آيات من القرآن الكريم

فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ ﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

وقوله: فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً... (١٨٢)
والعرب «١» تقول: وصيتك وأوصيتك، وفي إحدى القراءتين «وأوصى بها إِبْرَاهِيم» «٢» بالألف. والجنف: الجور. فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ وإنما ذكر الموصى وحده فإنه إنما قال «بَيْنَهُمْ» يريد أهل المواريث وأهل الوصايا فلذلك قال «بَيْنَهُمْ» ولم يذكرهم لأن المعنى يدل على أن الصلح إنما يكون فِي الورثة والموصى لهم.
وقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ... (١٨٣)
يقال: ما كتب على الذين قبلنا، ونحن نرى النصارى يصومون أكثر من صيامنا وفي غير شهرنا، ؟ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قال: وحدثني مُحَمَّد «٣» بْن أبان الْقُرَشِيّ عن أَبِي أمية الطنافسي عن الشَّعْبِيّ أنه قال: لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الَّذِي يشك فِيهِ فيقال: من شعبان، ويقال: من رمضان. وذلك أن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا، فحولوه إلى الفصل «٤». وذلك أنهم كانوا ربما صاموه فِي القيظ فعدوه ثلاثين يوما، ثُمَّ جاء بعدهم قرن منهم فأخذوا بالثقة فِي أنفسهم فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثُمَّ لم يزل الآخر يستن سنة الأول حَتَّى صارت إلى خمسين. فذلك قوله «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ».

(١) يريد أنه قرىء فى الآية موص بسكون الواو وتخفيف الصاد من أوصى، وموص بفتح الواو وشدّ الصاد، وهذه قراءة حمزة والكسائي وأبى بكر عن عاصم، والأولى قراءة الآخرين. وانظر القرطبي ٢/ ٢٩٦.
(٢) الآية ١٣٢ من سورة البقرة. وانظر ص ٨٠ من هذا السفر.
(٣) هو الواسطىّ الطحان. مات سنة ١٣٩. وانظر الخلاصة.
(٤) يريد أحد فصول السنة الأربعة وتسمى الأزمنة الأربعة أيضا وانظر المصباح (زمن) والمراد:
الفصل المعين الذي يؤقتون به صومهم.

صفحة رقم 111

وقوله: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ... (١٨٠)
نصبت على أن كل ما «١» لم تسم فاعله إذا كان فيها اسمان أحدهما غير صاحبه رفعت واحدا ونصبت الآخر كما تقول: أعطى عَبْد اللَّه المال. ولا تبال أكان المنصوب معرفة أو نكرة، فإن كان الآخر نعتا للأول وكانا ظاهرين رفعتهما جميعا فقلت: ضرب عَبْد اللَّه الظريف، رفعته لأنه عَبْد اللَّه. وإن كان نكرة نصبته فقلت: ضرب عَبْد اللَّه راكبا ومظلوما وماشيا وراكبا.
قوله: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ... (١٨٤)
رفع على ما فسرت لك فِي قوله «فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ» ولو كانت نصبا كان صوابا.
وقوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ... (١٨٤)
يقال: وعلى الذين يطيقون الصوم ولا يصومون أن يطعم «٢» مسكينا مكان كل يومٍ يفطره. ويقال: على الذين يطيقونه الفدية يريد الفداء. ثُمَّ نسخ هذا فقال تبارك وتعالى: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ من الإطعام.
وقوله: شَهْرُ رَمَضانَ... (١٨٥)
رفع مستأنف أي: ولكم «٣» «شَهْرُ رَمَضانَ» الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وقرأ الْحَسَن نصبا على التكرير «٤» «وَأَنْ تَصُومُوا» شهر رمضان «خَيْرٌ لَكُمْ» والرفع أجود.

(١) فى ش، ج: «من».
(٢) فى ش، ح: «ولكم» وهو تحريف. وانظر البحر المحيط فى تفسير الآية. [.....]
(٣) أي الواحد منهم.
(٤) المعروف فى التكرير أنه البدل. وقد وجه هذا فى البحر بأن «شَهْرُ رَمَضانَ» بدل من «أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ». والوجه الذي ذكره المؤلف لا يأتى على التكرير. بل على التقديم والتأخير، إذ يربط «شَهْرُ رَمَضانَ» بقوله: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ» وكأن هنا سقطا. والأصل بعد قوله: «التكرير» أو على التقديم والتأخير، أو أن التكرير محرف عن التأخير.

صفحة رقم 112

وقد تكون نصبا من قوله «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ» «شَهْرُ رَمَضانَ» توقع الصيام عليه: أن تصوموا شهر رمضان.
وقوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ دليل على نسخ الإطعام. يقول: من كان سالما ليس بمريض أو مقيما ليس بمسافر فليصم وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ قضى ذلك. يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ فِي الإفطار فِي السفر وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ الصوم فيه.
وقوله: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ... (١٨٥)
«١» فِي قضاء ما أفطرتم. وهذه اللام فِي قوله «وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ» لام كي لو ألقيت كان صوابا. والعرب تدخلها فِي كلامها على إضمار فعلٍ بعدها. ولا تكون شرطا «٢» للفعل الَّذِي قبلها وفيها الواو. ألا ترى أنك تقول: جئتك لتحسن إلىّ، ولا تقول جئتك ولتحسن إلى. فإذا قلته فأنت تريد: ولتحسن إلى «٣» جئتك. وهو فِي القرآن كثير. منه قوله «وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ «٤» لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ» ومنه قوله «وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» «٥» لو لم تكن فِيهِ الواو كان شرطا، على قولك: أريناه ملكوت السَّمَوَاتِ ليكون. فإذا كانت الواو فيها فلها فعل مضمر بعدها «وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» أريناه. ومنه (فِي غير) «٦» اللام قوله «إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ» «٧» ثم قال «وَحِفْظاً» «٨» لو لم تكن الواو كان الحفظ منصوبا ب «زَيَّنَّا». فإذا كانت فِيهِ الواو وليس قبله شيء ينسق عليه

(١) فى أ: «و».
(٢) أي علة.
(٣) سقط فى أ.
(٤) آية ١١٣ سورة الأنعام.
(٥) آية ٧٥ منها.
(٦) فى أ: «بغير».
(٧) آية ٦ سورة الصافات.
(٨) آية ٧ منها.

صفحة رقم 113

فهو دليل على أنه منصوب بفعلٍ مضمرٍ بعد الحفظ كقولك فِي الكلام: قد أتاك أخوك ومكرما لك، فإنما ينصب المكرم على أن تضمر أتاك بعده.
وقوله: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ... (١٨٦)
قال المشركون للنبي صلى اللَّه عليه وسلم: كيف يكون ربنا قريبا يسمع دعاءنا، وأنت تخبرنا «١» أن بيننا وبينه سبع سَمَوَاتٍ غلظ كل سماءٍ مسيرة خمسمائة عامٍ وبينهما مثل ذلك؟ فأنزل اللَّه تبارك وتعالى «وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ» أسمع ما يدعون فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي يقال: إنها التلبية.
وقوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ... (١٨٧)
وفي قراءة عَبْد اللَّه «٢» «فلا رفوث ولا فسوق» «٣» وهو الجماع فيما ذكروا رفعته ب «أُحِلَّ لَكُمْ» لأنك لم تسم فاعله.
وقوله: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ... (١٨٧)
يقول: عند الرخصة التي نزلت ولم تكن قبل ذلك لهم. وقوله وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ يقال: الولد، ويقال: «اتبعوا» بالعين «٤». وسئل عَنْهُمَا ابن عَبَّاس فقال: سواء.
وقوله: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ... (١٨٧)

(١) فى أ: «تخبر».
(٢) كأن هنا سقطا. والأصل بعد «عبد الله» :«الرفوث إلى نسائكم» فقد نقلت هذا القراءة عن ابن مسعود.
(٣) آية ١٩٧ من البقرة.
(٤) قراءة الحسن كما فى القرطبي: اتبعوا، بالعين وذكرها الطبري ولم ينسبها إلا أنه ذكر سؤال ابن عباس عنها. [.....]

صفحة رقم 114
معاني القرآن للفراء
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء
تحقيق
أحمد يوسف نجاتي
الناشر
دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية