
﴿رَحِيمٌ﴾ بترخيصِه ذلكَ.
ونزل لمّا غَيَّرَ علماءُ اليهودِ صفةَ محمدٍ - ﷺ -؛ خوفًا على فواتِ رياسَتِهم ومآكلِهم التي كانوا يصيبونها من سِفْلَتِهم رجاءَ أن يكونَ النبيُّ المبعوثُ منهم (١):
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)﴾.
[١٧٤] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾ يعني: صفةَ محمدٍ - ﷺ - ونبوَّتَهُ.
﴿وَيَشْتَرُونَ بِهِ﴾ أي: بالمكتوبِ.
﴿ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ عوضًا يسيرًا، يعني: المآكلَ التي يصيبونها من سِفْلَتهم.
﴿أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا﴾ ما يُؤَدِّيهم.
﴿النَّارَ﴾ وهو الرِّشْوَةُ والحرامُ، فلمَّا كان ذلكَ يُفضي بهم إلى النار، فكأنهم أكلوا النارَ.
﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ بالرحمة، وبما يَسُرُّهم إنما يكلِّمُهم بالتوبيخِ.
﴿وَلَا يُزَكِّيهِمْ﴾ لا يُطَهِّرُهم (٢) من دَنسَ الذنوب.
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي: مؤلِم.
(٢) في "ن": "تطهيرهم".

﴿وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ أي: الموكولُ إليه.
﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤)﴾.
[١٧٤] وروي أن أبا سفيان كان واعدَ النبيَّ - ﷺ - أن يلقاهُ ببدرٍ الصغرى، وكانت موضعَ سوقٍ لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كلِّ عام ثمانيةَ أيام، فلما كان العامُ القابل، جَبُنَ أبو سفيانَ عن الذهاب إلى بدرٍ، وذهب - ﷺ - بأصحابه، ومعهم تجاراتٌ، فكسبوا في (١) تجاراتهم، ولم يلقوا عدوًا.
﴿فَانْقَلَبُوا﴾ أي: رجعوا من بدر (٢).
﴿بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ﴾ بسلامةٍ وربحٍ.
﴿لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ﴾ شيء يسوؤهم.
﴿وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ﴾ طاعةَ الله ورسولِه.
﴿وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ أعطاهم ثوابَ الغزوِ، ورضيَ عنهم.
﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)﴾.
[١٧٥] ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ﴾ أي: القائلُ لكم:
(٢) "من بدر" ساقطة من "ن".