آيات من القرآن الكريم

أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ
ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

سُلِبَهَا الْمُنَافِقُ؛ لِأَنَّهُ (١) لَمْ يَكُنْ لَهَا أَصْلٌ فِي قَلْبِهِ، وَلَا حَقِيقَةٌ فِي عَمَلِهِ (٢).
﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ﴾ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ﴾ يَقُولُ: فِي عَذَابٍ إِذَا مَاتُوا.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمة، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عَبَّاسٍ: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ﴾ أَيْ يُبْصِرُونَ الْحَقَّ وَيَقُولُونَ بِهِ، حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ ظُلْمَةِ الْكُفْرِ أَطْفَئُوهُ بِكُفْرِهِمْ (٣) وَنِفَاقِهِمْ فِيهِ، فَتَرَكَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ، فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ هُدًى، وَلَا يَسْتَقِيمُونَ عَلَى حَقٍّ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدِهِ: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ﴾ فَكَانَتِ الظُّلْمَةُ نِفَاقُهُمْ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ فَذَلِكَ (٤) حِينَ يَمُوتُ الْمُنَافِقُ، فَيُظْلِمُ عَلَيْهِ عَمَلُهُ عَمَلُ السُّوءِ، فَلَا يَجِدُ لَهُ عَمَلًا مِنْ خَيْرِ عَمَلٍ بِهِ يُصَدِّقُ (٥) بِهِ قَوْلَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (٦).
﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ قَالَ السُّدِّيُّ بِسَنَدِهِ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ فَهُمْ خُرْسٌ عُمْيٌ (٧).
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ يَقُولُ: لَا يَسْمَعُونَ الْهُدَى وَلَا يُبْصِرُونَهُ وَلَا يَعْقِلُونَهُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَقَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ.
﴿فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى هُدًى، وَكَذَلِكَ (٨) قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ بِسَنَدِهِ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ إِلَى الْإِسْلَامِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ أَيْ لَا يتوبون (٩) ولا هم يذكرون.
﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) ﴾
وَهَذَا مَثَلٌ آخَرُ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِضَرْبٍ آخَرَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَهُمْ قَوْمٌ يَظْهَرُ لَهُمُ الْحَقُّ تَارَةً، وَيَشُكُّونَ تَارَةً أُخْرَى، فَقُلُوبُهُمْ فِي حَالِ شَكِّهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَتَرَدُّدِهِمْ ﴿كَصَيِّبٍ﴾ وَالصَّيِّبُ: الْمَطَرُ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَنَاسٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بن جبير، وعطاء،

(١) في جـ: "لأنها".
(٢) في جـ: "علمه".
(٣) في جـ: "طعنوا بكفرهم به".
(٤) في جـ: "فبذلك".
(٥) في جـ: "يصدقه".
(٦) في طـ، ب، و: "إلا هو".
(٧) في جـ: "عمي خرس".
(٨) في جـ، ط، ب، أ: "وكذا".
(٩) في جـ: "لا يؤمنون".

صفحة رقم 189

وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَطِيَّةُ العَوْفِي، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، والسُّدي، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ السَّحَابُ.
وَالْأَشْهَرُ هُوَ الْمَطَرُ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ فِي حَالِ ظُلُمَاتٍ، وَهِيَ الشُّكُوكُ وَالْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ. ﴿وَرَعْدٌ﴾ وَهُوَ مَا يُزْعِجُ الْقُلُوبَ مِنَ الْخَوْفِ، فَإِنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُنَافِقِينَ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ وَالْفَزَعَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ [هُمُ الْعَدُوُّ] (١) ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: ٤] وَقَالَ: ﴿وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ * لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ﴾ [التَّوْبَةِ: ٥٦، ٥٧].
وَالْبَرْقُ: هُوَ مَا يَلْمَعُ فِي قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الضَّرْبِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، مِنْ نُورِ الْإِيمَانِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ أَيْ: وَلَا يُجْدي عَنْهُمْ حَذَرُهُمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ مُحِيطٌ [بِهِمْ] (٢) بِقُدْرَتِهِ، وَهُمْ تَحْتَ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، كَمَا قَالَ: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [الْبُرُوجِ: ١٧-٢٠].
[وَالصَّوَاعِقُ: جَمْعُ صَاعِقَةٍ، وَهِيَ نَارٌ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَقْتَ الرَّعْدِ الشَّدِيدِ، وَحَكَى الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِهِمْ صَاعِقَةً، وَحَكَى بَعْضُهُمْ صَاعِقَةً وَصَعْقَةً وَصَاقِعَةً، وَنُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ: قَرَأَ "مِنَ الصَّوَاقِعِ حَذَرَ الْمَوْتِ" بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَأَنْشَدُوا لِأَبِي النَّجْمِ:

يَحْكُوكَ بِالْمَثْقُولَةِ الْقَوَاطِعِ شَفَقُ الْبَرْقِ عَنِ الصَّوَاقِعِ (٣)
قَالَ النَّحَّاسُ: وَهِيَ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَبَعْضِ بني ربيعة، حكى ذلك.
ثُمَّ قَالَ: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ أَيْ: لِشِدَّتِهِ وَقُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَضَعْفِ بَصَائِرِهِمْ، وَعَدَمِ ثَبَاتِهَا لِلْإِيمَانِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ يَقُولُ: يَكَادُ مُحْكَمُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُنَافِقِينَ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ أَيْ لِشِدَّةِ ضَوْءِ الْحَقِّ، ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ أَيْ كُلَّمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ شَيْءٌ اسْتَأْنَسُوا (٤) بِهِ وَاتَّبَعُوهُ، وَتَارَةً تعْرِض لَهُمُ الشُّكُوكُ أظلمت قلوبَهم فوقفوا حائرين.
(١) زيادة من جـ، ط.
(٢) زيادة من جـ، ط، ب.
(٣) البيت في اللسان، مادة "صقع" وهو فيه:
يحكون بالمصقولة القواطع تشقق البرق عن الصواقع
(٤) في أ: "استضاءوا".

صفحة رقم 190

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ يَقُولُ: كُلَّمَا أَصَابَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ عِزِّ الْإِسْلَامِ اطْمَأَنُّوا إِلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَ الْإِسْلَامَ نَكْبَةٌ قَامُوا لِيَرْجِعُوا إِلَى الْكُفْرِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ [وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ] (١) ﴾ الْآيَةَ [الْحَجِّ: ١١].
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ أَيْ: يَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَيَتَكَلَّمُونَ بِهِ، فَهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ بِهِ عَلَى اسْتِقَامَةٍ فَإِذَا ارْتَكَسُوا مِنْهُ (٢) إِلَى الْكُفْرِ ﴿قَامُوا﴾ أَيْ: مُتَحَيِّرِينَ.
وَهَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيُّ بِسَنَدِهِ، عَنِ الصَّحَابَةِ وَهُوَ أَصَحُّ وَأَظْهَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَكَذَا يَكُونُونَ (٣) يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَمَا يُعْطَى النَّاسُ النُّورَ بِحَسَبِ إِيمَانِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى مِنَ النُّورِ مَا يُضِيءُ لَهُ مَسِيرَةَ فَرَاسِخَ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يطْفَأ نُورُهُ تَارَةً وَيُضِيءُ لَهُ أُخْرَى، فَيَمْشِي (٤) عَلَى الصِّرَاطِ تَارَةً وَيَقِفُ أُخْرَى. وَمِنْهُمْ مَنْ يُطْفَأُ نُورُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُمُ الخُلَّص مِنَ الْمُنَافِقِينَ، الَّذِينَ قَالَ تَعَالَى (٥) فِيهِمْ: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ [الْحَدِيدِ: ١٣] وَقَالَ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ﴾ الْآيَةَ [الْحَدِيدِ: ١٢]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التَّحْرِيمِ: ٨].
ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ:
قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبة، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ الْآيَةَ [الْحَدِيدِ: ١٢]، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ (٦) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يُضِيءُ نُورُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى عَدَنَ، أَوْ بَيْنَ (٧) صَنْعَاءَ وَدُونَ ذَلِكَ، حَتَّى إِنَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يُضِيءُ نُورُهُ إِلَّا مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ". رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ دَاوَر (٨) الْقَطَّانِ، عَنْ قَتَادَةَ، بِنَحْوِهِ.
وَهَذَا كَمَا قَالَ المِنْهَال بْنُ عَمْرٍو، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: يُؤْتَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى (٩) نُورَهُ كَالنَّخْلَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى (١٠) نُورَهُ كَالرَّجُلِ الْقَائِمِ، وَأَدْنَاهُمْ نُورًا عَلَى إِبْهَامِهِ يطفأ مرة ويَقِد (١١) مرة.

(١) زيادة من جـ.
(٢) في أ: "فيه".
(٣) في جـ: "يكذبون"، وفي أ: "يكون".
(٤) في أ، و: "ومنهم من يمشي".
(٥) في جـ، ط، ب، أ، و: "الله".
(٦) في جـ، ط، ب، أ، و: "أن نبي الله".
(٧) في جـ، ط، ب، "أبين و".
(٨) في أ: "داود".
(٩) في و: "يؤتى".
(١٠) في أ، و: "يؤتى".
(١١) في جـ: "ويتقد".

صفحة رقم 191

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ مُثَنَّى، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِنْهَالِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافسي (١) حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ [التَّحْرِيمِ: ٨] قَالَ: عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، مِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ الْجَبَلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهُ مِثْلُ النَّخْلَةِ، وَأَدْنَاهُمْ نُورًا مَنْ نُورُهُ فِي إِبْهَامِهِ يَتَّقِدُ مَرَّةً وَيُطْفَأُ أُخْرَى.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الحِمَّاني، حَدَّثَنَا عُتْبَةُ (٢) بْنُ الْيَقْظَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ إِلَّا يُعْطَى نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيُطْفَأُ نُورُهُ، فَالْمُؤْمِنُ مُشْفِقٌ مِمَّا يَرَى مِنْ إِطْفَاءِ نُورِ الْمُنَافِقِينَ، فَهُمْ يَقُولُونَ: رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ: يُعْطَى كُلُّ مَنْ كَانَ يُظْهِرُ الْإِيمَانَ فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورًا؛ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الصِّرَاطِ طُفِئَ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ أَشْفَقُوا، فَقَالُوا: " رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا ".
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا صَارَ النَّاسُ أَقْسَامًا: مُؤْمِنُونَ خُلّص، وَهُمُ الْمَوْصُوفُونَ بِالْآيَاتِ الْأَرْبَعِ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ، وَكُفَّارٌ خُلَّصٌ، وَهُمُ الْمَوْصُوفُونَ بِالْآيَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَمُنَافِقُونَ، وَهُمْ قِسْمَانِ: خُلَّصٌ، وَهُمُ الْمَضْرُوبُ لَهُمُ الْمَثَلُ النَّارِيُّ، وَمُنَافِقُونَ يَتَرَدَّدُونَ، تَارَةً يَظْهَرُ لَهُمْ لُمَعٌ مِنَ الْإِيمَانِ وَتَارَةً يَخْبُو (٣) وَهُمْ أَصْحَابُ الْمَثَلِ الْمَائِيِّ، وَهُمْ أَخَفُّ حَالًا مِنَ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ.
وَهَذَا الْمَقَامُ يُشْبِهُ (٤) مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ مَا ذُكِرَ فِي سُورَةِ النُّورِ، مِنْ ضَرْبِ مَثَلِ الْمُؤْمِنِ (٥) وَمَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْهُدَى وَالنُّورِ، بِالْمِصْبَاحِ (٦) فِي الزُّجَاجَةِ الَّتِي كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرّي، وَهِيَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ الْمَفْطُورِ عَلَى الْإِيمَانِ وَاسْتِمْدَادُهُ مِنَ الشَّرِيعَةِ الْخَالِصَةِ الصَّافِيَةِ الْوَاصِلَةِ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ كَدَرٍ وَلَا تَخْلِيطٍ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
ثُمَّ ضَرَبَ مَثَلَ العُبّاد مِنَ الْكُفَّارِ، الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، وَهُمْ أَصْحَابُ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ، فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ الْآيَةَ [النُّورِ: ٣٩].
ثُمَّ ضَرَبَ مَثَلَ الْكُفَّارِ الجُهَّال الجَهْلَ الْبَسِيطَ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ [اللَّهُ] (٧) فِيهِمْ: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النُّورِ: ٤٠] فَقَسَّمَ الْكُفَّارَ هَاهُنَا إِلَى قِسْمَيْنِ: دَاعِيَةٌ وَمُقَلِّدٌ، كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحَجِّ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾ [الحج: ٣]

(١) في جـ: "الطيالسي".
(٢) في جـ: "عتيبة".
(٣) في أ: "تحير".
(٤) في جـ: "وهذا شبه".
(٥) في جـ: "المؤمنين".
(٦) في جـ: "بالمصباح الذي".
(٧) زيادة من جـ، ط.

صفحة رقم 192

وَقَالَ بَعْدَهُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾ [الْحَجِّ: ٨] (١) وَقَدْ قَسَّمَ اللَّهُ (٢) الْمُؤْمِنِينَ فِي أَوَّلِ الْوَاقِعَةِ وَآخِرِهَا (٣) وَفِي سُورَةِ الْإِنْسَانِ، إِلَى قِسْمَيْنِ: سَابِقُونَ وَهُمُ الْمُقَرَّبُونَ، وَأَصْحَابُ يَمِينٍ وَهُمُ الْأَبْرَارُ.
فَتُلُخِّصَ (٤) مِنْ مَجْمُوعِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ صِنْفَانِ: مُقَرَّبُونَ وَأَبْرَارٌ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ صِنْفَانِ: دُعَاةٌ وَمُقَلِّدُونَ، وَأَنَّ الْمُنَافِقِينَ -أَيْضًا-صِنْفَانِ: مُنَافِقٌ خَالِصٌ، وَمُنَافِقٌ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ نِفَاقٍ، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعها: مَنْ إِذَا حَدّث كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ" (٥).
اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ تَكُونُ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ إِيمَانٍ، وَشُعْبَةٌ مِنْ نِفَاقٍ. إِمَّا عَمَلي لِهَذَا الْحَدِيثِ، أَوِ اعْتِقَادِيٌّ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَمَا سَيَأْتِي، إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ يَعْنِي شَيْبَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ: قَلْبٌ أَجْرَدُ، فِيهِ مِثْلُ السِّرَاجِ يُزْهر، وَقَلْبٌ أَغْلَفُ مَرْبُوطٌ عَلَى غِلَافِهِ، وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ، وَقَلْبٌ مُصَفَّح، فَأَمَّا الْقَلْبُ الْأَجْرَدُ فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ، سِرَاجُهُ فِيهِ نُورُهُ، وَأَمَّا الْقَلْبُ الْأَغْلَفُ فَقَلْبُ الْكَافِرِ، وَأَمَّا الْقَلْبُ الْمَنْكُوسُ فَقَلْبُ الْمُنَافِقِ الْخَالِصِ، عَرَفَ ثُمَّ أَنْكَرَ، وَأَمَّا الْقَلْبُ الْمُصَفَّحُ فَقَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَنِفَاقٌ، ومَثَل الْإِيمَانِ فِيهِ كَمَثَلِ الْبَقْلَةِ، يَمُدُّهَا الْمَاءُ الطَّيِّبُ، وَمَثَلُ النِّفَاقِ فِيهِ كَمَثَلِ الْقُرْحَةِ يَمُدّها الْقَيْحُ وَالدَّمُ، فَأَيُّ الْمَدَّتَيْنِ (٦) غَلَبَتْ عَلَى الْأُخْرَى غَلَبَتْ عَلَيْهِ" (٧). وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ حَسَنٌ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عِكْرِمة، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ قَالَ: لِمَا تَرَكُوا مِنَ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ.
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (٨) أَيْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ مَا أَرَادَ بِعِبَادِهِ مِنْ نِقْمَةٍ، أَوْ عَفْوٍ، قَدِيرٌ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّهُ حَذَّرَ الْمُنَافِقِينَ بَأْسَهُ وَسَطْوَتَهُ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ بِهِمْ مُحِيطٌ، وَ [أَنَّهُ] (٩) عَلَى إِذْهَابِ أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ قَدِيرٌ، وَمَعْنَى ﴿قَدِيرٌ﴾ قَادِرٌ، كَمَا أَنَّ مَعْنَى ﴿عَلِيمٌ﴾ عالم.

(١) في جـ، ب: قدم الآية الثامنة على الآية الثالثة من سورة الحج.
(٢) في جـ، ب، أ، و: "تعالى".
(٣) في أ: "في أول البقرة وآخرها"، وفي جـ: "في أول سورة الواقعة وفي آخرها".
(٤) في جـ: "فلخص".
(٥) صحيح البخاري برقم (٣٤) وصحيح مسلم برقم (٥٨) ولفظه: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا -والرابعة- وإذا خاصم فجر".
(٦) في جـ: "المددين".
(٧) المسند (٣/١٧).
(٨) في جـ، ط، ب، و: "ابن إسحاق".
(٩) زيادة من جـ.

صفحة رقم 193
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية