آيات من القرآن الكريم

وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ

والمتقين مضاف إليه، وأن وما في حيزها سدت مسد مفعولي اعلموا.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٩٥]
وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)
اللغة:
(التهلكة) : من نوادر المصادر وليس فيما يجري على القياس، وفي القاموس: إنه مثلث اللام.
واقتصر الجوهري في صحاحه والرازي في مختاره على تثليث لام مهلك، وأما التهلكة فهي بضم اللام.
الإعراب:
(وَأَنْفِقُوا) الواو استئنافية، والجملة مستأنفة مسوقة للأمر بالجهاد بالمال بعد الأمر به بالنفس، وأنفقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) الجار والمجرور متعلقان بأنفقوا (وَلا تُلْقُوا) الواو عاطفة، ولا ناهية، وتلقوا فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل (بِأَيْدِيكُمْ) الباء مزيدة، مثلها في أعطى بيده للمنقاد، لأن ألقى فعل يتعدّى بنفسه، وقيل ضمّن تلقوا معنى فعل يتعدّى بالباء، أي لا تفضوا بأيديكم، وقيل: المفعول الثاني محذوف تقديره ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم (إِلَى التَّهْلُكَةِ) الجار والمجرور متعلقان بتلقوا (وَأَحْسِنُوا) الواو عاطفة، وأحسنوا فعل أمر وفاعل (إِنَّ اللَّهَ) إن واسمها (يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به،

صفحة رقم 284

وجملة يحب المحسنين خبر إن، وجملة إن وما في حيزها تعليلية لا محل لها.
البلاغة:
المجاز المرسل في الأيدي، والمراد بها الأنفس، لأن البطش والحركة يكون بها، فهي مجاز مرسل علاقته الجزئية، من إطلاق الجزء وإرادة الكل، أو السببية، لأن اليد سبب الحركة كما تقدم.
لمحة تاريخية:
اختلف المفسرون في معنى إلقاء الأيدي الى التهلكة، وأقرب ما يقال فيها: إن رجلا من المهاجرين حمل على صف العدوّ فصاح به الناس: ألقى بيده الى التهلكة. فقال أبو أيوب الأنصاري: نحن أعلم بهذه الآية، إنما أنزلت فينا، صحبنا رسول الله ﷺ فنصرناه، وشهدنا معه المشاهد، وآثرناه على أهلينا وأموالنا وأولادنا، فلما وضعت الحرب أوزارها رجعنا الى أهلينا وأولادنا وأموالنا نصلحها ونقيم فيها، فكانت التهلكة، الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد. وقال آخرون في تفسير هذه الآية: ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة، بالإسراف وتضييع وجه المعاش، أو بالكفّ عن الغزو والإنفاق فيه، فإن ذلك مما يقوي العدوّ ويسلطهم عليكم. وعن أسلم أبي عمران قال: غزونا المدينة- يريد القسطنطينية- وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد قال: فصففنا صفيّن لم أر صفيّن قط أعرض ولا أطول منهما، والروم ملصقون ظهورهم بحائط المدينة،

صفحة رقم 285

قال: فحمل رجل منا على العدوّ فقال الناس: مه، لا إله إلا الله، يلقي بيده الى التهلكة. قال أبو أيوب الأنصاري: إنما تتأولون هذه الآية هكذا، إن حمل رجل يقاتل يلتمس الشهادة، إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنّا لما نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا بيننا:
إنا قد تركنا أهلنا وأموالنا أن نقيم فيها ونصلحها، فأنزل الله الخبر من السماء، قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى استشهد ودفن بالقسطنطينية، قلت: وهذه الغزوة غير الغزوة المشهورة التي مات فيها أبو أيوب، وقد غزاها يزيد بن معاوية بعد ذلك سنة تسع وأربعين للهجرة، ومعه جماعة من سادات الصحابة.
ثمّ غزاها يزيد سنة اثنين وخمسين، وهي التي مات فيها أبو أيوب، وقبره هناك الى الآن وقد شيد عليه مسجد شهير. وإنما أطلنا في هذا الصّدد لأنه يناسب حالتنا الراهنة، وحالة كل أمة تتخلف عن الجهاد، وتهمل تعبئة الإمكانيات، وحشد الطاقات.

صفحة رقم 286
إعراب القرآن وبيانه
عرض الكتاب
المؤلف
محيي الدين بن أحمد مصطفى درويش
الناشر
دار الإرشاد للشئون الجامعية - حمص - سورية ، (دار اليمامة - دمشق - بيروت) ، ( دار ابن كثير - دمشق - بيروت)
سنة النشر
1412 - 1992
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية