آيات من القرآن الكريم

۞ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

الجزء الثالث
﴿تِلْكَ الرُّسُلُ١ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤) ﴾
شرح الكلمات:
﴿تِلْكَ الرُّسُلُ﴾ : أولئك الرسل الذين قص الله تعالى على رسوله بعضاً منهم وأخبره أنه منهم في قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾. في الآية قبل هذه.
﴿مَنْ كَلَّمَ اللهُ﴾ : كموسى عليه السلام.
﴿وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ : وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث فضله٢ تفضيلاً على سائر الرسل.
﴿الْبَيِّنَاتِ﴾ : المعجزات الدالة على صدق عيسى في نبوته ورسالته.
﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ : جبريل عليه السلام كان يقف دائماً إلى جانب عيسى يسدده ويقويه إلى أن رفعه الله تعالى إليه.
﴿اقْتَتَلُوا﴾ : قتل بعضهم بعضاً.
﴿أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ : النفقة الواجبة وهي الزكاة، ونفقة التطوع المستحبة.

١ روى أحمد عن أبي ذر أنه سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائلاً: أي الأنبياء كان أول؟ قال: "آدم" قلت: رسول ونبي كان؟ قال: "نعم نبي مكلم"، قلت: يا رسول الله كم المرسلون؟ قال: "ثلاثمائة وبضعة عشر جماً غفيراً".
٢ شاهده قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر". ومع هذا زيادة في كماله قال: "لا تفضلوني على موسى"، وقال على يونس بن متى: "فصلى الله عليّه ما أرفع مقامه".

صفحة رقم 241

﴿لا بَيْعٌ فِيهِ﴾ ١: لا يشتري أحد نفسه بمال يدفعه فداء لنفسه من العذاب.
﴿وَلا خُلَّةٌ﴾ : أي: صداقة تنفع صاحبها.
﴿وَلا شَفَاعَةٌ﴾ : تقبل إلا أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى.
﴿وَالْكَافِرُونَ﴾ : بمنع الزكاة والحقوق الواجبة لله تعالى ولعباده هم الظالمون.
معنى الآيتين:
بعد أن قص الله تبارك وتعالى على رسوله قصة ملأ بني إسرائيل في طلبهم نبيهم شمويل بأن يعين لهم ملكاً يقودهم إلى الجهاد، وكانت القصة تحمل في ثناياها أحداثاً من غير الممكن أن يعلمها أمي مثل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدون ما يتلقاها وحياً يوحيه الله تعالى إليه وختم القصة بتقرير نبوته ورسالته بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾، أخبر الله تعالى أن أولئك الرسل فضل بعضهم على بعض، منهم من فضله بتكليمه كموسى عليه السلام، ومنهم من فضله بالخلة كإبراهيم عليه السلام، ومنهم من رفعه إليه وأدناه وناجاه وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنهم من آتاه الملك٢ والحكمة وعلمه صنعة الدروع كداود عليه السلام، ومنهم من آتاه الملك والحكمة وسخر له الجن وعلمه منطق الطير كسليمان عليه السلام، ومنهم من آتاه البينات وأيده بروح القدس وهو عيسى عليه السلام. فقال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ٣ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ﴾ كنبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ فضله بعموم رسالته وبختم النبوات بنبوته، وبتفضيل أمته، وبإدخاله الجنة في حياته قبل مماته، وبتكليمه ومناجاته مع ما خصه من الشفاعة يوم القيامة. ثم أخبر تعالى أنه لو يشاء هداية الناس لهداهم فلم يختلفوا بعد رسلهم ولم يقتتلوا من بعد ما جائتهم البينات وذلك لعظيم قدرته، وحرية إرادته فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. هذا بعض ما أفادته الآية الأولى (٢٥٣) أما الآية الثانية (٢٥٤) فقد نادى الله تعالى عباده المؤمنين وأمرهم بالإنفاق في سبيل الله تقرباً إليه وتزوداً للقائه قبل يوم القيامة حيث لا

١ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: ﴿لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ﴾ بالنصب من غير تنوين. وأنشد حسان، وهو شاهد هذه القراءة:
ألا طعان ولا فرسان عادية ألا تجشؤكم عند التنانير
يهجو ناساً فيصفهم بالقعود عن القتال وملازمة التنور للطعام.
٢ الحكمة هنا: هي النبوة كما تقدم عن ابن كثير في: "نهر الخير".
٣ هل يجوز للمسلم أن يقول مثل موسى أفضل من هارون، أو إبراهيم أفضل من عيسى مثلاً؟. الجواب: لا. لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تخيروا بين الأنبياء ولا تفضلوا بين أنبياء الله"، أي: لا تقولون فلان خير من فلان، ولا فلان أفضل من فلان. إذ نحن لا نقدر على التفضيل، وإنما يقدر عليه الله وحده، إذ هو يهب ما يشاء لمن يشاء.

صفحة رقم 242

فداء ببيع وشراء، ولا صداقة تجدي ولا شفاعة تنفع، والكافرون بنعم الله وشرائعه هم الظالمون المستوجبون١ للعذاب والحرمان والخسران.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
١- تفاضل الرسل فيما بينهم بحسب جهادهم وصبرهم وما أهلهم الله تعالى له من الكمال.
٢- صفة الكلام لله تعالى حيث كلم موسى في الطور، وكلم محمداً في الملكوت الأعلى.
٣- الكفر والإيمان والهداية والضلال، والحرب والسلم كل ذلك تبع لمشيئته تعالى وحكمته.
٤- ذم الاختلاف في الدين وأنه مصدر شقاء وعذاب.
٥- وجوب الإنفاق في سبيل الله مما رزق الله تعالى عبده.
٦- التحذير من الغفلة والأخذ بأسباب النجاة يوم القيامة حيث لا فداء ولا خلة تنفع ولا شفاعة ومن أقوى الأسباب الإيمان والعمل الصالح وإنفاق المال تقرباً إلى الله تعالى في الجهاد وغيره.
﴿اللهُ لا ٢إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥) ﴾

١ قال القرطبي عند هذه الآية: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ أي: فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق المال، قال: وقال عطاء ابن دينار: الحمد لله الذي قال: الكافرون هم الظالمون، ولم يقل الظالمون هم الكافرون.
٢ صح أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يا أبا المنذر –أبي بن كعب- أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال: قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم. فضرب في صدري وقال: "ليهنك العلم يا أبا المنذر". وروى أحمد: "أن آية الكرسي تعدل ربع القرآن وأن الزلزلة والكافرون والنصر كل واحدة تعدل ربع القرآن، وأن الصمد تعدل ثلث القرآن".

صفحة رقم 243
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية