
للأصنام ويقولون عند ذبحها: «باسم اللات والعزى»، ثم يضاف إلى هذا ما حرم في سورة المائدة، وكله محرم شرعا وذوقا وطبا لمصلحتنا، إلا من اضطر إلى أكل شيء من ذلك بأن لم يجد ما يبقى به رمقه فله أن يأكل ولا إثم عليه، بشرط ألا يكون طالبا المحرم لذاته، ولا باغيا، ولا متجاوزا الحد في سد جوعه فيأكل بقدر الضرورة فقط وبعض المفسرين على أنه يشترط فيه ألا يكون خارجا على المسلمين، ولا قاطع طريق لأن هذه رخصة لا تعطى للمعتدين فإذا نظرنا إلى أنه قد يهلك بسبب حرمانه تجاوزنا عن ذلك، والله غفور للزلة رحيم بعباده.
ما يستنبط من الآية:
كل ما في الأرض والبحر والجو من نبات وحيوان وسمك وطير حلال لنا إلا ما ذكر من المحرمات هنا وفي سورة المائدة وما نص عليه في كتب الفقه الإسلامى.
وللمضطر أن يأكل مما حرم قدر الضرورة.
موقف أهل الكتاب من القرآن والنبي [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٧٤ الى ١٧٦]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦)

المفردات:
يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا: يبيعونه بثمن قليل. يُزَكِّيهِمْ: يطهرهم.
شِقاقٍ الشقاق: المخالفة.
هذا موقف آخر لأهل الكتاب وأحبارهم بالنسبة للقرآن والنبي، وما قبله كان الكلام عليهم وعلى المشركين حيث حرموا بعض الحلال، وابتدعوا في الدين رهبانية وتقشفا.
المعنى:
إن الذين يكتمون ما أنزل الله- الكتاب المنزل عليهم من وصف النبي صلّى الله عليه وسلّم وبيان زمانه وغير ذلك مما يشهد بصدق نبوته وكمال رسالته، فعلوا هذا حرصا على رئاسة كاذبة وعرض زائل- تراهم باعوا الخير والهدى بثمن بخس قليل لا ينفع، أولئك البعيدون في الضلال لا يأكلون في بطونهم إلّا ما هو موجب لدخول النار. ومن شدة غضب الله عليهم أنه لا يكلمهم يوم القيامة، ولا يثنى عليهم بالخير كما يفعل مع أهل الجنة، وللكافرين عذاب شديد مؤلم في الدنيا والآخرة.
ثم أشار إليهم مرة ثانية دليلا على تمكنهم في الضلال فقد استبدلوا الضلالة بالهدى واستحقوا العذاب بدل المغفرة، فعجبا لهم وأى عجب لصبرهم على تعاطى موجبات دخول النار من غير مبالاة منهم!! ذلك العذاب الشديد الذي لحق بهم لأن الله نزل الكتاب بالحق، وأن الذين اختلفوا في كتب الله فقالوا: بعضهم حق وبعضهم باطل لفي خلاف بعيد عن الحق.