آيات من القرآن الكريم

أُولَٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا ۚ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ
ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ

المزدلفة قرن قزح الذي كانت قريش تقف عليه، وذكر الله تعالى عند المشعر الحرام ندب عند أهل العلم.
وقال مالك: «من مر به ولم ينزل فعليه دم»، وقال الشافعي: «من خرج من مزدلفة قبل نصف الليل فعليه دم، وإن كان بعد نصف الليل فلا شيء عليه» ؟
وقال الشعبي والنخعي: من فاته الوقوف بمزدلفة فاته الحج.
وقوله: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ تعديد للنعمة وأمر بشكرها، ثم ذكرهم بحال ضلالهم ليظهر قدر الإنعام، والكاف في كَما نعت لمصدر محذوف، وأَنْ مخففة من الثقيلة، ويدل على ذلك دخول اللام في الخبر، هذا قول سيبويه.
وقال الفراء: «هي النافية بمعنى ما، واللام بمعنى إلّا»، والضمير في قَبْلِهِ عائد على الهدي.
قوله عز وجل:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٩٩ الى ٢٠٣]
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (٢٠١) أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)
قال ابن عباس وعائشة وعطاء وغيرهم: المخاطب بهذه الآية قريش ومن ولدت وهم الحمس، وذلك أنهم كانوا يقولون نحن قطين الله فينبغي لنا أن نعظم الحرم ولا نعظم شيئا من الحل، فسنوا شق الثياب في الطواف إلى غير ذلك، وكانوا مع معرفتهم وإقرارهم أن عرفة هي موقف إبراهيم لا يخرجون من الحرم ويقفون بجمع ويفيضون منه، ويقف الناس بعرفة، فقيل لهم أن يفيضوا مع الجملة، وثُمَّ ليست في هذه الآية للترتيب، إنما هي لعطف جملة كلام على جملة هي منها منقطعة، وكان رسول الله ﷺ من الحمس، ولكنه كان يقف مذ كان بعرفة، هداية من الله.
وقال الضحاك: «المخاطب بالآية جملة الأمة»، والمراد ب النَّاسُ إبراهيم عليه السلام كما قال:
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ [آل عمران: ١٧٣] وهو يريد واحدا، ويحتمل على هذا أن يؤمروا بالإفاضة من عرفة، ويحتمل أن تكون إفاضة أخرى وهي التي من المزدلفة فتجيء ثُمَّ على هذا الاحتمال على

صفحة رقم 275

بابها، وعلى هذا الاحتمال عول الطبري، وقرأ سعيد بن جبير «الناسي» وتأوله آدم عليه السلام، ويجوز عند بعضهم تخفيف الياء فيقول الناس كالقاض والهاد.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: أما جوازه في العربية فذكره سيبويه، وأما جوازه مقروءا به فلا أحفظه، وأمر تعالى بالاستغفار لأنها مواطنه ومظان القبول ومساقط الرحمة، وفي الحديث أن رسول الله ﷺ خطب عشية عرفة فقال: «أيها الناس، إن الله عز وجل قد تطاول عليكم في مقامكم هذا، فقبل من محسنكم ووهب مسيئكم لمحسنكم إلا التبعات فيما بينكم، أفيضوا على اسم الله»، فلما كان غداة جمع، خطب فقال: «أيها الناس إن الله تطاول عليكم فعوض التبعات من عنده».
وقالت فرقة: المعنى واستغفروا الله من فعلكم الذي كان مخالفا لسنة إبراهيم في وقوفكم بقزح من المزدلفة.
وقوله تعالى: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ الآية، قال مجاهد: «المناسك الذبائح وهراقة الدماء»، والمناسك عندي العبادات في معالم الحج ومواضع النسك فيه، والمعنى إذا فرغتم من حجكم الذي هو الوقوف بعرفة فاذكروا الله بمحامده وأثنوا عليه بآلائه عندكم، وخص هذا الوقت بالقضاء لما يقضي الناس فيه مناسكهم في حين واحد، وما قبل وما بعد فهو على الافتراق: هذا في طواف وهذا في رمي وهذا في حلاق وغير ذلك، وكانت عادة العرب إذا قضت حجها تقف عند الجمرة فتتفاخر بالآباء وتذكر أيام أسلافها من بسالة وكرم وغير ذلك، فنزلت الآية ليلزموا أنفسهم ذكر الله تعالى أكثر من التزامهم ذكر آبائهم بأيام الجاهلية، هذا قول جمهور المفسرين.
وقال ابن عباس وعطاء: معنى الآية اذكروا الله كذكر الأطفال آباءهم وأمهاتهم، أي فاستغيثوا به والجؤوا إليه كما كنتم تفعلون في حال صغركم بآبائكم.
وقالت طائفة: معنى الآية اذكروا الله وعظموه وذبوا عن حرمه، وادفعوا من أراد الشرك والنقص في دينه ومشاعره، كما تذكرون آباءكم بالخير إذا غض أحد منهم وتحمون جوانبهم وتذبون عنهم، وقرأ محمد ابن كعب القرظي «كذكركم آباؤكم» أي اهتبلوا بذكره كما يهتبل المرء بذكر ابنه، فالمصدر على هذه القراءة مضاف إلى المفعول، وأَشَدَّ في موضع خفض عطفا على «ذكركم» ويجوز أن يكون في موضع نصب، التقدير أو اذكروه أشد ذكرا.
وقوله تعالى: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ الآية، قال أبو وائل والسدي وابن زيد: كانت عادتهم في الجاهلية أن يدعوا في مصالح الدنيا فقط إذ كانوا لا يعرفون الآخرة، فنهوا عن ذلك الدعاء المخصوص بأمر الدنيا، وجاء النهي في صيغة الخبر عنهم، والخلاق: النصيب والحظ، ومَنْ زائدة لأنها بعد النفي، فهي مستغرقة لجنس الحظوظ.
وقال قتادة: «حسنة الدنيا العافية في الصحة وكفاف المال».
وقال الحسن بن أبي الحسن: «حسنة الدنيا العلم والعبادة».

صفحة رقم 276

وقال السدي: «حسنة الدنيا المال»، وقيل: حسنة الدنيا المرأة الحسناء، واللفظة تقتضي هذا كله وجميع محابّ الدنيا، وحسنة الآخرة الجنة بإجماع، وقِنا عَذابَ النَّارِ دعاء في أن لا يكون المرء ممن يدخلها بمعاصيه وتخرجه الشفاعة، ويحتمل أن يكون دعاء مؤكدا لطلب دخول الجنة، لتكون الرغبة في معنى النجاة والفوز من الطرفين، كما قال أحد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: «أنا إنما أقول في دعائي اللهم أدخلني الجنة وعافني من النار، ولا أدري ما دندنتك ولا دندنة معاذ»، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حولها ندندن».
وقوله تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا الآية، وعد على كسب الأعمال الصالحة في صيغة الإخبار المجرد، والرب تعالى سريع الحساب لأنه لا يحتاج إلى عقد ولا إلى إعمال فكر، وقيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف يحاسب الله الخلائق في يوم؟ فقال «كما يرزقهم في يوم»، وقيل: الحساب هنا المجازاة، كأن المجازي يعد أجزاء العمل ثم يجازي بمثلها، وقيل معنى الآية سريع مجيء يوم الحساب، فالمقصد بالآية الإنذار بيوم القيامة، وأمر الله تعالى عباده بذكره في الأيام المعدودات، وهي الثلاثة التي بعد يوم النحر، وهي أيام التشريق، وليس يوم النحر من المعدودات، ودل على ذلك إجماع الناس على أنه لا ينفر أحد يوم القر وهو ثاني يوم النحر، فإن يوم النحر من المعلومات، ولو كان يوم النحر في المعدودات لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم القر، لأنه قد أخذ يومين من المعدودات، وحكى مكي والمهدوي عن ابن عباس أنه قال: «المعدودات هي أيام العشر»، وهذا إما أن يكون من تصحيف النسخة، وإما أن يريد العشر الذي بعد يوم النحر، وفي ذلك بعد، والأيام المعلومات هي يوم النحر ويومان بعده لإجماعهم على أنه لا ينحر أحد في اليوم الثالث، والذكر في المعلومات إنما هو على ما رزق الله من بهيمة الأنعام.
وقال ابن زيد: «المعلومات عشر ذي الحجة وأيام التشريق»، وفي هذا القول بعد، وجعل الله الأيام المعدودات أيام ذكر الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي أيام أكل وشرب وذكر لله».
ومن جملة الذكر التكبير في إثر الصلوات، واختلف في طرفي مدة التكبير: فقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس: يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق.
وقال ابن مسعود وأبو حنيفة: يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
وقال يحيى بن سعيد: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر من آخر يوم التشريق.
وقال مالك: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وبه قال الشافعي.
وقال ابن شهاب: «يكبر من الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق».
وقال سعيد بن جبير: «يكبر من الظهر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق».
وقال الحسن بن أبي الحسن: «يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر يوم النفر الأول».

صفحة رقم 277
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية