آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ

التفسير: هذا نداء إلى الذين آمنوا، والتفات إليهم بعد الانصراف عن أولئك الذين أصمّوا آذانهم عن دعوة الحق، وأغلقوا قلوبهم على ما أشربوا من التعلق بما كان عليه أسلافهم من ضلال.
وطيبات الرزق، هى الصفو الخالص من كل شائبة، وقد أبيح للمؤمنين كل طيب، وحرم عليهم كل خبيث، حتى لا يدخل على أجسامهم من الطعام إلا الطيب، كما لم يدخل على عقولهم من الدين إلا الحق.
وما أهلّ به لغير الله، هو ما لم يذكر اسم الله عليه، وذبح قربانا لمعبود غير الله.
وفى قوله تعالى «غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ» ضبط للقدر الذي يقف عنده المضطر حين يدعوه الاضطرار إلى تناول شىء من هذه المحرّمات، فلا يفتعل الاضطرار، ولا يركب الأمور التي يعلم أنها ستدخله مداخل الاضطرار وهو قادر على ركوب غيرها فإذا دخل منطقة الاضطرار من غير بغى، فلا ينال من هذه المحرمات إلا القدر الذي يمسك عليه حياته، ولا يلقى به فى التهلكة..
من غير عدوان ومجاوزة الحدّ، الذي يحفظ النفس من التلف.
الآيات: (١٧٤- ١٧٥- ١٧٦) [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٧٤ الى ١٧٦]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (١٧٦)

صفحة رقم 190

التفسير: من الذين يأكلون السحت ويملئون بطونهم بالحرام، أولئك الذين عندهم علم الكتاب من أهل الكتاب، ثم يكتمون علمهم هذا، ولا يؤدون الشهادة على وجهها إذا دعوا ليدلوا بما عندهم من علم، فى أمر ما، بل يحرّفون ويبدلون، لقاء الاحتفاظ برياسة دينية لهم على الناس، أو انتصارا للمشركين على المؤمنين فى مقابل ثمن معلوم.
فهؤلاء إنما يأكلون فى بطونهم النّار فى هذه الحياة الدنيا، لأن هذا الطعام الذي يأكلونه إنما هو مما باعوا به دينهم، وبهذا صاروا أهلا للنّار، وقد أعدت أجسامهم التي نمت من هذا الطعام الحرام لتكون وقودا لتلك النار! وفى قوله تعالى: «فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ» صوت يتردد من خارج النار التي تلتهم أولئك الذين مكروا بما أنزل الله، فاشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، إنه صوت أولئك الذين نجاهم الله من هذا البلاء، يعبّرون به- فى دهشة واستغراب- عن صبر هؤلاء الأشقياء الذين تأكلهم النار وهم يتقلبون على جمرها.. إن كل من يطلع عليهم لا يملك إلا أن يستهول هذا الهول الذي هم فيه، ويتعجب من احتمالهم له، وصبرهم عليه! واستحضار هذه الصورة فى الدنيا، فيه تنفير من هذا الموقف الأليم، وتحذير من هذا المصير المشئوم! والإشارة فى قوله تعالى: «ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ» واردة على هذا المصير البغيض، الذي صار إليه أولئك الذين كتموا ما أنزل الله من

صفحة رقم 191
التفسير القرآني للقرآن
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم يونس الخطيب
الناشر
دار الفكر العربي - القاهرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية