آيات من القرآن الكريم

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

قوله عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ ؛ قال الكلبيُّ :(نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي كُفَّار مَكَّةَ، قَالُواْ : يَا مُحَمَّدُ صِفْ لَنَا وَانْسِبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ سُورَةَ الإخْلاَصِ وَهَذِهِ الآيَةَ). وقال الضَّحاكُ : عن ابنِ عباس :(كَانَ لِلْمُشْرِكِيْنَ فِي الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمَائَةٍ وَسُتُّونَ صَنَماً يَعْبُدُونَهُم مِنْ دُونِ اللهِ إفْكاً وَإثْماً، فَدَعَاهُمُ اللهُ إلَى تَوْحِيْدِهِ وَالإخْلاَصِ فِي عِبَادَتِهِ، فَقَالَ :﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾. ويقال : نزلت هذه الآية في صنف من المجوس ؛ ويقال لهم : الملَكَانية ؛ يقولون : هما اثنان : خالقُ الخيرِ، وخالق الشر.
ومعنى الآية : أن الذي يستحق أن تَأْلَهَ قلوبكم إليه في المنافع والمضار وفي جميع حوائجكم وفي التعظيم له إله واحد لا يستحق الإلهية أحد غيره. فلما نزلت هذه الآية عجِبَ المشركون وقالوا : إن محمداً يقول : إن إلهكم إلهٌ واحدٌ، فليأتنا بآية إن كان من الصادقين. فأنزل الله تعالى :﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ﴾ ؛ أي في تعاقب الليل والنهار ؛ وفي الذهاب والمجيء.
والاختلاف مأخوذٌ من خَلَفَ يَخْلُفُ بمعنى أن كل واحد منها يخلف صاحبه وإذا ذهب أحدهما جاء الآخر خلافه ؛ أي بعده. نظيره قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ الَّيلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً ﴾[الفرقان : ٦٢]. وقال عطاء :(أرَادَ اخْتِلاَفَ اللَّيلِ وَالنَّهَار فِي اللَّوْنِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَالنُّور وَالظُّلْمَةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ). والليل : جمعُ لَيلَةٍ مثل نخلة ونخلٌ ؛ والليالي جمعُ الجمعِ. والنهار واحدٌ وجمعه نُهُرٌ. وقدَّم الليل على النهار ؛ لأنه هو الأصل والأقدم. قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ الَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ ﴾[يس : ٣٧].
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ﴾ يعني السَّفَنُ، واحده وجمعه سواءٌ، قال الله تعالى في واحده :﴿ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾[يس : ٤١] وقال في جمعه :﴿ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم ﴾[يونس : ٢٢]. ويذكَّر ويؤنث قال الله تعالى في التذكير :﴿ الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾[يس : ٤١] وقال في التأنيث :﴿ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ﴾. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ﴾ يعني ركوبَها والحمل عليها في التجارات والمكاسب وأنواع المطالب.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَآ أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَآءِ مِن مَّآءٍ ﴾ ؛ يعني المطر، ﴿ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ ؛ أي بعد يبسها وجذوبتها، ﴿ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ ﴾ ؛ أي نشرَ وفرقَ من كل دابة من أجناس مختلفة، منهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين، ومنهم من يمشي على أربع، ﴿ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ﴾ ؛ أي تقليبها دبوراً وشمالاً وجنوباً وصبا. وقيل : تصريفها مرة بالرحمة ومرة بالعذاب.
وقرأ حمزة والكسائي وخلف :(وَتَصْرِيْفِ الرِّيْحِ) بغير ألف على الواحد. وقرأ الباقون :(الرِّيَاحِ) على الجمع. قال ابن عباس :(الرِّيَاحُ لِلرَّحْمَةِ ؛ وَالرِّيحُ لِلْعَذَابِ)، وكان النبيُّ ﷺ إذا هاجَتِ الريحُ يقول :

صفحة رقم 0
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحدادي اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية