آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ

شرح الكلمات:
يكتمون: يجحدون ويخفون.
ما أنزل الله من الكتاب: الكتاب: التوراة وما أنزل الله فيه صفة النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمر بالإيمان به.
لا يكلمهم الله١: لسخطه عليهم ولعنه لهم.
ولا يزكيهم: لا يطهرهم من ذنوبهم لعدم رضاه عليهم.
الضلالة: العماية المانعة من الهداية إلى المطلوب.
الشقاق: التنازع والعداء حتى يكون صاحبه في شق، ومنازعة في آخر.
بعيد: يصعب إنهاؤه والوفاق بعده.
معنى الآيات:
هذه الآيات الثلاث نزلت قطعاً في أحبار٢ أهل الكتاب تندد بصنيعهم وتريهم جزاء كتمانهم الحق وبيعهم العلم الذي أخذ عليهم أن يبينوه بعرض خسيس٣ من الدنيا يجحدون أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودينه إرضاء للعوام حتى لا يقطعوا هداياهم ومساعدتهم المالية، وحتى يبقى لهم السلطان الروحي عليهم، فهذا معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً﴾، وأخبر تعالى أن ما يأكلونه من رشوة في بطونهم إنما هو النار إذ هو مسببها ومع النار غضب الجبار فلا يكلمهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
كما أخبر تعالى عنهم في الآية (١٧٥) أنهم وهم البعداء اشتروا الضلالة بالهدى أي الكفر بالإيمان، والعذاب بالمغفرة أي النار بالجنة، فما أجرأ هؤلاء على معاصي الله، وعلى التقحم في النار، فلذا قال تعالى: ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ٤ عَلَى النَّارِ﴾. وكل هذا الذي تم مما توعد الله به هؤلاء

١ لا يكلمهم كلام تشريف وتكريم كما يكلم أولياؤه الصالحين. أما ما كان من كلام وتحقير نحو: ﴿اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾، فلا يدخل في هذا النفي. والله أعلم.
٢ روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن هذه الآية نزلت في أحبار اليهود، كانوا يصيبون من سفلتهم هدايا، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم، فلما بعث من غيرهم، غيروا صفته وقالوا: هذا نعت النبي الذي يخرج آخر الزمان حتى لا يتبع محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣ هو الرشوة التي يأخذها القاضي والمفتي والعياذ بالله.
٤ هذا تعجب للمؤمنين من حالهم.

صفحة رقم 150

الكفرة؛ لأن الله نزل الكتاب بالحق مبيناً فيه سبيل الهداية وما يحقق لسالكيه من النعيم المقيم ومبيناً سبيل الغواية وما يفضي بسالكيه إلى غضب الله وأليم عذابه.
وفي الآية الآخيرة (١٧٦) أخبر تعالى أن الذين اختلفوا في الكتاب التوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى١ لفي عداء واختلاف بينهم بعيد، وصدق الله فما زال اليهود والنصارى مختلفين متعادين إلى اليوم، ثمرة اختلافهم في الحق الذي أنزله الله وأمرهم بالأخذ به فتركوه وأخذوا بالباطل فأثمر لهم الشقاق البعيد.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- حرمة كتمان الحق٢، لا سيما إذا كان للحصول على منافع دنيوية مالاً أو رياسة.
٢- تحذير علماء الإسلام من سلوك مسالك علماء أهل الكتاب بكتمانهم الحق وإفتاء٣ الناس بالباطل للحصول على منافع مادية معينة.
٣- التحذير من الاختلاف في القرآن الكريم لما يفضي إليه من العداء والشقاق البعيد بين المسلمين.
﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا

١ ويدخل في هذا مشركو العرب فقد اختلفوا في القرآن فقالوا: شعر، وقالوا: سحر، وقالوا: أساطير.
٢ يدخل في كتمان الشهادة التي حرمها الله تعالى بقوله: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾.
٣ يشهد له حديث: "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار".

صفحة رقم 151
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية