آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

وتأييد الباطل على الحق، والانحراف عن جادة الاستقامة والرشاد. وبما أن هذا الصراع بين الخير والشّر يدوم طويلا، ويريد الله لمصلحة الناس إعلاء كلمة الحق والخير، أمر الله المؤمنين في مسيرة الحياة أن يستعينوا بأمور ثلاثة: هي الصبر، والصلاة، والشهادة في سبيل الله.
أما الصبر فهو نصف الإيمان، ودرع أهل العزيمة والإرادة القوية، وهو طريق النصر والغلبة والفلاح، والله أكّد في آيات كثيرة أنه مع الصابرين، يؤيدهم بولايته ورعايته، وينصرهم بتوفيقه وتثبيته، ويجيب دعاءهم، ويعزّز موقفهم ويحميهم من الأذى.
وأما الصّلاة والاستعانة بها فلأنها أمّ العبادات، وصلة العبد بالله تعالى، وطريق الفرج بعد الكرب، واليسر بعد العسر، وهي تعصم المؤمنين من الانحراف، وتهذّب النفوس، وتنهى أصحابها الخاشعين فيها عن الفحشاء والمنكر.
وأما القتال في سبيل الله فهو طريق الحفاظ على الحقوق، والظفر بالجنة والشهادة، وأساس تحقيق المجد والعزة والكرامة واستقلال الأوطان، وصدّ عدوان المعتدين، واسترداد الحقوق المغتصبة كاغتصاب الصهاينة بلاد فلسطين العزيزة. وقد صحح القرآن الكريم مفاهيم الناس عن الشهداء، فهم خالدون على مدى التاريخ، ولهم الدرجات العليا عند الله تعالى. لما قتل بضعة عشر رجلا من قتلى بدر، ثمانية من الأنصار، وستة من المهاجرين، كان الناس يقولون للرجل يقتل في سبيل الله:
مات فلان، وذهب عنه نعيم الدنيا ولذّتها، فأنزل الله في قرآنه بيانا قاطعا بأن الشهداء أحياء في قلوب الناس والتاريخ، وأحياء في قبورهم، وأرواحهم الطاهرة في حواصل طير خضر تعلق من ثمر الجنة. وجمع الله في آيات خمس بين الصبر والصلاة والاستشهاد في سبيل الله، فقال سبحانه:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٥٣ الى ١٥٧]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (١٥٦) أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)

صفحة رقم 70

«١» «٢» [البقرة: ٢/ ١٥٣- ١٥٧].
أخبر الله بأن المؤمنين يتعرضون للمصاب بشيء قليل من الخوف والجوع ونقص الأموال بضياعها، والأنفس بموتها، والثمرات بقلّتها، لتهدأ القلوب وتسكن، وتستسلم إلى الله، راضين بقضائه وقدره إذا ما أصابهم شيء من ذلك في الدنيا، محتسبين الأجر والثواب عند الله، قائلين: إنا لله وإنا إليه راجعون. والصابرون يوفون أجورهم بغير حساب، والشهداء تنزل عليهم المغفرة والرحمة من ربّهم الذي ربّاهم وتولّى أمورهم، وأولئك هم المهتدون إلى الأفعال النافعة وخير البلاد والوطن.
السّعي بين الصّفا والمروة وحكم كتمان آيات الله
من المعلوم أن السّعي بين الصّفا والمروة من شعائر الحج ومناسكه، وهو ركن لدى بعض الفقهاء
لقوله صلّى الله عليه وسلم فيما رواه الحاكم وغيره: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السّعي».
وهو أيضا من أعمال العمرة، فمن قصد البيت الحرام للحج أو العمرة، فلا إثم عليه أن يسعى بين الصّفا والمروة، ويسنّ أن يدعو الله متّجها إلى الكعبة، ويرتفع الحاجّ والمعتمر فوق الصّفا الذي كان عليه في الجاهلية صنم على صورة رجل يقال له: (إساف) وعلى المروة صنم على صورة امرأة تدعى (نائلة). زعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة، فمسخهما الله تعالى حجرين، ووضعهما على الصّفا والمروة

(١) لنختبرنّكم.
(٢) ثناء ومغفرة من الله تعالى.

صفحة رقم 71
التفسير الوسيط
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر - دمشق
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية