آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ

أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ، أَيْ: بُسْتَانٌ، مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ] [١]، لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ، أَوْلَادٌ صِغَارٌ ضعاف عجزة، فَأَصابَها إِعْصارٌ، وهو الرِّيحُ الْعَاصِفُ الَّتِي تَرْتَفِعُ إِلَى السَّمَاءِ كَأَنَّهَا عَمُودٌ وَجَمْعُهُ أَعَاصِيرُ، فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِعَمَلِ الْمُنَافِقِ وَالْمُرَائِي، يَقُولُ: عَمَلُهُ فِي حُسْنِهِ كَحُسْنِ الجنة وينتفع بِهِ كَمَا يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الْجَنَّةِ بِالْجَنَّةِ، فَإِذَا كَبِرَ أَوْ ضَعُفَ وصار له أولاد ضعاف [٢] أصاب جَنَّتَهُ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ، فَصَارَ أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إِلَيْهَا وَضَعُفَ عَنْ إِصْلَاحِهَا لِكِبَرِهِ وَضَعْفِ أَوْلَادِهِ عَنْ إِصْلَاحِهَا لِصِغَرِهِمْ، وَلَمْ يَجِدْ هُوَ مَا يَعُودُ بِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَا أَوْلَادُهُ مَا يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْهِ، فَبَقُوا جَمِيعًا مُتَحَيِّرِينَ عَجَزَةً لَا حِيلَةَ بِأَيْدِيهِمْ، كَذَلِكَ يُبْطِلُ اللَّهُ عَمَلَ هَذَا الْمُنَافِقِ وَالْمُرَائِي حِينَ لَا مُغِيثَ لَهُمَا وَلَا تَوْبَةَ وَلَا إِقَالَةَ.
ع «٣٠٥» قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَنْ تَرَوْنَ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ؟ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَغَضِبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ، فَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عنه: [يا] ابْنُ أَخِي قُلْ وَلَا تُحَقِّرْ نَفْسَكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
ضَرَبْتَ مَثَلًا لِعَمَلٍ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أيّ عمل؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: لعمل [منافق ومراء] [٣]، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [٤] : لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ [٥] أَعْمَالَهُ، كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ.
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٦٧]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ: من خِيَارِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمُجَاهِدٌ: مِنْ حَلَالَاتِ مَا كَسَبْتُمْ، بِالتِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْكَسْبِ، وَأَنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى طِيِّبٍ وَخَبِيثٍ.
«٣٠٦» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ [محمد بن] [٦] سمعان، أخبرنا

٣٠٥- ع صحيح. أخرجه البخاري ٤٥٣٨ وعبد الله بن المبارك في «الزهد» ١٥٦٨ والطبري ٦٠٩٥ من طريق ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير به.
٣٠٦- حديث صحيح. إسناده صحيح، حميد بن زنجويه ومن دونه ثقات، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم، الأعمش هو سليمان بن مهران، إبراهيم هو ابن يزيد، والأسود هو ابن يزيد النخعي.
- وهو في «شرح السنة» ٢٣٩١ بهذا الإسناد.
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط.
(٢) زيد في المطبوع «و».
(٣) لفظ «منافق» زيد في المطبوع والمخطوط ولفظ «مراء» زيد في المخطوط وسائر النسخ، وكلا اللفظين ليس في «صحيح البخاري» و «تفسير الطبري»، فالله أعلم.
(٤) زيد في المطبوع وحده «لأي» رجل؟ قال «فصار اللفظ من كلام ابن عباس» وليس كذلك. [.....]
(٥) في المطبوع وحده «أحرق» وهو أقرب إلى لفظ الاية، لكن المثبت عن المخطوط وط، و «صحيح البخاري» و «تفسير الطبري» و «الدر المنثور».
(٦) زيادة من المخطوط و «شرح السنة».

صفحة رقم 364

أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ [١]، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن أطيب ما أكل الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ».
«٣٠٧» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ [٢]، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، أخبرنا مُعَاوِيَةَ [٣] بْنُ صَالِحٍ عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ [٤]، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَكَانَ دَاوُدُ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يده».
«٣٠٨» أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُشْمِيهَنِيُّ، أَخْبَرَنَا جناح بن نذير

- وأخرجه أحمد (٦/ ٤٢ و٢٢٢) وابن ماجه ٢١٣٧ والنسائي (٧/ ٢٤١) وابن حبان (٤٢٦٠) و (٤٢٦١) والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» ٢٣٢ والبيهقي (٧/ ٤٨٠) من طرق عن الأعمش به.
- وأخرجه أبو داود ٣٥٢٨ والنسائي (٧/ ٢٤٠- ٢٤١) والحاكم (٢/ ٤٦) وأحمد (٦/ ٣١) و (١٢٧) و (١٩٣) والدارمي (٢/ ٢٤٧) والبخاري في «التاريخ» (١/ ٤٠٧) وابن حبان ٤٢٥٩ والبيهقي (٧/ ٤٧٩- ٤٨٠) من طرق عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبراهيم عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عائشة به.
- وأخرجه الترمذي ١٣٥٨ وابن ماجه ٢٢٩٠ والطيالسي ١٥٨٠ وأحمد (٦/ ١٦٢) و (١٧٣) عن الأعمش عن عمارة عن عائشة به.
(١) في الأصل «الزياتي» وهو تصحيف والتصويب من «تهذيب الكمال» (٧/ ٣٩٤) و «الأنساب» للسمعاني و «شرح السنة».
(٢) في الأصل «الزياتي» وهو تصحيف.
٣٠٧- حديث صحيح. إسناده ضعيف لأجل عبد الله بن صالح، فقد ضعفه غير واحد بسبب جار له كان يدس في كتبه، وهو في نفسه صدوق، لكن لم ينفرد به، فقد توبع، وباقي رجال الإسناد ثقات.
- وهو في «شرح السنة» برقم ٢٠١٩.
- وأخرجه أحمد (٤/ ١٣٢) وابن ماجه ٢١٣٨ من طريق إسماعيل بن عياش عن بحير به دون عجزه «وكان داود... ».
- وأخرجه أحمد (٤/ ١٣١) (١٦٧٢٩) من طريق بقية عن بحير به دون عجزه أيضا.
- وبمثل لفظ البغوي، أخرجه البخاري ٢٠٧٢ من طريق يونس عن ثور عن خالد بن معدان به.
- ولعجزه شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري ٢٠٧٣.
(٣) في الأصل «أبو معاوية» والتصويب من «شرح السنة» وكتب التراجم.
(٤) في الأصل «سعيد» والتصويب من كتب التراجم.
٣٠٨- ضعيف جدا، والصواب موقوف. مداره على الصبّاح بن محمد البجلي، قال الذهبي في «الميزان» (٢/ ٣٠٦) : رفع حديثين هما من قول ابن مسعود، قال ابن حبان: يروي الموضوعات، وذكره ابن أبي حاتم من غير جرح أو تعديل.
اهـ. وقال في «الميزان» :(١/ ٥) : أبان بن إسحاق، قال ابن معين وغيره: لا بأس به، وقال الأزدي: متروك، اهـ.
مرة هو ابن شراحيل.
- وهو في «شرح السنة» ٢٠٢٣ بأتم منه.
- وأخرجه البيهقي في «الشعب» ٥٥٢٤ عن جناح بن نذير بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد (١/ ٣٨٧) ح/ ٣٦٦٣ والبيهقي ٥٥٢٤ من طريقين عن أبان بن إسحاق به.
- وذكره الهيثمي في «المجمع» (١/ ١٥٣) ح/ ١٦١ وقال: رجال إسناده بعضهم مستور، وأكثرهم ثقات.
ثم كرره (١٠/ ٢٢٧ ح/ ١٧٦٩٧) فقال: رجاله وثقوا، وفي بعضهم خلاف اهـ.
قلت: ومداره على الصباح بن محمد بن أبي حازم قال ابن حبان: كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات اهـ.

صفحة رقم 365

القاضي [١] بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ أَخْبَرَنَا يعلى [٢] بْنُ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدِ عَنْ [٣] مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَكْتَسِبُ عَبْدٌ مَالًا حَرَامًا فَيَتَصَدَّقُ منه فيقبل مِنْهُ، وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ فَيُبَارِكُ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَّا كَانَ زَادُهُ إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الخبيث».
[فصل] [٤] : وَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي مَالِ التِّجَارَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَبَعْدَ الحول يقوّم العرض [٥] فَيُخْرِجُ مِنْ قِيمَتِهَا رُبْعَ الْعُشْرِ إِذَا كَانَ قِيمَتُهَا عِشْرِينَ دِينَارًا أو مائتي درهم.
ع «٣٠٩» قَالَ [٦] سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ: كَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ من الذي نعده للبيع.

وقال الحافظ في «التقريب» ضعيف أفرط ابن حبان فيه اهـ. وقد جزم الحافظ الذهبي بأن هذا الخبر إنما هو من كلام ابن مسعود، وتقدم ذكر ذلك، والله أعلم.
(١) في الأصل «نجاح بن يزيد المحاربي» والتصويب من «شعب الإيمان» و «شرح السنة».
(٢) في الأصل «يحيى» وهو تصحيف.
(٣) في الأصل «بن» وهو تصحيف.
(٤) زيادة عن المخطوط. [.....]
(٥) في المطبوع «العروض».
(٦) في الأصل «قاله» وهو تصحيف.
٣٠٩- حسن. ذكره المصنف بدون إسناد وكذا في «شرح السنة» (٣/ ٣٥٠).
وقد ورد مسندا عند أبي داود ١٥٦٢ والبيهقي (٤/ ٤٦- ١٤٧) من طريق أبي داود كلاهما من حديث سمرة وهو حديث حسن لشواهده كما سيأتي.
- طالما سمعنا عن بعض أهل العلم في زماننا عن عدم وجوب الزكاة في عروض التجارة، ومنهم الألباني، فأقول وبالله التوفيق: هناك أدلة كثيرة على وجوب الزكاة في عروض التجارة طالما هي أعدت للبيع، فمن ذلك حديث سمرة المتقدم، وإن كان إسناده غير قوي إلا أن له شواهد.
- فمن ذلك حديث أبي ذر أخرجه الحاكم (١/ ٣٨٨) والبيهقي (٤/ ١٤٧) وإسناده حسن فقد صححه الحاكم، وأقره الذهبي، وقال ابن حجر في «الدراية» (١/ ٢٦٠) : إسناده حسن. وقال في «التلخيص» (٢/ ١٧٩) هذا إسناد لا بأس به ولفظ حديث أبي ذر هو «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البز صدقته» قالها بالزاي اهـ. هكذا قيده الدارقطني بالزاي وكذا البيهقي، أما الحاكم فقيد بالراء أي: البر.
والراجح: الزاي. نعم في إسناد الدارقطني والبيهقي موسى بن عبيدة، وهو غير قوي إلا أنه توبع.
فقد أخرجه الدارقطني (٢/ ١٠١) والبيهقي (٤/ ١٤٧) من حديث أبي ذر وهذا الإسناد هو نفسه إسناد الحاكم، وقد جاء في رواية البيهقي والدارقطني: وفي البزّ صدقته. قال الدارقطني عقبه: كتبته من الأصل العتيق «وفي البز» مقيد، ونقله البيهقي.
قلت: وهذه الرواية أرجح من رواية الحاكم. مع أن كلا من الدارقطني والحاكم رواه عن دعلج بن أحمد إلا أن الدارقطني قال: حدثنا دعلج من أصل كتابه، وأما الحاكم فلم يقل: من أصل كتابه. ثم إن الدارقطني قيده كتابة دون الحاكم حيث قال: وفي البزّ على أن الدارقطني هو شيخ الحاكم، وهو أثبت منه وهذا لا نزاع فيه، بل إن الدارقطني إمام فن علل الحديث، وهو من أول من انتقد أحاديث ورجالا في صحيحي البخاري ومسلم، وقد وقع في رواية الدارقطني: «قالها بالزاي» أضف إلى ذلك أن رواية الحاكم ليست مقيدة فهي قابلة للتحريف والتصحيف. أضف إلى ذلك أن الدارقطني ذكر في أول حديثه قصة، وهي ليست عند الحاكم فهذا كله يرجح رواية البيهقي والدارقطني.

صفحة رقم 366

وَعَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: مَرَرْتُ بِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعلى عنقي أدمة

فما ذكره الدارقطني- نقله عنه البيهقي ووافقه، وقد قال النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» : وفي البز صدقته هو بالباء والزاي قال: ومن الناس من حرفه- أو صحفه- بضم الباء والراء المهملة، وهو غلط اهـ.
وإذا ثبت هذا، فإن حديث أبي ذر حديث حسن ورد من أربعة طرق كما في «التلخيص» (٢/ ١٧٩) وقال ابن حجر: هذا إسناد لا بأس به اهـ.
ذكر ذلك عقب إحدى روايات حديث أبي ذر، ومع ذلك فهو يتقوى بحديث سمرة بن جندب.
ويقويهما ما أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٢٥٥) ح/ ٢٠ بسنده عن زريق أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: أن انظر من مرّ بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارات من كل أربعين دينارا دينارا... وفيه: «ومن أهل الذمة مما يديرون من التجارات... ».
- وأخرج الشافعي (١/ ٦٣٣) بسنده عن أبي عمرو بن حماس أن أباه قال: مررت بعمر بن الخطاب وعلى عنقي أدمة أحملها فقال عمر: ألا تؤدي زكاتك يا حماس فقلت: يا أمير المؤمنين ما لك غير هذه وأهبة في القرط فقال: ذاك مال، فضع قال:
فوضعتها بين يديه فحسبها فوجدت قد وجب فيها الزكاة فأخذ منها الزكاة».
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (٤/ ١٤٧) والبغوي في «شرح السنة» ١٥٧٨.
- وأخرج الشافعي (١/ ٦٣٢) عن ابن عمر قال: «ليس في العرض زكاة إلا أن يراد به التجارة» وأخرجه البيهقي (٤/ ١٤٧) بسند صحيح عن نافع عن ابن عمر قوله.
- وفي الباب أخبار وآثار موقوفة ومقطوعة.
الخلاصة: حديث أبي ذر مع حديث سمرة بن جندب مع الموقوفات وغيرها يقوي بعضها بعضا ويوجب العمل به، بل وأقوى من ذلك عموم الآيات: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ووَ الَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا.
وعموم الأحاديث منها حديث: أبي سفيان لهرقل وفيه: قال: «يأمرنا بالصلاة والزكاة». أخرجه البخاري في مقدمة صحيحه.
وحديث معاذ: «فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم». أخرجه البخاري (١٣٩٥) و (١٤٥٨) وغيره فالأدلة كثيرة.
- القرآن والسنة والإجماع والقياس.
أولا: القرآن الكريم وذلك في عموم الآيات كما ذكرت.
ثانيا: عموم الأحاديث الصحيحة، أضف إلى ذلك الأحاديث الحسنة بخصوصها.
ثالثا: القياس وذلك بقياس كل مال متقوم على النقدين لأنه يسمى مالا.
رابعا: الإجماع: قال ابن المنذر في كتابه «الإجماع» (ص ٣٧ و١١٤) وأجمعوا على أن في العروض التي تدار للتجارة الزكاة إذا حال عليها الحول اهـ. وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «يد الله مع الجماعة»، ويؤكد الإجماع قول مالك في «الموطأ» (١/ ٢٥٥) : باب زكاة العروض ثم ذكر أحكامه.
وكذا البخاري قال: باب العرض في الزكاة، ثم ذكر أحاديث استنبط منها زكاة العرض، وهو إمام هذه الصنعة وحاشا لله أن يكون مبتدعا.
وبوب أبو داود بقوله: باب العروض إذا كانت للتجارة. قال النووي في «شرح مسلم» (٧/ ٤٨) : الجمهور على وجوب الزكاة في العروض وداود يمنعها اهـ.
فائدة: قال العلامة عبد الله هاشم اليماني في حاشيته على «تلخيص الحبير» (٢/ ١٧٩) ما ملخصه: قال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة في قيمتها إذا بلغت نصابا لا في عينها، وحال عليها الحول.
وقال الطحاوي: ثبت عن عمر وابنه زكاة عروض التجارة ولا مخالف لهما من الصحابة اهـ.
ومن العجب من يقول بعدم وجوب الزكاة في التجارة. هل من المعقول إذا كان نقدا لا يثمر تخرج زكاته، وإن كان تجارة يثمر فلا تخرج زكاته... ؟! إن القول بعدم وجوب زكاة التجارة فيه خطورة على المجتمع الإسلامي ما لا يعلم مداه إلا

صفحة رقم 367

أَحْمِلُهَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا تُؤَدِّي زَكَاتَكَ يَا حِمَاسُ؟ فَقُلْتُ: مَا لِي غَيْرُ هَذَا، وَأَهَبُ فِي الْقَرَظِ، فَقَالَ: ذَاكَ مَالٌ فَضَعْ فَوَضَعْتُهَا فَحَسَبَهَا فَأَخَذَ مِنْهَا الزَّكَاةَ [١].
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، قيل: هذا أمر بِإِخْرَاجِ الْعُشُورِ مِنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إِيجَابِ الْعُشْرِ فِي النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ [٢]، وَفِيمَا يُقْتَاتُ مِنَ الْحُبُوبِ إِنْ كَانَ مَسْقِيًّا بِمَاءِ السَّمَاءِ أَوْ مِنْ نَهْرٍ يَجْرِي الْمَاءُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُؤْنَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَسْقِيًّا بِسَاقِيَةٍ أَوْ بِنَضْحٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ.
«٣١٠» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ:
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عثريا [٣] : العشر، وفيما...

الله، فهو معول هدام يفتح ثغرات أمام المذاهب الهدامة لتنفث سمومها في المجتمع الإسلامي، وتهزه هزا عنيفا، وتدكه دكا، وبالتالي يفقد المجتمع الإسلامي توازنه كل ذلك يجعل المنصف لا يرتاب في وجوب زكاة التجارة، ولو نفّذ المسلمون فريضة الزكاة تماما لما بقي فقير اهـ. كلام اليماني.
أخيرا: أريد أن أقول لهؤلاء يا من أنكرتم وجوب الزكاة في عروض التجارة: إن ما ذهبتم إليه يجعل من فريضة الزكاة فريضة مهلهلة ضعيفة لا تفي بحاجة الفقير بتاتا. وأختم ذلك بقولي: إذا كان وجوب الزكاة في الإبل فإن الشام وغيرها شبه خالية من الإبل بل خالية لأن شرطها السوم.
وإن كانت في البقر فإن نصاب البقر ثلاثون وقلما توجد بل لا توجد بقر سائمة في بلاد الشام، وإنما هي علوفة.
وإن كانت في القمح فقلما توجد فبلاد الإسلام أصبحت تستورد القمح وإن كانت في الزبيب فهو شبه عدم اليوم.
وإن كانت في الشعير فالشعير نادر جدا وعزيز.
وإن كانت في التمر فأرض الشام من أقصاها إلى أدناها لا تنتج التمر، وإن كانت في الذهب، فأكثر الذهب في أيدي غير المسلمين من يهود وغيرهم.
وإن كانت من الفضة فالفضة اليوم فقدت دورها من كونها نقدا يجاري الذهب.
على هذا فأين هؤلاء من فقراء المسلمين؟ وماذا يقول هؤلاء لله رب العالمين؟ وهل تمسكوا بالحديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي.
بل على قاعدة هؤلاء تصبح المئات من آيات الزكاة تقرأ لمجرد التلاوة بل كما يقولون: تقرأ للتبرك؟!! وهذا عجيب غريب! نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في الدين، إنه سميع مجيب، وهو الهادي إلى سواء الصراط.
٣١٠- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم. أبو مريم اسمه الحكم بن محمد بن سالم الجمحي، يونس بن يزيد هو الأيلي، ابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري.
- وهو في «شرح السنة»
١٥٧٤ بهذا الإسناد.
وأخرجه المصنف من طريق البخاري وهو في «صحيحه» برقم ١٤٨٣.
- وأخرجه أبو داود ١٥٩٦ والترمذي ٦٤٠ والنسائي (٥/ ٤١) وابن ماجه ١٨١٧ وابن حبان ٣٢٨٥ والطحاوي (٢/ ٣٦) والبيهقي (١/ ١٣٠) من طرق عن ابن وهب بهذا الإسناد.
(١) موقوف. أسنده المصنف في «شرح السنة» ١٥٧٨ وأخرجه الشافعي (١/ ٦٣٣) ومن طريقه البيهقي (٤/ ١٤٧). وتقدم مع ما قبله.
(٢) في المخطوط «الكرم».
(٣) قال المصنف في «شرح السنة» : العثري: العذي، وهو ما سقته السماء ويروى: «ما سقي منه بعلا ففيه العشر» والبعل: ما شرب بعروقه من غير سقي سماء ولا غيرها، فإذا سقته السماء فهو عذي وقوله: ما سقي «بالنضح» يريد ما سقي

صفحة رقم 368

سُقِيَ [١] بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ».
«٣١١» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَتَّابِ [٢] بْنِ أُسَيْدٍ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي زَكَاةِ الْكَرْمِ: «يُخْرَصُ [٣] كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا يؤدى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا».
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا سِوَى النَّخْلِ وَالْكُرُومِ، وَفِيمَا سِوَى مَا يُقْتَاتُ بِهِ مِنَ الْحُبُوبِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا عُشْرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وقال الزهري والأوزاعي

بالسواني، وهي النواضح واحدتها ناضحة اهـ.
(١) في الأصل «سبق». والتصويب من «شرح السنة».
٣١١- حديث قوي بطرقه وشواهده. رجاله ثقات معروفون، لكن فيه إرسال بين ابن المسيب وعتاب، فإن ابن المسيب لم يسمع من عتاب، لكن لهذا المتن شواهد ستأتي. عبد الله بن نافع هو الصائغ، ابن شهاب هو محمد بن مسلم.
- وهو في «شرح السنة» ١٥٧٣ بهذا الإسناد.
- أخرجه المصنف من طريق الشافعي وهو في «مسنده» (١/ ٢٤٣) ومن طريق الشافعي أخرجه ابن خزيمة ٢٣١٦ والدارقطني (٢/ ١٣٣) والبيهقي (٤/ ١٢١).
- وأخرجه أبو داود ١٦٠٤ وابن ماجه ١٨١٩ وابن حبان ٣٢٧٩ والطحاوي (٢/ ٣٩) والبيهقي (٤/ ١٢١) و (١٢٢) من طرق عن ابن نافع به.
- وأخرجه أبو داود ١٦٠٣ والترمذي ٦٤٤ وابن أبي شيبة (٣/ ١٩٥) وابن خزيمة (٢٣١٧) و (٢٣١٨) وابن الجارود ٣٥١ والحاكم (٣/ ٥٩٥) والدارقطني (٢/ ١٣٣) والبيهقي (٤/ ١٢١) من طرق عن الزهري به.
قال أبو داود: وسعيد لم يسمع من عتاب شيئا اهـ. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب... وروي من حديث عائشة وسألت البخاري عن حديث عائشة فقال: غير محفوظ، وحديث ابن المسيب عن عتاب أثبت وأصح اهـ.
- وأخرجه النسائي (٤/ ١٠٩) (٢٦١٦) والبيهقي (٤/ ١٢٢) عن ابن المسيب مرسلا بإسناد صحيح، وهو الصواب.
وحديث عائشة أخرجه أبو داود ١٦٠٦ وأحمد (٦/ ١٦٣) وأبو عبيد في «الأموال» (ص ٥٨٢- ٥٨٣) والبيهقي (٤/ ١٢٣) وإسناد رجاله ثقات لكن فيه انقطاع.
وله شاهد من حديث ابن عمر عند أحمد (٢/ ٢٤) والطحاوي (٢/ ٣٨) بإسناد حسن.
- ومن حديث جابر أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ١٩٤) وأحمد (٣/ ٢٩٦) و (٣٧٦) والطحاوي (٢/ ٣٨) والبيهقي (٤/ ١٢٣) وإسناده صحيح.
- وأخرج البيهقي عن الزهري سمعت أمامة بن سهل يحدثنا في مجلس ابن المسيب قال: مضت السنة أن لا تؤخذ الزكاة من نخل ولا عنب حتى يبلغ خرصها خمسة أوسق. قال الزهري: ولا نعلم يخرص من الثمر إلا التمر والعنب اهـ. فهذا شاهد لحديث ابن المسيب.
- وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٢/ ١٧١) وأفاض في تخريجه ونقل عن أبي حاتم قوله: الصحيح عن ابن المسيب أن النبي أمر عتابا، وقال ابن حجر:
فائدة: قال النووي، وإن كان مرسلا لكنه اعتضد بعمل الفقهاء الأئمة اهـ.
قلت ومرسلات ابن المسيب صحيحة.
(٢) في الأصل «عثمان» وهو تصحيف والتصويب من كتب التخريج والتراجم.
(٣) الخرص: الحزر، وكلّ قول بالظن- وخرص النخلة: إذا حزر ما عليها من الرطب تمرا. [.....]

صفحة رقم 369

وَمَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: يَجِبُ فِي [الزَّيْتُونِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ] [١] [رضي الله عنه يجب في] [٢] جميع البقول والخضروات والثمار [٣] إِلَّا الْحَشِيشَ وَالْحَطَبِ، وَكُلُّ ثَمَرَةٍ أَوْجَبْنَا فِيهَا الزَّكَاةَ فَإِنَّمَا يَجِبُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ الِاجْتِنَاءِ وَالْجَفَافِ، وَكُلُّ حَبٍّ أَوْجَبْنَا فِيهِ الْعُشْرَ، فَوَقْتُ وُجُوبِهِ اشْتِدَادُ الْحَبِّ وَوَقْتُ الْإِخْرَاجِ بَعْدَ الدِّيَاسَةِ وَالتَّنْقِيَةِ، وَلَا يَجِبُ الْعُشْرُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ [٤] عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْهَا، وَاحْتَجَّ مَنْ شَرَطَ النِّصَابَ بِمَا:
«٣١٢» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وليس فيما دون خمس أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ [٥] مِنَ الإبل صدقة».
ع «٣١٣» وروى يحيى بن عمارة [٦] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عنه:

٣١٢- إسناده صحيح على شرط البخاري، حيث تفرد البخاري بالرواية عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عن أبيه دون مسلم.
وهو في «شرح السنة» ١٥٦٣ بهذا الإسناد.
- وأخرجه المصنف من طريق مالك وهو في «الموطأ» (١/ ٢٤٤- ٢٤٤٥) ومن طريق مالك أخرجه البخاري ١٤٥٩ والنسائي (٥/ ٣٦) والشافعي (١/ ٢٣٢ و٢٣٢) وعبد الرزاق (٧٢٥٨) وأحمد (٣/ ٦٠) وحميد بن زنجويه في «كتاب الأموال» (١٦٠٩ و١٩١٤) وابن خزيمة ٢٣٠٣ والطحاوي (٢/ ٣٥) والبيهقي (٤/ ١٣٤) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الرحمن به.
- وأخرجه النسائي (٥/ ٣٦ و٣٧) وابن ماجه ١٧٩٣ وأحمد (٣/ ٨٦) والبيهقي (٤/ ١٣٤) من طرق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ به.
- وأخرجه البخاري ١٤٤٧ وأبو داود ١٥٥٨ ومالك (١/ ٢٤٤) والشافعي (١/ ٢٣١) وابن خزيمة (٢٢٦٣) و (٢٢٩٨) وابن حبان (٣٢٧٥) والطحاوي (٢/ ٣٥) من طرق عن مالك عن عمرو بن يحيى بن عمارة عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري به.
- وأخرجه مسلم ٩٧٩ والنسائي (٥/ ١٧) والشافعي (١/ ٢٣١ و٢٣٢) وعبد الرزاق ٧٢٥٣ وأحمد (٣/ ٦) والحميدي ٧٣٥ وأبو يعلى ٩٧٩ وابن خزيمة (٢٢٦٣ و٢٢٩٨) والطحاوي (٢/ ٣٤ و٣٥) والبيهقي (٤/ ١٣٣) من طريق سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه أبي سعيد الخدري به.
- وأخرجه مسلم (٩٧٩) ح/ ٢) والنسائي (٥/ ٣٦) والطيالسي (٢١٩٧) وابن أبي شيبة (٣/ ١٢٤) وأحمد (٣/ ٦ و٤٥ و٧٤ و٧٩) وحميد بن زنجويه ١٦٠٨ وأبو عبيد في «الأموال» (ص ٥١٨ و٥١٩) وابن خزيمة (٢٢٩٤ و٢٢٩٥) وابن الجارود ٣٤٠ والطحاوي (٢/ ٣٤ و٣٥) والبيهقي (٤/ ١٢٠) من طرق عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري به.
٣١٣- ع صحيح. أخرجه مسلم (٩٧٩) ح/ ٤ و٥) والنسائي (٥/ ٣٧) وعبد الرزاق (٧٢٥٤) وأحمد (٣/ ٨٦) وابن حبان ٣٢٧٧ والطحاوي (٢/ ٣٥) من طرق عن محمد بن يحيى بن حبان عن يحيى بن عمارة به. وانظر الحديث المتقدم.
(١) زيد في المطبوع وط.
(٢) زيد من نسخة- ط.
(٣) في المطبوع وط «كالثمار».
(٤) قال في «شرح السنة» (٣/ ٣٢٠) الوسق ستون صاعا، والصاع: خمسة أرطال وثلث، فكل وسق مائة وستون منّا، وجملة الأوسق الخمسة ثمانمائة منّ.
(٥) الذود ما بين الثلاث إلى العشر من الإبل.
(٦) في الأصل «عبادة» وهو تصحيف.

صفحة رقم 370

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ».
وَقَالَ قَوْمٌ: الْآيَةَ فِي صَدَقَاتِ التَّطَوُّعِ:
«٣١٤» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّيَّانِيُّ [١]، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى [بْنُ يَحْيَى] [٢] أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مسلم [٣] يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ طَيْرٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ [بِهِ] [٤] صَدَقَةٌ».
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَيَمَّمُوا، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ [٥] بِرِوَايَةِ الْبَزِّيِّ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ فِي الْوَصْلِ فيها وفي أخواتها، وهي إحدى وَثَلَاثُونَ مَوْضِعًا فِي الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ تَاءَانِ أُسْقِطَتْ إِحْدَاهُمَا، فَرَدَّ هُوَ السَّاقِطَةَ وَأَدْغَمَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ، وَمَعْنَاهُ: لَا تَقْصِدُوا، الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ.
ع «٣١٥» رُوِيَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ تُخْرِجُ. إِذَا كَانَ جُذَاذُ النَّخْلِ. أَقْنَاءً مِنَ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ [٦] فَيُعَلِّقُونَهُ عَلَى حَبْلٍ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْكُلُ مِنْهُ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ، فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَعْمِدُ [٧] فَيُدْخِلُ قِنْوَ [٨] الْحَشَفِ [٩] وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ جَائِزٌ عَنْهُ في كثرة ما

٣١٤- إسناده على شرط البخاري ومسلم، أبو عوانة اسمه وضّاح مشهور بكنيته، لم يذكر الحافظ اسم أبيه، قتادة هو ابن دعامة السدوسي.
وهو في «شرح السنة» ١٦٤٣ بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (٢٣٢٠ و٦٠١٢) ومسلم ١٥٥٣ والترمذي ١٣٨٢ وأحمد (٣/ ١٤٧) و (٢٢٨- ٢٢٩ و٢٤٣) وأبو يعلى ٢٨٥١ والبيهقي (٦/ ١٣٧) من طرق عن أبي عوانة به.
- وأخرجه البخاري ٢٣٢٠ ومسلم (١٥٥٣) ح/ ١٣ وأحمد (٣/ ١٩٢) والبيهقي (٦/ ١٣٧) من طريق أبان بن يزيد العطار عن قتادة به.
وفي الباب من حديث جابر. أخرجه مسلم ١٥٥٢ والطيالسي ١٢٧٢ والحميدي ١٢٧٤ وأحمد (٣/ ٣٩١ و٤٢٠) وأبو يعلى ٢٢١٣ وابن حبان (٣٣٦٨ و٣٣٦٩) والبيهقي (٦/ ١٣٧) من طرق عنه.
٣١٥- ع حسن. أخرجه ابن ماجه ١٨٢٢ والواحدي ١٧٢ والحاكم (٢/ ٢٨٥) والطبري (٦١٣٨ و٦١٣٩) من طريق أسباط عن السدي عن عدي بن ثابت به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، لكن في أسباط بن نصر ضعف ينحط حديثه عن درجة الصحيح، ومثله السدي.
- وأخرجه الترمذي ٢٩٨٧ والبيهقي (٤/ ١٣٦) من طريق السدي عن أبي مالك عن البراء به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(١) في الأصل «الزياتي» وهو تصحيف والتصويب من «الأنساب» للسمعاني و «تهذيب الكمال» (٧/ ٣٩٤) للمزي و «شرح السنة» ١٦٤٣.
(٢) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة».
(٣) كذا في المخطوط و «شرح السنة» وفي المطبوع «مؤمن».
(٤) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة». [.....]
(٥) في المطبوع «عامر».
(٦) البسر: التمر قبل نضجه- وابتداء الشيء.
(٧) في المطبوع «يعلم».
(٨) القنو: العذق أي عرجون البلح.
(٩) الحشف: أردأ التمر.

صفحة رقم 371
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية