهقي عن الشعبي...
كتب رسول الله ﷺ الى اهل اليمن انما الصدقة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وقد روى الزكوة في خمسة الاربعة المذكورة والذرة لكنه ضعيف واه- قلت ولما اجمع العلماء على عدم حصر الزكوة في هذه الاربعة وجب تأويله بحذف المضاف يعنى لا زكوة الا في مثل هذه الاربعة فاعتبر مالك والشافعي المماثلة في الاقتيات في حالة الاختيار والاولى ان يعتبر المماثلة في الكيل او الوزن والادخار لان المقصود في باب الزكوة الغناء الحاصل بالمال لا الاقتيات وكل ما يكال ويؤزن ويدخر يحصل به الغناء فيجب فيه الزكوة- ولا يشترط في زكوة الزرع حولان الحول اجماعا لان اشتراطها للتفمية وهذا انماء كله- ولا يشترط العقل والبلوغ لوجوب العشر عند ابى حنيفة ايضا كما لا يشترطان عند غيره في جميع الأموال وجه الفرق لابى حنيفة ان زكوة الأموال عبادة محضة لا بد فيه من النية واما العشر فهو عبادة فيه معنى المئونة فمن حيث كونه عبادة يشترط فيه الإسلام فيجب على الكافر الخراج دون العشر وكذا إذا اشترى الكافر أرضا عشرية عند الجمهور خلافا لمحمد- ومن حيث كونه مؤنة يجب على الصغير والمجنون ايضا كما يجب عليه نفقة الزوجة ونحوها- واختلفوا في اشتراط النصاب فقال ابو حنيفة لا يشترط فيه النصاب وتجب الصدقة في الخارج وان قل للعمومات المذكورة في الخلافية الاولى وهو المروي عن عمر بن عبد العزيز ومجاهد وابراهيم النخعي اخرج عبد الرزاق وابن ابى شيبة عن الثلاثة فيما أنبتت من قليل او كثير العشر وزاد في حديث النخعي حتى في عشر وستجات بقل وستجة واخرج ابو يوسف عن ابى حنيفة عن حماد عن ابراهيم نحوه- وقال مالك والشافعي واحمد وابو يوسف ومحمد يشترط فيه النصاب وذلك

صفحة رقم 382

خمسة اوسق كل وسق ستون صاعا مما يكال بالاوسق ومما لا يكال بالاوسق يعتبر حمسة اعداد من أعلى ما يقدر به ذلك الجنس عند محمد ففى القطن خمسة أحمال كل حمل ثلاثمائة من وفي الزعفران خمسة أمناء ويعتبر بقيمة خمسة اوسق من ادنى ما يدخل تحت الوسق عند ابى يوسف والحجة للجمهور على اشتراط النصاب قوله ﷺ ليس فيما دون خمسة اوسق صدقة متفق عليه من حديث ابى سعيد الخدري ورواه مسلم من حديث جابر ورواه احمد والدارقطني من حديث ابى هريرة والبيهقي من حديث عمرو بن حزم والدارقطني من حديث عائشة والله اعلم (مسئلة) هذه الاية تدل على ان العشر واجب في خارج كل ارض للاطلاق وعدم تقييده بأرض دون ارض فان ملك المسلم ارض خراج وزرع فيه فاما ان يسقط عنه الخراج فيجب عليه العشر فقط او يجتمع هناك عشر في الزرع وإخراج في الأرض وذلك عند الجمهور فان الخراج وظيفة الأرض والعشر زكوة الزرع لا زكوة الأرض ومن ثم يشترط النصاب في الخارج وقال ابو حنيفة لا يسقط الخراج عن ارض خراجية قط ولا يجتمع في ارض عشر وخراج فان العشر عنده زكوة الأرض دون الزرع ومن ثم لا يشترط النصاب عنده في الخارج- ومسئلة سقوط الخراج وعدمه لا مقام لها هاهنا ولم يثبت منع الجمع بين العشر والخراج بدليل شرعى وما رواه ابن الجوزي وذكره ابن عدى في الكامل عن يحيى بن عنبسة حدثنا ابو حنيفة عن حماد عن ابراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال قال رسول الله ﷺ لا يجتمع على مسلم عشر وخراج باطل قال ابو حاتم ليس هذا من كلام رسول الله ﷺ ويحيى بن عنبسة دجال يضع الحديث كذب على ابى حنيفة ومن بعده الى رسول الله صلى الله عليه وسلم- وقال ابن عدى لا يروى هذا الحديث غير يحيى بن عنبسة بهذا الاسناد وانما يروى هذا من قول ابراهيم وقول ابراهيم ليس بحجة وكذا قول الشعبي وعكرمة لا يجتمع عشر وخراج في ارض او في مال روى الأثرين ابى شيبة واحتج صاحب الهداية بالإجماع فقال أحد من ائمة الجور والعدل لم يجمع بينهما وكفى بإجماعهم حجة- ودعوى الإجماع ممنوع فانه نقل ابن المنذر الجمع في الاخذ عن عمر بن عبد العزيز وهو كان مقتفيا لاثار عمر بن الخطاب
ولو كانت المسألة مجمعا عليها لم يختف على ابن عبد العزيز-

صفحة رقم 383

(مسئلة) قوله تعالى وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ شامل لما يخرج من المعدن من الذهب والفضة عند مالك وعند الشافعي في المشهور عنه فيؤخذ عندهما منه ربع العشر إذا بلغ نصابا ويصرف مصرف الزكوة عند الشافعي ومصرف الفيء عند مالك وهى رواية عن احمد- وعند ابى حنيفة واحمد هذه الاية غير شامل لما يخرج من المعدن بل الواجب فيه الخمس لقوله تعالى وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الاية لانه من اجزاء الأرض كان في أيدي الكفار وصل إلينا فصار كسائر أموالهم وهو رواية عن الشّافعى- ووجه قولنا ان قوله تعالى مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ غير شامل لما يخرج من المعدن ان الإخراج معناه الحقيقي نقل شيء موجود فى باطن شيء منه الى الظاهر وهذا المعنى غير موجود في الزرع والثمار فارادة الحبوب والثمار من قوله مما أخرجنا لكم من الأرض ليس الا مجازا فالمعنى المجازى هاهنا مراد اجماعا فلا يجوز ارادة المعنى الحقيقي لامتناع الجمع بين الحقيقة والمجاز كما حقق في الأصول وعند الشافعي يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز ونظير هذه الاية قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ أريد به الجماع اجماعا مجازا فلا يجوز ان يراد به مس المرأة ناقضا للوضوء عند ابى حنيفة خلافا للشافعى فالخلافية مبنية على الخلافية فى الأصول ثم عند احمد يجب الخمس في كل معدن سواء كان جامدا لا يذوب كالجص والنورة او كان غير جامد كالقير والنفط او كان جامدا يذوب وينطبع كالذهب والفضة والحديد ونحوها لان كل ذلك صالح لكونه غنيمة وقال ابو حنيفة لا يجب الا في القسم الثالث لان اسم الركاز يطلق على القسم الثالث وما لا يذوب وهو جنس الأرض يجوز به التيمم فليس بركاز وقد قال عليه السلام فى الركاز الخمس- وقال مالك والشافعي الواجب انما هو الزكوة وهى في النقدين فقط لا في غيرهما من الأموال فيختص الواجب بمعدن الذهب والفضة ولا يجب في معدن الحديد ونحو ذلك قلت اشتراط الثمنية في الزكوة انما هو للتنمية والخارج من الأرض نمو كله ولذلك لا يشترط فيه الحول اجماعا ومن ثم يجب الزكوة في الحبوب والثمار مع انها ليست من النقود فما وجه تخصيص الزكوة بالنقود في المعادن والله اعلم والحجة للشافعى على انه يجب في المعدن الزكوة ما رواه مالك في المؤطا عن ربيعة بن عبد الرحمن- عن غير واحد ان رسول الله ﷺ قطع لبلال بن حارث المزني المعاون القبلية وهى من ناحية الفرغ فتلك المعادن لا يؤخذ منه

صفحة رقم 384

الى اليوم الا الزكوة- قال ابن عبد البر هذا منقطع في المؤطا وقال ابن الجوزي ربيعة قد لقى الصحابة والجهل بالصحابي لا يضر ولا يقال هذا مرسل- قال ابو عبيد في كتاب الأموال حديث منقطع ومع انقطاعه ليس فيه ان النبي ﷺ امر بذلك وانما قال تؤخذ منه الى اليوم فيجوز ان يكون من اهل الحكومات اجتهادا منهم- وقال الشافعي بعد ان روى حديث مالك ليس هذا مما يثبته اهل الحديث ولم يكتبوه ولم يكن فيه رواية عن النبي ﷺ الا اقطاعه واما الزكوة في المعادن فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم- واخرج الحاكم في المستدرك عن الدراوردي عن ربيعة عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني عن أبيه عن النبي ﷺ وذكر ابن الجوزي رواية الدراوردي ان رسول الله ﷺ أخذ منه زكوة المعادن القبلية واحتج ابو حنيفة بقوله ﷺ وفي الركاز الخمس أخرجه اصحاب الكتب الستة من حديث ابى هريرة وجه الاستدلال ان الركاز يعم المعدن والكنز قال في القاموس الركاز ما ركزه الله تعالى فى المعادن اى أحدثه ودفين الجاهلية وقطع الذهب والفضة من المعدن- وفي النهاية الركاز عند اهل الحجاز كنوز الجاهلية وعند اهل العراق المعادن والقولان يحتملهما اللغة- قلت وحينئذ فاذا اطلق لفظ الركاز وحلى بلام الاستغراق وجب الحكم على جميع افرادها ووجب القول بوجوب الخمس فى المعادن وليس هذا من قبيل الاشتراك كما زعمه البخاري بل هو من قبيل المواطاة لاشتراك معنى الارتكاز فيهما-
ويؤيد مذهب ابى حنيفة ما رواه البيهقي من حديث ابى هريرة مرفوعا قال في الركان الخمس قيل يا رسول الله ما الركاز قال الذهب والفضة التي خلقت في الأرض يوم خلق الله السموات والأرض لكن الحديث ضعيف- والجواب عن حجة الشافعي ان يقال المراد بالزكاة فيما قال الراوي أخذ رسول الله ﷺ الزكوة من المعدن القبلية هو الخمس مجازا الا ترى ان الكنز مع ان الواجب فيه الخمس اجماعا يصرف عند الشافعي مصرف الزكوة ويطلق عليه لفظ الزكوة- قال في المنهاج فقه الشافعي انما يملك الكنز الواجد ويلزمه الزكوة والله اعلم وعلى تقدير التعارض حديث في الركان الخمس أصح وأقوى والله اعلم- وَلا تَيَمَّمُوا اى لا تقصدوا- كان في الأصل تا ان أسقطت إحداهما فقرا ابن كثير برواية البترى بتشديد التاء في الوصل في احدى وثلاثين موضعا في القران برد الساقطة أحدها

صفحة رقم 385

هذه وفي ال عمران وَلا تَفَرَّقُوا وفي النساء إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ وفي المائدة وَلا تَعاوَنُوا وفي الانعام فَتَفَرَّقَ بِكُمْ وفي الأعراف فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ وكذا في طه وكذا في الشعراء وفي الأنفال وَلا تَوَلَّوْا ولا تَنازَعُوا وفي التوبة قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ- وفي هود وَإِنْ تَوَلَّوْا... فَإِنْ تَوَلَّوْا ولا تَكَلَّمُ نَفْسٌ وفي الحجر ما نُنَزِّلُ وفي النور إِذْ تَلَقَّوْنَهُ... فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما وفي الشعراء عَلى مَنْ تَنَزَّلُ- الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ وفي الأحزاب وَلا تَبَرَّجْنَ- ولا أَنْ تَبَدَّلَ وفي الصّافات لا تَناصَرُونَ وفي الحجرات وَلا تَنابَزُوا- ولا تَجَسَّسُوا- ولِتَعارَفُوا- وفي الممتحنة أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وفي الملك تَكادُ تَمَيَّزُ وفي ن والقلم لَما تَخَيَّرُونَ وفي عبس عَنْهُ تَلَهَّى وفي والليل ناراً تَلَظَّى وفي القدر تَنَزَّلُ- وزاد بعضهم عن البزي موضعين أحد هما في آل عمران وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ وفي الواقعة فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ فان ابتدا بهذه التاءات خففن لا غير- وان كان قبلهن حرف مد كما في هذه الاية زيد في تمكينه والباقون بتخفيف في التاءات كلهن في الحالين الْخَبِيثَ مِنْهُ يعنى الردى تُنْفِقُونَ حال مقدرة من فاعل تيمّموا ويجوز ان يتعلق به منه ويكون الضمير للخبيث والجملة حالا منه- روى الحاكم والترمذي وابن ماجة وغيرهم عن البراء قال نزلت هذه الاية فينا معشر الأنصار كنا اصحب نخل فكان الرجل يأتى في نخله على قدر كثرته وقلته وكان من لا يرغب في الخير يأتى بالقنو فيه الشيص «١» والحشف «٢» والقنو قد انكسر فتعلفه فنزلت- وروى ابو داود والنسائي والحاكم عن سهيل بن حنيف قال كان الناس يتممون ش؟؟ مارهم يخوجونها في الصدقة فنزلت- وروى الحاكم عن جابر قال امر النبي ﷺ بزكوة الفطر بصاع من نمر فجاء بتمر روى فانزل الله تعالى هذه الاية- وروى ابن ابى حاتم عن ابن عباس قال كان اصحاب رسول الله ﷺ يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون فانزل الله تعالى هذه الاية وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ اى وحالكم انكم لا تأخذون الخبيث الردى في حقوقكم لرداءته إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ الإغماض غضّ البصر المراد هاهنا المسامحة مجازا- يعنى لو كان لاحدكم على رجل حق فجاءه بهذا لم يأخذه الا وهو يرى انه قد ترك حقه- قال الحسن وقتادة لو وجدتموه يباع فى السوق ما أخذتموه بسعر الجيد- وروى عن البراء انه قال لو كان اهدى ذلك لكم ما أخذتموه

(١) التمر الذي لا يشتد نواه وتقوى وقد لا يكون له نوى أصلا نهايه منه رح
(٢) اليابس الفاسد من التمر وقيل الضعيف الذي لا قوى له أصلا نهايه منه نور الله مرقده

صفحة رقم 386
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية