آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

فيه جميع انواع الذكر واقسامه انتهى كلام الامام قال لقمان لابنه يا بنى إذا رأيت قوما يذكرون الله تعالى فاجلس معهم فانك ان تك عالما ينفعك علمك وان تك جاهلا علموك ولعل الله يطلع عليهم برحمته فيصيبك معهم وإذا رأيت قوما لا يذكرون فلا تجلس معهم فانك ان تك عالما لا ينفعك علمك وان تك جاهلا يزيدوك جهلا أو غيا ولعل الله يطلع عليهم بسخطه فيصيبك معهم اللهم اجعلنا من الذاكرين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا فى كل ما تأتون وما تذرون بِالصَّبْرِ على الأمور الشاقة على النفس كالصبر عن المعاصي وحظوظ النفس وَالصَّلاةِ التي هي أم العبادات ومعراج المؤمنين ومثاب رب العالمين- روى- انه صلّى الله تعالى عليه وسلم كان إذا حزبه امر فزع الى الصلاة وتلاهده الآية وانما خص الصبر والصلاة بالذكر لان الصبر أشد الأعمال الباطنة على البدن والصلاة أشد الأعمال الظاهرة عليه لانها مجمع انواع الطاعات من الأركان والسنن والآداب والحضور والخضوع والتوجه والسكون وغير ذلك مما لا يتيسر حفظه الا بتوفيق الله تعالى قال عصام الدين قدم الترك على الفعل لان التخلية قبل التحلية ولهذا قدم النفي في كلمة التوحيد واكتفى بذكر الصلاة لان الخطاب لكل من المؤمنين والمشترك بين الجميع بعد الايمان الصبر عن المعاصي والصلاة واما الزكاة فمختصة باصحاب النصاب واما الحج فباصحاب الاستطاعة والصوم صبر عن معصية الاكل والشرب وغيرهما إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ بالنصرة واجابة الدعوة فمعنى المعية الولاية الدائمة المستتبعة لهما ودخول مع على الصابرين لما انهم المباشرون للصبر حقيقة فهم متبوعون من تلك الحيثية قال عصام الدين في التفسير الاجل ان الله مع الصابرين لان الصابرين لا يذهلون عن ذكره بخلاف المجتنبين عن الصبر فان قلوبهم لاهية عن ذكر الله والقلب اللاهي عنه ممتلئ من هموم الدنيا وان كانت الدنيا بأسر هاله انتهى كلامه ان قيل لم قال إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ولم يقل مع المصلين وقال في الآية الاخرى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ فاعتبر الصلاة دون الصبر قيل لما كان فعل الصلاة اشرف وأعلى من الصبر إذ قد ينفك الصبر عن الصلاة ولا تنفك الصلاة عن الصبر ذكر هاهنا الصابرين فمعلوم انه تعالى إذا كان مع الصابرين فهو لا محالة يكون مع المصلين بطريق الاولى وقال هناك لكبيرة فذكر الصلاة دون الصبر تنبيها على انها اشرف منزلة من الصبر واعلم ان الصبر الذي هو تحمل المشاق من غير جزع واضطراب ذريعة الى فعل كل خير ومبدأ كل فضل فان أول التوبة الصبر عن المعاصي وأول الزهد الصبر عن المباحات وأول الارادة الصبر وطلب ترك ما سوى الله تعالى ولهذا قال صلّى الله عليه وسلم (الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد) وقال (الصبر خير كله) فمن تحلى بحلية الصبر سهل عليه ملابسة الطاعات والاجتناب عن المنكرات وكذا الصلاة قال تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ

صبر كن حافظ بسختى روز وشب عاقبت روزى بيابى كام را
وفي الحديث (إذا جمع الله الخلائق نادى مناد اين اهل الفضل قال فيقوم ناس وهم يسيرون سراعا الى الجنة فتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم قالوا نحن اهل الفضل فيقولون ما كان فصلكم قالوا كنا إذا ظلمنا صبرنا وإذا أسيئ

صفحة رقم 257

إلينا عفونا فيقال لهم ادخلوا الجنة فنعم اجر العاملين ثم ينادى مناد اين اهل الصبر فيقوم ناس يسيرون سراعا الى الجنة فتلقاهم الملائكة فيقولون انا نراكم سراعا الى الجنة فمن أنتم فيقولون نحن اهل الصبر فيقولون ما كان صبركم قالوا كنا نصبر على طاعة الله ونصبر عن معاصى الله فيقال لهم ادخلوا الجنة ثم ينادى مناد اين المتحابون في الله فيقوم ناس يسيرون سراعا الى الجنة فتلقاهم الملائكة فيقولون من أنتم فيقولون نحن المتحابون في الله فيقولون وما كان تحابكم في الله قالوا كنا نتحاب في الله والجنة كذا في نزهة القلوب وَلا تَقُولُوا نزلت في شهداء بدر وكانوا اربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار وكان الناس يقولون لِمَنْ يُقْتَلُ فى سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فانزل الله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل القتل نقض البنية الحيوانية فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهو الجهاد لانه طريق الى ثواب الله ورحمته أَمْواتٌ اى هم أموات بَلْ أَحْياءٌ اى كالاحياء في الحكم لا ينقطع ثواب أعمالهم لانهم قتلوا لنصرة دين الله فمادام الدين ظاهرا في الدنيا وأحد يقاتل في سبيل الله فلهم ثواب ذلك لانهم سنوا هذه السنة وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ كيف حالهم في حياتهم وفيه رمز الى انها ليست مما يشعر به بالمشاعر الظاهرة من الحياة الجسمانية وانما هي امر روحانى لا يدرك بالعقل بل بالوحى وفي الآية دلالة على ان الأرواح جواهر قائمة بأنفسها مغايرة لما يحس به من البدن تبقى بعد الموت دراكة وعليه الجمهور فان قلت الحياة الروحانية المستتبعة لادراك اللذة والا لم مشتركة في الجميع فما وجه تخصيص الشهداء بها قلت لاختصاصهم بالقرب من الله تعالى ومزيد البهجة والكرامة ومن لم يبلغ منزلتهم لا تكون حياته معتدا بها فكأنه ليس بحي قال تعالى في حق اهل النار لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى واعلم ان نفس الإنسان وذاته الذي هو مخاطب مكلف مأمور منهى بأوامر الله ونواهيه جسمانى لطيف سار في هذا البدن المحسوس سريان النار في الفحم وماء الورد في الورد وهو الذي يشير اليه كل أحد بقوله انا وهو الإنسان حقيقة وهو الولي والنبي والمثاب والمعاقب على اعماله وهو كان فى صلب آدم حين سجد له الملائكة وهو الذي سأله الله بقوله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى وهو الذي يتوفى فى المنام ويخرج ويسرح ويرى الرؤيا فيسر بما يرى او يحزن فان امسكه الله ولم يرجع الى جسده تبعه الروح والجسد الكثيف المعبر عنه بالبدن والروح السلطاني محل تعينه هو القلب الصنوبري والروح الحيواني محل تعينه هو الدماغ ويقال له القلب والعقل والنفس ايضا سرى في جميع أعضاء البدن الا ان سلطانه قوى في الدماغ فهو أقوى مظاهره وهو اى الروح الحيواني انما حدث بعد تعلق الروح السلطاني بهذا الهيكل فهو من انعكاس أنوار الروح السلطاني ليكون مبدأ الافعال لان الحياة امر مغيب مستور في الحي لا يعلم الا بآثارها كالحس والحركة والعلم والارادة وغيرها وهذا يدور على الروح الحيواني فمادام هذا البخار باقيا على الوجه الذي يصلح ان بكون علاقة بينهما فالحياة قائمة وعند انتفائه وخروجه عن الصلاحية له تزول الحياة ويخرج الروح من البدن خروجا اضطراريا وهو الموت الحقيقي وكما يخرج الروح من البدن خروجا اضطراريا كذلك قد يخرج منه خروجا اختياريا ويعود اليه متى شاء وهو الذي سماه الصوفية بالانسلاخ فقد عرفت من هذا ان مذهب اهل السنة والجماعة ان الروح جسم لطيف مغاير لهذا الهيكل المحسوس وانكشف لك حال

صفحة رقم 258

الروح ووقف على اسرار البرزخ واحوال القبر وما فيه من الألم واللذة الجسمانيين وانحل عندك وجه كونه روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران فالشهداء احياء بالحياة البرزخية متنعمون لانهم أجسام لطيفة كالملائكة فانهم موجودون احياء قال المولى الفنارى في تفسير الفاتحة كل نعيم يتنعم به الصديقون والشهداء والصالحون في البرزخ خيالى وكذا كل عذاب يتألم به الجهنميون ومصداق ذلك انه إذا نفخ في الصور وبعث الخلق ينسى كل واحد منهم حاله في البرزخ ويتخيل ان ذلك الذي كان فيه منام كما تخيله المستيقظ وقد كان حين مات وانتقل الى البرزخ كالمستيقظ هناك وان الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفي
الآخرة يعتقد في امر الدنيا والبرزخ انه منام في منام وان اليقظة الصحيحة هي التي هو عليها في الدار الآخرة حيث لا نوم فيها ولا نوم بعدها انتهى كلامه قال في اسئلة الحكم ان امور البرزخ والآخرة على النمط الغير المألوف في الدنيا والأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى لكن ذلك نعيم او عذاب معنوى حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتتنعم عند ذلك حسا ومعنى ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى في المنام قيل له ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة يعنى روحه متنعمة بالجنة بما يليق بها في مقامه والنصف الآخر هو الجنة التي يدخلها ببدنه إذا حشر فيكمل النعيم بالنصف الآخر والاكل الذي راه الميت بعد موته في البرزخ هو كالاكل الذي يراه النائم في النوم والنعيم به مثل النعيم به سواء كما قال عليه السلام (انى أبيت عند ربى يطعمنى ويسقينى) وكذلك كل شخص غير ان الفرق بين الرسول وغيره في هذه الصورة ان جسم النبي يبيت جائعا ويستيقظ وهو شبعان وغير النبي يأكل في منامه وهو جيعان ويستيقظ وهو كذلك وإذا رأى الولي الوارث ذلك وقد وجد أثر الشبع او الري فذلك من اجزاء النبوة التي وردت في الميراث إذ الرؤيا جزؤ من ستة وأربعين جزأ من النبوة وقد رأى ذلك كثير من الأولياء وأصبحوا وعليهم رائحة الطعام الذي أكلوه وشبعوا فهذه وراثة نبوبة فقوله عليه السلام (انى لست كهيئتكم) باعتبار الغالب لا باعتبار الكل فتنعم الشهداء فى البرزخ بمرتبة تنعم الولي الوارث في المنام فافهم هذا المقام فان الجسم المبحوث عنه هاهنا هو الجسم اللطيف وتنعم بما يليق بمرتبته في البرزخ سواء عبرت عنه بالخيالى او بالمعنوي او بالجسماني اى المنسوب الى الجسم اللطيف لا الكثيف فان اللذة الجسمانية المتعلقة بالجسد الكثيف حال الدنيا لا غير قيل يا رسول الله هل يحشر مع الشهداء أحد قال (نعم من يذكر الموت في اليوم والليلة عشرين) مرة وفي التأويلات النجمية الاشارة لا تحسبوا من قتل من اهل الجهاد الأكبر بسيف جلال الله في سبيل الله بالفناء في الله أمواتا وان فنيت أوصاف وجودهم فانهم احياء بشهود موجدهم ومن كان فناؤه في الله كان بقاؤه بالله فتارة يفنيهم بسطوات تجلى صفات الجلال وتارة يحييهم بنفحات ألطاف الجمال فانهم يسرحون في رياض الجمال ولكن لا تشعرون بأحوالهم ولا تطلعون عليها قال القشيري لئن فنيت في الله أشباحهم لقد بقيت بالله أرواحهم وقال الجنيد من كانت حياته بنفسه يكون مماته بذهاب روحه ومن كانت حياته بربه فانه ينتقل من حياة الطبع الى حياة الأصل وهو الحياة الحقيقية: وفي المثنوى

صفحة رقم 259
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
مى كند دندان بد را آن طبيب تا رهد از درد وبيمارى حبيب