آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ

شرح الكلمات:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ١﴾ : صفتهم المستحسنة العجيبة.
﴿سَبِيلِ اللهِ﴾ : كل ما يوصل إلى مرضاة الله تعالى من الإيمان وصالح الأعمال.
﴿يُضَاعِفُ﴾ : يزيد ويكثر حتى يكون الشيء أضعاف ما كان.
﴿مَنّاً وَلا أَذىً﴾ : المن٢: ذكر الصدقة وتعدادها على من تصدق بها عليه على الوجه التفضل عليه. والأذى: التطاول على المتصدق عليه وإذلاله بالكلمة النابية أو التي تمس كرامته وتحط من شرفه.
﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ : كلام طيب يقال للسائل المحتاج، نحو: الله يرزقنا وإياكم، الله كريم. الله يفتح علينا وعليك.
﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾ : ستر على الفقير بعدم إظهار فقره، والعفو عن سوء خلقه إن كان كذلك.
﴿غَنِيٌّ﴾ : غني ذاتي لا يفتقر معه إلى شيء أبداً.
﴿حَلِيمٌ﴾ : لا يعاجل بالعقوبة بل يعفو ويصفح.
معنى الآيات:
يخبر تعالى مرغباً في الجهاد بالمال لتقدمه على الجهاد بالنفس؛ لأن العدة أولاً والرجال ثانياً، أن مثل ما ينفقه المؤمن في سبيل الله وهو هنا الجهاد، في نماءه وبركته وتضاعفه، كمثل حبة٣ بر بذرت في أرض طيبة فأنبتت سبع٤ سنابل في كل سنبلة مائة حبة فأثمرت الحبة الواحدة سبعمائة حبة، وهكذا الدرهم الواحد ينفقه المؤمن في سبيل الله يضاعف إلى سبعمائة

١ ذكر القرطبي: أنه روي أن هذه الآية: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ﴾ نزلت في شأن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، إذ عثمان جهز جيش العسرة في غزوة تبوك، وعبد الرحمن خرج بنصف ماله وهو أربعة آلاف، فدعا له الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت".
٢ المن: من كبائر الذنوب، إذ صاحبه أحد ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم "في صحيح مسلم" والمنان هو الذي لا يعطي شيئاً إلا منة.
٣ الحب: اسم جنس لكل ما يزرعه الإنسان ويقتاته وأكثر ما يراد بالحب: البر، ومنه قول المتلمس:
أليت حب العراق الدهر أطعمه والحب يأكله في القرية السوس
والحبة بكسر الحاء: بذور البقول مما ليس بقوت، وفي حديث الشفاعة: "فينبتون كما تنب الحبة في حميل السيل" وحبة القلب سويدائه، والحب معروف ضد الكره.
٤ في الآية: دليل على مشروعية الزراعة، وهي واجب كفائي وورد فيها: "التمسوا الرزق في خبايا الأرض". رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها.

صفحة رقم 254

ضعف، وقد يضاعف إلى أكثر لقوله تعالى: ﴿وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ هذا ما تضمنته الآية الأولى (٢٦١)، وأما الآية الثانية (٢٦٢) فهي تحمل بشرى الله تعالى للمنفقين في سبيله الذين لا يتبعون ما أنفقوه مناً به ولا أذى لمن أنفقوه عليه بأن لا خوف عليهم فيما يستقبلونه من حياتهم ولا هم يحزنون على ما يتركون وراءهم ويخلفون. وهذه هي السعادة حيث خلت حياتهم من الخوف والحزن حل محلها الأمن والسرور. وأخيراً الآية الثالثة (٢٦٣) وهي: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ... ﴾ فإن الله تعالى يخبر بأن الكلمة الطيبة تقال للفقير ينشرح لها صدره وتطيب لها نفسه خير من مال يعطاه صدقة عليه يهان به ويذل فيشعر بمرارة الفقر أكثر، وألم الحاجة أشد، ومغفرة وستر لحالته وعدم فضيحته أو عفو عن سوء خلقه؛ كإلحاحه في المسألة، خير أيضاً من صدقة يفضح١ به ويعاتب ويشنع عليه بها، وقوله في آخر الآية: ﴿وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ أي: مستغن عن الخلق حليم لا يعاجل بالعقوبة من يخالف أمره.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- فضل النفقة في الجهاد وإنها أفضل النفقات.
٢- فضل الصدقات وعواقبها الحميدة.
٣- حرمة المن بالصدقة وفي الحديث:

"ثلاثة لا يدخلون الجنة " وذكر من بينهم المنان.
٤- الرد الجميل على الفقير إذا لم يوجد ما يعطاه، وكذا العفو عن سوء القول منه ومن غيره خير من الصدقة يتبعها أذى، وفي الحديث: "الكلمة الطيبة صدقة".
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ
١ وصح عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: "الكلمة الطيبة صدقة" وقوله: "ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"، قال: "لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا عاق لوالديه ولا منان".

صفحة رقم 255
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية