
٥- وجوب شكر الله تعالى بذكره وطاعته على هدايته وإنعامه.
٦- وجوب المساواة في أداء مناسك الحج بين سائر الحجاج فلا يتميز بعضهم عن بعض في أي شعيرة من شعائر الحج.
٧- الترغيب في الاستغفار١ والإكثار منه.
﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ٢ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً٣ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣) ﴾
شرح الكلمات:
﴿قَضَيْتُمْ﴾ : أديتم وفرغتم منها.
المناسك: جمع منسك وهي عبادات الحج المختلفة.
الخلاق: الحظ والنصيب.
٢ الكاف: في محل نصب، أي ذكرا كذكركم فهي بمعنى مثل، وأو هنا للإضراب الانتقالي، أي بل اذكروه ذكراً أشد من ذكركم آبائكم.
٣ روي عن علي رضي الله عنه إنه كان يقول: "حسنة الدنيا: المرأة الصالحة، وحسنة الآخرة: الحور العين، وقد لا يصح هذا عن علي، وما فسرنا به أعم وأشمل وأعظم.

﴿حَسَنَةً﴾ : حسنة الدنيا: كل ما يسر ولا يضر من زوجة صالحة وولد صالح ورزق حلال وحسنة الآخرة النجاة من النار ودخول الجنان.
﴿وَقِنَا﴾ : احفظنا ونجنا من عذاب النار.
﴿نَصِيبٌ﴾ : حظ وقسط من أعمالهم الصالحة ودعائهم الصالح.
الأيام المعدودات١: أيام التشريق الثلاثة بعد يوم العيد.
﴿تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ : رمى يوم الأول والثاني وسافر.
﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ﴾ : رمى الأيام الثلاثة كلها.
﴿فَلا إِثْمَ﴾ : أي لا ذنب في التعجل ولا في التأخر.
﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ : للذي اتقى ربه بعدم ترك واجب أوجبه أو فعل حرام حرمه.
﴿تُحْشَرُونَ﴾ : تجمعون للحساب والجزاء يوم القيامة.
معنى الآيات:
بهذا الآيات الأربع انتهى الكلام على أحكام الحج، ففي الآية الأولى (٢٠٠) يرشد تعالى المؤمنين إذا فرغوا من مناسكهم بأن رموا جمرة العقبة ونحروا وطافوا طواف الإفاضة، واستقروا بمنى للراحة والاستجمام أن يكثروا من ذكر الله تعالى عند رمي الجمرات، وعند الخروج من الصلوات ذكراً مبالغاً في الكثرة منه على النحو الذي كانوا في الجاهلية يذكرون فيه مفاخر آبائهم٢ وأحساب أجدادهم. وبين تعالى حالهم وهي أن منهم من همه الدنيا فهو لا يسأل الله تعالى إلا ما يهمه منها، وهذا كان عليه أكثر الحجاج في الجاهلية، وأن منهم من يسأل الله تعالى خير الدنيا والآخرة، وهم المؤمنون الموحدون فيقولون: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي٣ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، وهذا متضمن تعليم المؤمنين وإرشادهم إلى هذا الدعاء الجامع والقصد الصالح النافع فلله الحمد والمنة، وفي الآية (٢٠٢) يخبر تعالى أن لأهل الدعاء الصالح وهم المؤمنون الموحدون نصيباً من الأجر على أعمالهم التي كسبوها في الدنيا،
٢ قال أهل العلم: إن عادة العرب في الجاهلية إنهم إذا قضوا حجهم وقفوا عند الجمرات يفاخرون بآبائهم حتى أن الرجل ليقول اللهم إن أبي كان عظيم القبة عظيم الجفنة كثير المال فأعطني مثل ما أعطيته، فلا يذكر غير أبيه.
٣ هذه الآية من جوامع الدعاء التي عمت الدنيا والآخرة وفي الصحيحين أن أنس بن مالك: قال كان أكثر دعوة يدعو بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ﴿ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار﴾.

وهو تعالى سريع الحساب فيعجل لهم تقديم الثواب وهو الجنة، وفي الآية (٢٠٣) يأمر تعالى عباده الحجاج المؤمنين بذكره تعالى في أيام التشريق عند رمي الجمار وبعد الصلوات الخمس قائلين: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر ألله أكبر ولله الحمد ثلاث مرات إلى عصر اليوم الثالث في أيام التشريق١ ثم أخبرهم الله تعالى بأنه لا حرج على من تعجل السفر إلى أهله بعد رمي اليوم الثاني، كما لا حرج على من تأخر فرمى اليوم الثالث فقال تعالى: ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ٢ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ فالأمر على التخيير وقيد نفي الإثم بتقواه عز وجل فمن ترك واجباً أو فعل محرماً فإن عليه إثم معصيته ولا يطهره منها إلا التوبة ففي الإثم مقيد بالتعجل ودعمه فقط. فكان قوله تعالى لمن اتقى قيدا ً جميلاً، ولذا أمرهم بتقواه عز وجل، ونبههم إلى مصيرهم الحتمي، وهو الوقوف بين يديه سبحانه وتعالى، فليستعدوا لذلك بذكره وشكره والحرص على طاعته.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب الذكر بمنى عند رمس الجمرات إذ يكبر مع كل حصاة قائلاً: الله أكبر.
٢- فضيلة الذكر٣ والرغبة فيه؛ لأنه من محاب الله تعالى.
٣- فضيلة سؤال الله تعالى الخيرين وعدم الاقتصار على أحدهما، وشره الاقتصار على طلب الدنيا وحطامها.
٤- فضيلة دعاء: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. فهي جامعة للخيرين معاً، فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا طاف بالبيت يختم بها كل شوط.
٥- وجوب المبيت ثلاث ليال بمنى ووجوب الحمرات إذ بها يتأتى ذكر الله في الأيام المعدودات، وهي أيام التشريق.
٦- الرخصة في التعجل لمن رمى اليوم الثاني.
٧- الأمر بتقوى الله وذكر الحشر والحساب والجزاء، إذ هذا الذكر يساعد على تقوى الله عز وجل.
٢ قيل أن هذا التخيير ونفي الإثم على المتعجل والمتأخر لأجل الحاج المتقي لأنه حذر متحرز من كل ما يريبه فرفع الإثم حتى لا يبقى في نفسه ما يؤلمه من التقديم والتأخير وهو وجه حسن للآية.
٣ روى أحمد أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله". وروى مسلم أيضاً عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله".