آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أَيَّامًا معدودات فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أُخْرَى وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ وَأَن تَصُومُوا خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ
أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

صفحة رقم 426

قَالَ بني الإِسلام على خمس
شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وإقام الصَّلَاة إيتَاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَالْحج
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: أحيلت الصَّلَاة ثَلَاثَة أَحْوَال وأحيل الصّيام ثَلَاثَة أَحْوَال
فَأَما أَحْوَال الصَّلَاة فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة فصلى سَبْعَة عشر شهرا إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ أَن الله أنزل عَلَيْهِ (قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها
) (الْبَقَرَة الْآيَة ١٤٤) الْآيَة فوجهه الله إِلَى مَكَّة هَذَا حول وَقَالَ: وَكَانُوا يَجْتَمعُونَ للصَّلَاة وَيُؤذن بهَا بَعضهم بَعْضًا حَتَّى نفسوا أَو كَادُوا ثمَّ أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ عبد الله بن يزِيد آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم وَلَو قلت أَنِّي لم أكن نَائِما لصدقت إِنِّي بَينا أَنا بَين النَّائِم وَالْيَقظَان إِذْ رَأَيْت شخصا عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مثنى مثنى حَتَّى فرغ الْأَذَان ثمَّ أمْهل سَاعَة ثمَّ قَالَ مثل الَّذِي قَالَ: غير أَنه يزِيد فِي ذَلِك قد قَامَت الصَّلَاة
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: علمهَا بِلَالًا فليؤذن بهَا
فَكَانَ بِلَال أوّل من أذن بهَا قَالَ: وَجَاء عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّه قد طَاف بِي مثل الَّذِي طَاف بِهِ غير أَنه سبقني فهذان حولان
قَالَ: وَكَانُوا يأْتونَ الصَّلَاة قد سبقهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَعْضِهَا فَكَانَ الرجل يسر إِلَى الرجل كم صلى فَيَقُول وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فيصليهما ثمَّ يدْخل مَعَ الْقَوْم صلَاتهم فجَاء معَاذ فَقَالَ: لَا أَجِدهُ على حَال أبدا إِلَّا كنت عَلَيْهَا ثمَّ قضيت مَا سبقني فجَاء وَقد سبقه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَعْضِهَا فَثَبت مَعَه فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قَامَ فَقضى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد سنّ لكم معَاذ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا
فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَحْوَال
وَأما أَحْوَال الصّيام فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة فَجعل يَصُوم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام وَصَامَ عَاشُورَاء ثمَّ إِن الله فرض عَلَيْهِ الصّيام وَأنزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ﴾ إِلَى قَوْله ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين﴾ فَكَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أطْعم مِسْكينا فاجزأ ذَلِك عَنهُ ثمَّ إِن الله أنزل الْآيَة الْأُخْرَى (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن هدى

صفحة رقم 427

للنَّاس) (الْبَقَرَة الْآيَة ١٨٥) إِلَى قَوْله (فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه) فَأثْبت الله صِيَامه على الْمُقِيم الصَّحِيح وَرخّص فِيهِ للْمَرِيض وَالْمُسَافر وَثَبت الإِطعام للكبير الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الصّيام فهذان حولان
قَالَ: وَكَانُوا يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ ويأتون النِّسَاء مَا لم يَنَامُوا فَإِذا نَامُوا امْتَنعُوا ثمَّ أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ صرمة كَانَ يعْمل صَائِما حَتَّى إِذا أَمْسَى فجَاء إِلَى أَهله فصلَّى الْعشَاء ثمَّ نَام فَلم يَأْكُل وَلم يشرب حَتَّى أصبح فَأصْبح صَائِما فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد جهد جهداً شَدِيدا فَقَالَ: مَا لي أَرَاك قد جهدت جهداً شَدِيدا قَالَ: يَا رَسُول الله عملت أمس فَجئْت حِين جِئْت فألقيت نَفسِي فَنمت فَأَصْبَحت حِين أَصبَحت صَائِما قَالَ: وَكَانَ عمر قد أصَاب النِّسَاء بعد مَا نَام فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله (أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث) (الْبَقَرَة الْآيَة ١٨٧) إِلَى قَوْله (ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ﴾ يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن النَّصَارَى فرض عَلَيْهِم شهر رَمَضَان كَمَا فرض علينا فَكَانُوا رُبمَا صاموه فِي القيظ فحولوه إِلَى الْفَصْل وضاعفوه حَتَّى صَار إِلَى خمسين يَوْمًا فَذَلِك قَوْله ﴿كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ﴾ قَالَ: الَّذين من قبلنَا هم النَّصَارَى كتب عَلَيْهِم رمضلن وَكتب عَلَيْهِم أَن لَا يَأْكُلُوا وَلَا يشْربُوا بعد النّوم وَلَا ينكحوا فِي شهر رَمَضَان
فَاشْتَدَّ على النَّصَارَى صِيَام رَمَضَان فَاجْتمعُوا فَجعلُوا صياما فِي الْفَصْل بَين الشتَاء والصيف وَقَالُوا: نزيد عشْرين يَوْمًا نكفر بهَا مَا صنعنَا فَلم تزل الْمُسلمُونَ يصنعون كَمَا تصنع النَّصَارَى حَتَّى كَانَ من أَمر أبي قيس بن صرمة وَعمر بن الْخطاب مَا كَانَ فأحل الله لَهُم الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع إِلَى قبيل طُلُوع الْفجْر
وَأخرج ابْن حَنْظَلَة فِي تَارِيخه والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ عَن معقل بن

صفحة رقم 428

حَنْظَلَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ على النَّصَارَى صَوْم شهر رَمَضَان فَمَرض ملكهم فَقَالُوا: لَئِن شفَاه الله لنزيدن عشرا ثمَّ كَانَ آخر فَأكل لَحْمًا فأوجع فوه فَقَالُوا: لَئِن شفَاه الله لنزيدن سَبْعَة ثمَّ كَانَ ملك آخر فَقَالُوا: مَا تدع من هَذِه الثَّلَاثَة أَيَّام شَيْئا أَن نتمها ونجعل صومنا فِي الرّبيع فَفعل فَصَارَت خمسين يَوْمًا
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله ﴿كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ﴾ قَالَ: كتب عَلَيْهِم الصّيام من الْعَتَمَة إِلَى الْعَتَمَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ﴾ قَالَ: أهل الْكتاب
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾ من الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّسَاء مثل مَا اتَّقوا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿أَيَّامًا معدودات﴾ قَالَ: وَكَانَ هَذَا صِيَام النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وَلم يسم الشَّهْر أَيَّامًا معدودات
قَالَ: وَكَانَ هَذَا صِيَام النَّاس قبل ذَلِك ثمَّ فرض الله عَلَيْهِم شهر رَمَضَان
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي جَعْفَر قَالَ: نسخ شهر رَمَضَان كل صَوْم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ﴿أَيَّامًا معدودات﴾ يَعْنِي أَيَّام رَمَضَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كتب عَلَيْكُم الصّيام﴾ قَالَ: كَانَ ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر ثمَّ نسخ بِالَّذِي أنزل الله من صِيَام شهر رَمَضَان فَهَذَا الصَّوْم الأول من الْعَتَمَة وَجعل الله فِيهِ فديَة طَعَام مِسْكين فَمن شَاءَ من مُسَافر أَو مُقيم يطعم مِسْكينا وَيفْطر وَكَانَ فِي ذَلِك رخصَة لَهُ فَأنْزل الله فِي الصَّوْم الآخر ﴿فَعدَّة من أَيَّام أخر﴾ وَلم يذكر الله فِي الْأُخَر فديَة طَعَام مِسْكين فنسخت الْفِدْيَة وَثَبت فِي الصَّوْم الْأُخَر ﴿يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر﴾ وَهُوَ الافطار فِي السّفر وَجعله عدَّة من أَيَّام آخر
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ﴾ قَالَ: هُوَ شهر رَمَضَان كتبه الله على من كَانَ قبلكُمْ وَقد كَانُوا يَصُومُونَ من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام وَيصلونَ رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بالْعَشي حَتَّى افْترض عَلَيْهِم شهر رَمَضَان

صفحة رقم 429

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ الصَّوْم الأول صَامَهُ نوح فَمن دونه حَتَّى صَامَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَكَانَ صومهم من شهر ثَلَاثَة أَيَّام إِلَى الْعشَاء وَهَكَذَا صَامَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صِيَام رَمَضَان كتبه الله على الْأُمَم قبلكُمْ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: لقد كتب الصّيام على كل أمة خلت كَمَا كتب علينا شهرا كَامِلا
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كتب على النَّصَارَى الصّيام كَمَا كتب عَلَيْكُم وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله ﴿كتب عَلَيْكُم﴾ الْآيَة
قَالَ: فَكَانَ أوّل أَمر النَّصَارَى أَن قدمُوا يَوْمًا قَالُوا: حَتَّى لَا نخطىء ثمَّ قدمُوا يَوْمًا وأخروا يَوْمًا قَالُوا: لَا نخطىء ثمَّ إِن آخر أَمرهم صَارُوا إِلَى أَن قَالُوا: نقدم عشرا ونؤخر عشرا حَتَّى لَا نخطىء فضلوا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: أنزلت ﴿كتب عَلَيْكُم الصّيام﴾ الْآيَة
كتب عَلَيْهِم أَن أحدهم إِذا صلى الْعَتَمَة ونام حرم عَلَيْهِ الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّسَاء إِلَى مثلهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿كتب عَلَيْكُم الصّيام﴾ الْآيَة
قَالَ: كتب عَلَيْهِم إِذا نَام أحدهم قبل أَن يطعم شَيْئا لم يحل لَهُ أَن يطعم إِلَى الْقَابِلَة وَالنِّسَاء عَلَيْهِم حرَام لَيْلَة الصّيام وَهُوَ ثَابت عَلَيْهِم وَقد رخص لكم فِي ذَلِك
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ عَاشُورَاء يصام فَلَمَّا نزل رَمَضَان كَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر
وَأخرج سعيد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام﴾ الْآيَة
يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب وَكَانَ كِتَابه على أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل يَأْكُل وَيشْرب وينكح مابينه وَبَين أَن يُصَلِّي الْعَتَمَة أَو يرقد فَإِذا صلى الْعَتَمَة أَو رقد منع من ذَلِك إِلَى مثلهَا من الْقَابِلَة فنسختها هَذِه الْآيَة ﴿أحل لكم لَيْلَة الصّيام﴾
وَأما قَوْله تَعَالَى: ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة﴾

صفحة رقم 430

أخرج عبد بن حميد عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يخْطب فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة﴾ قَالَ: قد نسخت هَذِه الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة﴾ فَكَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وَأطْعم مِسْكينا ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾ فنسخت الأولى إِلَّا الفاني إِن شَاءَ أطْعم عَن كل يَوْم مِسْكينا وَأفْطر
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة﴾ وَمن شَاءَ مِنْهُم أَن يفتدي بِطَعَام مِسْكين افتدى وَتمّ لَهُ صَوْمه فَقَالَ ﴿فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ وَأَن تَصُومُوا خير لكم﴾ وَقَالَ ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾ الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت مرخصة الشَّيْخ الْكَبِير والعجوز وهما يطيقان الصَّوْم أَن يفطرا ويطعما مَكَان كل يَوْم مِسْكينا ثمَّ نسخت بعد ذَلِك فَقَالَ الله ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾ وَأثبت للشَّيْخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِيرَة إِذا كَانَا لَا يطيقان أَن يفطرا ويطعما وللحبلى والمرضع إِذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مَكَان كل يَوْم مِسْكينا وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا
وَأخرج الدَّارمِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عوَانَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة﴾ من شَاءَ منا صَامَ وَمن شَاءَ أَن يفْطر ويفتدي فعل ذَلِك حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي بعْدهَا فنسختها ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾
وَأخرج ابْن حبَان عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: كُنَّا فِي رَمَضَان فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وافتدى حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾
وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي ليلى قَالَ نبأ أَصْحَاب منا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزل رَمَضَان فشق عَلَيْهِم فَكَانَ من أطْعم كل يَوْم مِسْكينا ترك رَمَضَان فشق عَلَيْهِم ترك الصَّوْم مِمَّن يطيقه وَرخّص لَهُم فِي ذَلِك فنسختها ﴿وَأَن تَصُومُوا خير لكم﴾ فَأمروا بِالصَّوْمِ
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي ليلى نبأ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما

صفحة رقم 431

قدم الْمَدِينَة أَمرهم بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر تطوّعاً من غير فَرِيضَة ثمَّ نزل صِيَام رَمَضَان وَكَانُوا قوما لم يتعودوا الصّيام فَكَانَ مشقة عَلَيْهِم فَكَانَ من لم يصم أطْعم مِسْكينا ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر﴾ فَكَانَت الرُّخْصَة للْمَرِيض وَالْمُسَافر وأمرنا بالصيام
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة﴾ افطر الْأَغْنِيَاء واطعموا وَجعلُوا الصَّوْم على الْفُقَرَاء فَأنْزل الله ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾ فصَام النَّاس جَمِيعًا
وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن أبي ليلى قَالَ: دخلت على عَطاء بن أبي رَبَاح فِي شهر رَمَضَان وَهُوَ يَأْكُل فَقلت لَهُ: أتأكل قَالَ: إِن الصَّوْم أول مَا نزل كَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وَأطْعم مِسْكينا كل يَوْم فَلَمَّا نزلت ﴿فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ﴾ كَانَ من تطوّع أطْعم مسكينين فَلَمَّا نزلت ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾ وَجب الصَّوْم على كل مُسلم إِلَّا مَرِيضا أَو مُسَافِرًا أَو الشَّيْخ الْكَبِير الفاني مثلي فَإِنَّهُ يفْطر وَيطْعم كل يَوْم مِسْكينا
وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر
أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿فديَة طَعَام مِسْكين﴾ وَقَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا ﴿فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه﴾
وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ((وعَلى الَّذين يطوقونه)) مُشَدّدَة قَالَ: يكلفونه وَلَا يطيقُونَهُ وَيَقُول: لَيست بمنسوخة هُوَ الشَّيْخ الْكَبِير الْهَرم والعجوز الْكَبِيرَة الهرمة يطْعمُون لكل يَوْم مِسْكينا وَلَا يقضون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ﴾ قَالَ: يكلفونه فديَة طَعَام مِسْكين وَاحِد ﴿فَمن تطوّع خيرا﴾ زَاد طَعَام مِسْكين آخر ﴿فَهُوَ خير لَهُ وَأَن تَصُومُوا خير لكم﴾ قَالَ: فَهَذِهِ لَيست مَنْسُوخَة وَلَا يرخص إِلَّا للكبير الَّذِي لَا يُطيق الصَّوْم أَو مَرِيض يعلم أَنه لَا يشفى
وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة كَانَت تقْرَأ (يطوقونه)

صفحة رقم 432

وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ (وعَلى الَّذين يطوقونه)
وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ (وعَلى الَّذين يطوقونه) قَالَ: يكلفونه
وَقَالَ: لَيْسَ هِيَ مَنْسُوخَة الَّذين يطيقُونَهُ يصومونه وَالَّذين يطوقونه عَلَيْهِم الْفِدْيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الأنبياري عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ﴾ قَالَ: يتجشمونه يتكلفونه
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرؤهَا ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ﴾ وَقَالَ: وَلَو كَانَ يطيقُونَهُ إِذن صَامُوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة﴾ فِي الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق الصَّوْم فَرخص لَهُ أَن يطعم مَكَان كل يَوْم مِسْكينا

صفحة رقم 433

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ﴾ قَالَ: لَيست بمنسوخة هُوَ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق الصّيام يفْطر وَيتَصَدَّق لكل يَوْم نصف صَاع من برٍ مدا لطعامه ومداً لأدامه
وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته عَن مُجَاهِد قَالَ: هَذِه الْآيَة نزلت فِي مولى قيس بن السَّائِب ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين﴾ فَأفْطر وَأطْعم لكل يَوْم مِسْكينا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ﴾ قَالَ: من لم يطق الصَّوْم إِلَّا على جهد فَلهُ أَن يفْطر وَيطْعم كل يَوْم مِسْكينا وَالْحَامِل والمرضع وَالشَّيْخ الْكَبِير وَالَّذِي سقمه دَائِم
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله ﴿وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ﴾ قَالَ: الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لايستطيع الصَّوْم يفْطر وَيطْعم مَكَان كل يَوْم مِسْكينا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك
أَنه ضعف عَن الصَّوْم عَاما قبل مَوته فَصنعَ جَفْنَة من ثريد فَدَعَا ثَلَاثِينَ مِسْكينا فأطعمهم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة: أَن انساناً ضعف عَن الصَّوْم قبل مَوته عَاما فافطر وَأطْعم كل يَوْم مِسْكينا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس
أَنه قَالَ لأم ولد لَهُ حَامِل أَو مرضع: أَنْت بِمَنْزِلَة الَّذين لَا يُطِيقُونَ الصَّوْم عَلَيْك الطَّعَام وَلَا قَضَاء عَلَيْك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن نَافِع قَالَ: أرْسلت إِحْدَى بَنَات ابْن عمر إِلَى ابْن عمر تسأله عَن صَوْم رَمَضَان وَهِي حَامِل قَالَ: تفطر وَتطعم كل يَوْم مِسْكينا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: تفطر الْحَامِل الَّتِي فِي شهرها والمرضع الَّتِي تخَاف على وَلَدهَا يفطران ويطعمان كل يَوْم مِسْكينا كل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عُثْمَان بن الْأسود قَالَ: سَأَلت مُجَاهدًا عَن امْرَأَتي وَكَانَت حَامِلا وشق عَلَيْهَا الصَّوْم فَقَالَ: مرها فلتفطر ولتطعم مِسْكينا كل يَوْم فَإِذا صحت فلتقض
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحِين قَالَ: الْمُرْضع إِذا خَافت أفطرت وأطعمت وَالْحَامِل إِذا خَافت على نَفسهَا أفطرت وقضت وَهِي بِمَنْزِلَة الْمَرِيض
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: يفطران ويقضيان صياما
وَأخرج عبد بن حميد عَن النَّخعِيّ قَالَ: الْحَامِل والمرضع إِذا خافتا أفطرتا وقضتا مَكَان ذَلِك صوما
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذْ خشِي الإِنسان على نَفسه فِي رَمَضَان فليفطر
وَأما قَوْله تَعَالَى ﴿طَعَام مِسْكين﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن سِيرِين قَالَ: قَرَأَ ابْن عَبَّاس سُورَة الْبَقَرَة على الْمِنْبَر فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة قَرَأَ ﴿طَعَام مِسْكين﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فديَة طَعَام مِسْكين﴾ قَالَ: وَاحِد
وَأخرج وَكِيع عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿فديَة طَعَام مِسْكين﴾ قَالَ: مد بِمد أهل مَكَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: سَأَلت طاوساً عَن أُمِّي

صفحة رقم 434

وَكَانَ أَصَابَهَا عطاش فَلم تستطع أَن تَصُوم فَقَالَ: تفطر وَتطعم كل يَوْم مدا من بر
قلت: بِأَيّ مد قَالَ: بِمد أَرْضك
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من أدْركهُ الْكبر فَلم يسْتَطع أَن يَصُوم رَمَضَان فَعَلَيهِ كل يَوْم مد من قَمح
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سُفْيَان قَالَ: مَا الصَّدقَات وَالْكَفَّارَات إِلَّا بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأما قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ﴾
وَأخرج وَكِيع عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَمن تطوع خيرا﴾ قَالَ: أطْعم الْمِسْكِين صَاعا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿فَمن تطوع خيرا﴾ قَالَ: أطْعم مسكينين
وَأخرج عبد بن حميد عَن طَاوس ﴿فَمن تطوّع خيرا﴾ قَالَ: أطْعم مَسَاكِين
وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن أنس
أَنه أفطر فِي رَمَضَان وَكَانَ قد كبر وَأطْعم أَرْبَعَة مَسَاكِين لكل يَوْم
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من طَرِيق مُجَاهِد قَالَ: سَمِعت قيس بن السَّائِب يَقُول: إِن شهر رَمَضَان يفتديه الإِنسان أَن يطعم لكل يَوْم مِسْكينا فاطعموا عني مسكينين
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَن تَصُومُوا خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ﴾
أخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله ﴿وَأَن تَصُومُوا خير لكم﴾ أَي أَن الصّيام خير لكم من الْفِدْيَة
وَأخرج مَالك وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عمل ابْن آدم يُضَاعف الْحَسَنَة عشرَة أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف قَالَ الله عز وَجل: إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ يدع طَعَامه وَشَرَابه وشهوته من أَجلي للصَّائِم فرحتان: فرحة عِنْد فطره فرحة عِنْد لِقَاء ربه ولخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله تَعَالَى: الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ للصَّائِم فرحتان

صفحة رقم 435

إِذا أفطر فَرح وَإِذا لَقِي ربه فجازاه فَرح ولخلوف فَم الصَّائِم عِنْد الله أطيب من ريح الْمسك
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ رَبنَا: الصّيام جنَّة يستجن بهَا العَبْد من النَّار وَهُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ
قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة حَصِينَة من النَّار
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَيُّوب بن حسان الوَاسِطِيّ قَالَ سَمِعت رجلا سَأَلَ سُفْيَان بن عَيْنِيَّة فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد فِيمَا يرويهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ربه عز وَجل كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ
فَقَالَ ابْن عَيْنِيَّة: هَذَا من أَجود الْأَحَادِيث وأحكمها إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسب الله عَبده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الْمَظَالِم من سَائِر عمله حَتَّى لايبقى إِلَّا الصَّوْم فيتحمل الله مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْمَظَالِم ويدخله بِالصَّوْمِ الْجنَّة
وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله عز وَجل: كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصّيام فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ وَالصِّيَام جنَّة وَإِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم فَلَا يرْفث وَلَا يصخب وان سابه أَو شاتمه أحد فَلْيقل إِنِّي امْرُؤ صَائِم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عَن الله من ريح الْمسك للصَّائِم فرحتان يفرح بهما: إِذا أفطر فَرح وَإِذا لَقِي ربه فَرح بصومه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للجنة ثَمَانِيَة أَبْوَاب فِيهَا بَاب يُسمى الريان يدْخل مِنْهُ الصائمون يَوْم الْقِيَامَة لَا يدْخل مَعَهم أحد غَيرهم يُقَال: أَيْن الصائمون فَيدْخلُونَ مِنْهُ فَإِذا دخل آخِرهم أغلق فَلم يدْخل مِنْهُ أحد
زَاد ابْن خُزَيْمَة وَمن دخل مِنْهُ شرب وَمن شرب لم يظمأ أبدا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصّيام لَا رِيَاء فِيهِ
قَالَ الله: هُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ يدع طَعَامه وَشَرَابه من أَجلي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه

صفحة رقم 436

وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: للصَّائِم عِنْد إفطاره دَعْوَة مستجابة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نوم الصَّائِم عبَادَة وصمته تَسْبِيح وَعَمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغْفُور
وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَمِيع الغساني وَأَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد أصبح صَائِما إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء وسبحت أعضاؤه واستغفر لَهُ أهل السَّمَاء الدُّنْيَا إِلَى أَن توارى بالحجاب فَإِن صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ أَضَاءَت لَهُ السَّمَوَات نورا وَقَالَ أَزوَاجه من الْحور الْعين اللَّهُمَّ اقبضه إِلَيْنَا فقد اشتقنا إِلَى رُؤْيَته وَإِن هلل أَو سبح أَو كبر تَلقاهُ سَبْعُونَ ألف ملك يَكْتُبُونَ ثَوَابهَا إِلَى أَن توارى بالحجاب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من مَنعه الصّيام من الطَّعَام وَالشرَاب يشتهيه أطْعمهُ الله من ثمار الْجنَّة وسقاه من شرابها
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله أوحى إِلَى نَبِي من بني إِسْرَائِيل: أخبر قَوْمك أَن لَيْسَ عبد يَصُوم يَوْمًا ابْتِغَاء وَجْهي إِلَّا صححت جِسْمه وأعظمت أجره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن فِي الْبَحْر غزَاة إِذْ مُنَاد يُنَادي: يَا أهل السَّفِينَة خبروا بخبركم
قَالَ أَبُو مُوسَى: قلت: أَلا ترى الرّيح لنا طيبَة والشراع لنا مَرْفُوعَة والسفينة لنا تجْرِي فِي لجة الْبَحْر قَالَ: أَفلا أخْبركُم بِقَضَاء قَضَاهُ الله على نَفسه قلت: بلَى
قَالَ: فَإِن الله قضى على نَفسه أَيّمَا عبد عَطش نَفسه لله فِي الدُّنْيَا يَوْمًا فَإِن حَقًا على الله أَن يرويهِ يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قلت: يَا رَسُول الله مرني بِعَمَل آخذه عَنْك يَنْفَعنِي الله بِهِ
قَالَ: عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي رَبَاح قَالَ: تُوضَع الموائد يَوْم القايمة للصائمين فَيَأْكُلُونَ وَالنَّاس فِي كرب الْحساب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة مُنَاد: ان كل حَارِث يعْطى بحرثه وَيُزَاد غير أهل الْقُرْآن وَالصِّيَام يُعْطون أُجُورهم بِغَيْر حِسَاب

صفحة رقم 437

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل أهل عمل بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة يدعونَ مِنْهُ بذلك الْعَمَل وَلأَهل الصّيام بَاب يُقَال لَهُ الريان
وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصّيام جنَّة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة وحصن حَصِينَة من النَّار
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي الثَّقَفِيّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة من النَّار كجنة أحدكُم من الْقِتَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُبَيْدَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة مَا لم يخرقها
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصّيام جنَّة مَا لم يخرقها
قيل وَبِمَ يخرقها بكذب أَو غيبَة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن رجل من بني سليم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ بِيَدِهِ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله نصف الْمِيزَان وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان وَالله أكبر تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْوُضُوء نصف الْمِيزَان وَالصِّيَام نصف الصَّبْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصّيام نصف الصَّبْر وَأَن لكل شَيْء زَكَاة وَزَكَاة الْجَسَد الصّيام
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل شَيْء زَكَاة وَزَكَاة الْجَسَد الصَّوْم
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم عمَارَة بنت كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا فقربت إِلَيْهِ طَعَاما فَقَالَ: كلي
فَقَالَت: إِنِّي صَائِمَة
فَقَالَ: إِن الصَّائِم إِذا أكل عِنْده صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة حَتَّى يفرغوا أَو يقضوا

صفحة رقم 438

وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ: دخل بِلَال على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يتغذّى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تغذّى يَا بِلَال
قَالَ: إِنِّي صَائِم يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَأْكُل رزقنا وَفضل رزق بِلَال فِي الْجنَّة أشعرت يَا بِلَال أَن الصَّائِم تسبح عِظَامه وَتَسْتَغْفِر لَهُ الْمَلَائِكَة مَا أكل عِنْده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: الصَّائِم إِذا أكل عِنْده صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الصَّائِم إِذا أكل عِنْده صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الصَّائِم إِذا أكل عِنْده سبحت مفاصله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن خَلِيل مثله
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سَلمَة بن قَيْصر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله بعده الله من جَهَنَّم كبعد غراب كار وَهُوَ فرخ حَتَّى مَاتَ هرماً
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة
مثله
وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث دعوات مستجابات: دَعْوَة الصَّائِم ودعوة الْمُسَافِر ودعوة الْمَظْلُوم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد وَفِيه فِئَة من أَصْحَابه فَقَالَ: من كَانَ عِنْده طول فَلْيَنْكِح وَإِلَّا فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِن لَهُ وَجَاء ومجسمة للعرق
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْجنَّة بَاب يدعى الريان يدعى لَهُ الصائمون فَمن كَانَ من الصائمين دخله وَمن دخله لَا يظمأ أبدا
وَأخرج ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن للصَّائِم عِنْد فطره لدَعْوَة مَا ترد
وأخرح الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للصَّوْم يَوْم القايمة حوضاً مَا يردهُ غير الصوّام

صفحة رقم 439

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا مُوسَى فِي سَرِيَّة فِي الْبَحْر فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك قد رفعوا الشراع فِي لَيْلَة مظْلمَة إِذا هَاتِف من قَومهمْ يَهْتِف: يَا أهل السَّفِينَة قفوا أخْبركُم بِقَضَاء قَضَاهُ الله على نَفسه
قَالَ أَبُو مُوسَى: أخبرنَا إِن كنت مخبرا قَالَ: إِن الله قضى على نَفسه أَنه من أعطش نَفسه لَهُ فِي يَوْم صَائِف سقَاهُ الله يَوْم الْعَطش
وَأخرج ابْن سعد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن الْحَرْث الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله أَمر يحيى بن زَكَرِيَّا بِخمْس كَلِمَات أَن يعْمل بهَا وَيَأْمُر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بهَا وَأَنه كَاد أَن يبطىء بهَا فَقَالَ عِيسَى: إِن الله أَمرك بِخمْس كَلِمَات لتعمل بهَا وتأمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بهَا فإمَّا تَأْمُرهُمْ وَإِمَّا أَن آمُرهُم فَقَالَ يحيى: أخْشَى إِن سبقتني بهَا أَن يخسف بِي أَو أعذب فَجمع النَّاس فِي بَيت الْمُقَدّس فَامْتَلَأَ وَقعد على الشّرف فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي بِخمْس كَلِمَات أَن أعمل بِهن وأمركم أَن تعملوا بِهن
أولهنَّ أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن مثل من أشرك بِاللَّه كَمثل رجل اشْترى عبدا من خَالص مَاله بِذَهَب أَو ورق فَقَالَ: هَذِه دَاري وَهَذَا عَمَلي فاعمل وأد إِلَيّ فَكَانَ يعْمل وَيُؤَدِّي إِلَى سَيّده فَأَيكُمْ يرضى أَن يكون عَبده كَذَلِك وَأَن الله أَمركُم بِالصَّلَاةِ فَإِذا صليتم فَلَا تلتفتوا فَإِن الله ينصب وَجهه لوجه عَبده فِي صلَاته مَا لم يلْتَفت وأمركم بالصيام فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل فِي عِصَابَة مَعَه صرة فِيهَا مسك فكلهم يُعجبهُ رِيحهَا وَإِن ريح الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وأمركم بِالصَّدَقَةِ فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل أسره العدوّ ولفوا يَده إِلَى عُنُقه وقدموه ليضربوا عُنُقه فَقَالَ: أفدي نَفسِي مِنْكُم بِالْقَلِيلِ وَالْكثير ففدى نَفسه مِنْهُم وأمركم أَن تَذكرُوا الله فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل خرج الْعَدو فِي أَثَره سرَاعًا حَتَّى إِذا أَتَى بِهِ على حصن حُصَيْن فاحرز نَفسه مِنْهُم كَذَلِك العَبْد لَا يحرز نَفسه من الشَّيْطَان إِلَّا بِذكر الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْجُوع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصّيام وَالْقُرْآن يشفعان للْعَبد يَوْم

صفحة رقم 440

الْقِيَامَة يَقُول الصّيام: أَي رب منعته الطَّعَام والشهوة فشفعني بِهِ وَيَقُول الْقُرْآن: منعته النّوم بِاللَّيْلِ فشفعني بِهِ قَالَ: فيشفعان
وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن رجلا صَامَ يَوْمًا تَطَوّعا ثمَّ أعْطى ملْء الأَرْض ذَهَبا لم يسْتَوْف ثَوَابه دون يَوْم الْحساب
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد يَصُوم يَوْمًا فِي سَبِيل الله إِلَّا باعد الله بذلك الْيَوْم وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار خَنْدَقًا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بَعدت من النَّار مسيرَة مائَة عَام
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله زحزح الله وَجهه عَن النَّار بذلك الْيَوْم سبعين خَرِيفًا
وأخرح التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار خَنْدَقًا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم: الصَّائِم إحتى يفْطر والإِمام الْعَادِل ودعوة الْمَظْلُوم يرفعها الله فَوق الْغَمَام وَيفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَيَقُول الرب: وَعِزَّتِي لأنصرنك وَلَو بعد حِين
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْجُوع عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصائمون تنفح من أَفْوَاههم ريح الْمسك وتوضع لَهُم يَوْم الْقِيَامَة مائدة تَحت الْعَرْش فَيَأْكُلُونَ مِنْهَا وَالنَّاس فِي شدَّة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله جعل مائدة عَلَيْهَا مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر لَا يقْعد عَلَيْهَا إِلَّا الصائمون

صفحة رقم 441

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي الثَّوَاب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة تخرج الصوّام من قُبُورهم يعْرفُونَ برياح صِيَامهمْ أَفْوَاههم أطيب من ريح الْمسك فيلقون بالموائد والأباريق مختمة بالمسك فَيُقَال لَهُم: كلوا فقد جعتم وَاشْرَبُوا فقد عطشتم ذَروا النَّاس واستريحوا فقد أعييتم إِذْ استراح النَّاس فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ويستريحون وَالنَّاس فِي عناء وظمأ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَهْوَال عَن مغيب بن سمي قَالَ: تركد الشَّمْس فَوق رؤوسهم على أَذْرع وتفتح أَبْوَاب جَهَنَّم فتهب عَلَيْهِم لفحها وسمومها وَتخرج عَلَيْهَا نفحاتها حَتَّى تجْرِي الأَرْض من عرقهم أنتن من الْجِيَف والصائمون فِي ظلّ الْعَرْش
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب من طَرِيق أَحْمد بن أبي الْحوَاري أَنبأَنَا أَبُو سُلَيْمَان قَالَ: جَاءَنِي أَبُو عَليّ الْأَصَم بِأَحْسَن حَدِيث سمعته فِي الدُّنْيَا قَالَ: تُوضَع للصوّام مائدة يَأْكُلُون وَالنَّاس فِي الْحساب فَيَقُولُونَ: يَا رب نَحن نحاسب وَهَؤُلَاء يَأْكُلُون فَيَقُول طالما صَامُوا وأفطرتم وَقَامُوا ونمتم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي الْجنَّة غرفَة يرى ظَاهرهَا من بَاطِنهَا وباطنها من ظَاهرهَا أعدهَا الله لمن ألان الْكَلَام وَأطْعم الطَّعَام وتابع الصّيام وَصلى بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ ابْن عمر: كَانَ يُقَال: إِن لكل مُؤمن دَعْوَة مستجابة عِنْد إفطاره إِمَّا أَن تعجل لَهُ فِي دُنْيَاهُ أَو تدخر لَهُ فِي آخرته فَكَانَ ابْن عمر يَقُول عِنْد افطاره: يَا وَاسع الْمَغْفِرَة اغْفِر لي
وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه ذَات يَوْم من شهد مِنْكُم جَنَازَة قَالَ عمر: أَنا
قَالَ: من عَاد مَرِيضا قَالَ عمر: أَنا
قَالَ: من تصدق بِصَدقَة قَالَ عمر: أَنا
قَالَ: من أصبح صَائِما قَالَ عمر: أَنا
قَالَ: وَجَبت وَجَبت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن رَبَاح قَالَ: خرجنَا إِلَى مُعَاوِيَة فمررنا براهب فَقَالَ: تُوضَع الموائد فأوّل من يَأْكُل مِنْهَا الصائمون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من

صفحة رقم 442

أفطر يَوْمًا من رَمَضَان من غير رخصَة وَلَا مرض لم يقضه عَنهُ صَوْم الدَّهْر كُله وَإِن صَامَهُ
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان من غير عذر فَعَلَيهِ صَوْم شهر
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن رَجَاء بن جميل قَالَ: كَانَ ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن يَقُول: من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان صَامَ اثْنَي عشر يَوْمًا لِأَن الله رَضِي من عباده شهرا من اثْنَي عشر شهرا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أفطرت يَوْمًا من رَمَضَان فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدق واستغفر وصم يَوْمًا مَكَانَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان مُتَعَمدا من غير سفر وَلَا مرض لم يقضه أبدا وَإِن صَامَ الدَّهْر كُله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان مُتَعَمدا لم يقضه أبدا طول الدَّهْر

صفحة رقم 443
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية