آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- التحذير من الاغترار بفصاحة١ وبيان الرجل إذا لم يكن من أهل الإيمان والإخلاص.
٢- شر الناس من يفسد في الأرض بارتكاب الجرائم مما يسبب فساداً وهلاكاً للناس والمواشي.
٣- قول الرجل يعلم الله، ويشهد الله يعتبر يميناً فليحذر المؤمن أن يقول ذلك وهو يعلم من نفسه أنه كاذب.
٤- إذا قيل للمؤمن اتق الله يجب عليه أن لا يغضب أو يكره من أمره بالتقوى بل عليه أن يعترف بذنبه ويستغفر الله تعالى ويقلع عن المعصية فوراً.
٥- الترغيب في الجهاد بالنفس٢ والمال وجواز أن يخرج المسلم من كل ماله في سبيل الله تعالى ولا بعد ذلك إسرافاً ولا تبذيراً إذ الإسراف والتبذير في الإنفاق في المعاصي والذنوب.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (٢١٠) ﴾
شرح الكلمات:
﴿السِّلْم﴾ : الإسلام٣.

١ يشهد له حديث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن من الشعر لحكمة وأن من البيان لسحراً".
٢ تأول عمر وعلي وابن عباس هذه الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ﴾ فيمن يأمر أحداً بمعروف وينهاه عن منكر فتأخذه العزة بالإثم فيقاتل الواعظ له، فيبيع لله الواعظ نفسه ويقاتله.
٣ روي أن حذيفة بن اليمان قال في هذه الآية: "الإسلام ثمانية أسهم: الصلاة سهم، والزكاة سهم، والصوم سهم، والحج سهم، والعمرة سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر. وقد خاب من لا سهم له في الإسلام".

صفحة رقم 186

﴿كَافَّةً﴾ ١: جميعاً لا يتخلف عن الدخول في الإسلام٢ أحد، ولا يترك من شرائعه ولا من أحكامه شيء.
﴿خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ : مسالكه في الدعوة إلى الباطل وتزيين الشر والقبح.
﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ﴾ : وقعتم في الزلل٣ وهو الفسق والمعاصي.
﴿الْبَيِّنَاتُ﴾ : الحجج والبراهين.
﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ : ما ينظرون: الاستفهام للنفي.
الظلل: جمع ظلة: ما يظلل من سحاب أو شجر ونحوهما.
﴿الْغَمَامِ﴾ : السحاب الرقيق الأبيض.
معنى الآيتبن:
ينادي الحق تبارك وتعالى عباده المؤمنين آمراً إياهم الدخول في الإسلام دخولاً شمولياً، بحيث لا يتخيرون بين شرائعه وأحكامه ما وافق مصالحهم وأهواءهم قبلوه وعملوا به، وما لم يوافق ردوه أو تركوه وأهملوه، وإنما عليهم أن يقبلوا شرائع الإسلام وأحكامه كافة، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان في تحسين القبيح وتزيين المنكر، إذ هو الذي زين لبعض مؤمني أهل الكتاب تعظيم السبت وتحريم أكل الإبل بحجة أن هذا من دين الله الذي كان عليه صلحاء بني إسرائيل فنزلت هذه الآية فيهم تأمرهم وتأمر سائر المؤمنين بقبول كافة شرائع الإسلام وأحكامه، وتحذرهم من عاقبة اتباع الشيطان فإنها الهلاك التام وهو ما يريده الشيطان بحكم عداوته للإنسان. هذا ما تضمنته الآية (٢٠٨)، أما الآية الثانية (٢٠٩) فقد تضمنت أعظم تهديد وأشد وعيد لمن أزله الشيطان فقبل بعض شرائع الإسلام ولم يقبل البعض الآخر، وقد عرف أن الإسلام حق، وشرائعه أحق فقال تعالى: ﴿فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ يحملها كتاب الله القرآن ويبينها رسول الله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن الله سينتقم

١ كآفة: اسم يفيد الإحاطة بأجزاء ما وصف به، فقوله تعالى: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾، أي: حتى لا يبقى مشروع ما يعمل به أو لا يبقى فرد لا يدخل فيه.
٢ اختلف في تحديد معنى السلم في الآية، والراجح أنها بمعنى الإسلام ويكون الخطاب معنياً به بعض من آمن من أهل الكتاب وبقى متمسكاً ببعض شرائع التوراة؛ كتحريم يوم السبت، وتحريم شرب لبن الإبل، أمروا بالدخول في الإسلام كافة، أي: بقبول شرائعه كلها وترك شرائع غيره وتكون بمعنى الصلح وترك الحرب والتهارج ويكون الخطاب للمسلمين عامة بترك التهارج بينهم والتقاتل.
٣ أصل الزلل: الزلق، وهو اضطراب القدم وتحركها في الموضع المراد إثباتها فيه، والمراد هنا عدم الثبات على طاعة الله ورسوله بفعل الأمر وترك النهي بتزيين الشيطان ذلك للعبد حتى يقع في الضرر.

صفحة رقم 187

منكم؛ لأنه تعالى غالب على أمره حكيم في تدبيره وإنجاز وعده ووعيد، وأما الآية الثالثة (٢١٠) فقد تضمنت حث المتباطئين على الدخول في الإسلام، إذ لا عذر لهم في ذلك حيث قامت الحجة وظهرت ولاحت الحجة، فقال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ أي: ما ينظرون١ ﴿إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَة﴾ ُ وعند ذلك يؤمنون، ومثل هذا الإيمان الاضطراري لا ينفع حيث يكون العذاب لزاماً. بقضاء الله العادل، قال تعالى: ﴿وَقُضِيَ الأَمْرُ﴾ إذا جاء الله تعالى لفصل القضاء وانتهى الأمر إليه فحكم وانتهى كل شيء، فعلى أولئك المتباطئين المترددين في الدخول في الإسلام المعبر عنه بالسلم؛ لأن الدخول فيه حقاً سلم، والخروج منه أو عدم الدخول فيه حقاً حرب عليهم أن يدخلوا في الإسلام ألا إلى الإسلام يا عباد الله! فإن السلم خير من الحرب!.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب٢ قبول شرائع الإسلام كافة وحرمة التخير فيها.
٢- ما من مستحل حراماً، أو تارك واجباً إلا وهو متبع للشيطان في ذلك.
٣- وجوب توقع العقوبة عند ظهور المعاصي العظام لئلا يكون أمن من مكر٣ الله.
٤- إثبات صفة المجيء للرب تعالى: لفصل القضاء يوم القيامة.
٥- حرمة التسويق والمماطلة في التوبة.
﴿سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٢١٢) ﴾

١ الكلام صالح لأن يعود إلى من يعجب قوله ويقبح عمله في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ... ﴾ الآية، وصالح لأن يعود إلى المترددين من أهل الكتاب لعدم خلوصهم في الإسلام كله، وصالح لأن يكون عائداً إلى كل متردد في الإسلام غير صادق في الدخول فيه إلى يوم القيامة، وهذا من إعجاز القرآن، وكونه كتاب هداية للناس كافة وفي كل زمان ومكان.
٢ شاهده قوله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض﴾ الآية.
٣ إذ حصول الأمن لازمه الاستمرار على المعاصي وعدم التوبة، والله يقول: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

صفحة رقم 188
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية