آيات من القرآن الكريم

أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ

٢- ﴿إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾.
٣- ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
﴿وَمَنْ يَرْغَبُ١ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ٢ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٣١) وَوَصَّى٣ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ٤ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤) ﴾
شرح الكلمات:
ومن يرغب عن ملة إبراهيم: الرغبة عن الشيء عدم حبه وترك طلبه، وملة إبراهيم هي عبادة الله وحده بما شرع لعباده.

١ الاستفهام للنفي والإنكار، وملة إبراهيم هي عبادة الله وحده لا شريك له بما شرع الله تعالى لعباده من أنواع العبادات في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٢ الاصطفاء: مأخوذ من الصفوة، وهو تخير الأصفى: أي الأكثر صفاء، واصطفى: قلبت فيه التاء طاء لتناسبها مع الصاد في الإطباق، إذ الأصل: اصطفى، أي: طلب الصفوة.
٣ وصى وأوصى، بمعنى: عهد إليه بكذا، والموصى به هنا هو كلمة: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وذلك بعبادته وحده بما شرع بعد خلع الأنداد. وذي: هي ملة إبراهيم.
٤ أم: بمعنى: بل. والهمزة هي التي للاستفهام الإنكاري وتقدير الكلام: بل أكنتم شهداء حين حضر يعقوب الموت فوصى بنيه. يوبخهم على كذبهم وينكر عليهم.

صفحة رقم 116

إلا من سفه١ نفسه: لا يرغب عن ملة إبراهيم التي هي دين الإسلام إلا عبد جهل قدر نفسه فأزلها وأهانها بترك سبيل عزها وكمالها وإسعادها، وهي: الإسلام.
اصطفيناه: اخترناه لرسالتنا والبلاغ عنا، ومن ثم رفعنا شأنه وأعلينا مقامه.
أسلم: أنقد لأمرنا ونهينا، فاعبدنا وحدنا ولا تلتفت إلى غيرنا.
اصطفى لكم الدين: اختار لكم الدين الإسلامي ورضيه لكم، فلا تموتن٢ إلا وأنتم مسلمون.
يعقوب: هو إسرائيل ابن إسحق بن إبراهيم، وبنوه هم: يوسف وأخوته.
أمة خلت: جماعة أمرها واحد. خلت: مضت إلى الدار الآخرة.
لها ما كسبت: أجر ما كسبته من الخير.
ولكم ما كسبتم: من خير٣ أو غيره.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى في الآيات السابقة مواقف إبراهيم السليمة الصحيحة عقيدة وإخلاصاً وعملاً صالحاً وصدقاً ووفاءاً فوضح بذلك ما كان عليه إبراهيم من الدين الصحيح، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾ تلك الملة الحنيفية الواضحة السهلة. اللهم لا أحد يرغب عنها إلا عبد جهل قدر نفسه، ولم يعرف لها حقها في الطهارة والصفاء والإكمال والإسعاد، وضمن هذا الخبر ذكر تعالى إنعامه على إبراهيم وما تفضل به عليه من الاصطفاء في الدنيا والإسعاد في الآخرة في جملة الصالحين.
وفي الآية الثانية (١٣١) يذكر تعالى إن ذاك إلا اصطفاء تم لإبراهيم عند استجابته لأمر ربه بالإسلام، حيث أسلم ولم يتردد. وفي الآية الثالثة (١٣٢) يذكر تعالى إقامة الحجة على

١ سفه نفسه: استخف بقدرها جهلاً به. ولذا نصب نفسه لتضمن سفه معنى جهل.
٢ في قوله: ﴿فَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ إيجاز بليغ، إذ معناه: الزموا الإسلام ودموا عليه ولا تفارقوه حتى تموتوا. وجملة: ﴿وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ في محل نصب على الحال، والمعنى: مطيعون خاضعون.
٣ فيه معنى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ ومعنى ﴿وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلا عَلَيْهَا﴾.

صفحة رقم 117

المشركين وأهل الكتاب معاً، إذ ملة الإسلام القائمة على التوحيد وصى بها إبراهيم بنيه، كما وصى بها يعقوب بنيه وقال لهم: لا تموتن إلا على الإسلام، فأين الوثنية العربية واليهودية والنصرانية من ملة إبراهيم، إلا فليثب العقلاء إلى رشدهم.
وفي الآية الرابعة (١٣٣) يوبخ تعالى اليهود القائلين كذباً وزوراً للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألست تعلم أن يعقوب وصى بنيه باليهودية، فقال تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ﴾ أي: كنتم حاضرين لما حضر يعقوب الموت فقال لبنيه مستفهماً إياهم: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي﴾ ؟ فأجابوه بلسان واحد: ﴿نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ١ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً٢ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.
فإن قالوا كنا حاضرين فقد كذبوا وبهتوا ولعنوا، وإن قالوا لم نحضر بطلت دعواهم أن يعقوب وصى بنيه باليهودية، وثبت أنه وصاهم بالإسلام لا باليهودية.
وفي الآية الأخيرة (١٣٤) ينهى تعالى جدل اليهود الفارغ فيقول لهم: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ﴾ –يعني إبراهيم وأولاده- لها ما كسبت من الإيمان وصالح الأعمال، ولكم أنتم معشر يهود ما اكتسبتم من الكفر والمعاصي وسوف لا تسألون يوم القيامة عن أعمال غيركم وإنما تسألون عن أعمالكم وتجزون بها، فاتركوا الجدل وأقبلوا على ما ينفعكم في أخرتكم وهو الإيمان الصحيح والعمل الصالح، ولا يتم لكم هذا إلا بالإسلام، فاسلموا.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- لا يرغب عن الإسلام بتركه أو طلب غيره من الأديان إلا سفيه لا يعرف قدر نفسه.
٢- الإسلام دين البشرية٣ جمعاء، وما عداه فهي أديان مبتدعة باطلة.
٣- استحباب الوصية للمريض يوصي فيها بنيه وسائر أفراد أسرته بالإسلام حتى الموت عليه.
٤- كذب اليهود وبهتانهم وصدق من قال: اليهود قوم بهت.

١ فيه إطلاق لفظ الأب على العم؛ لأن إسماعيل عم ليعقوب وليس بأب له، وفيه إطلاق الأب على الجد أيضاً، ومن هنا ذهب من ذهب إلى أن الجد كالأب يحجب الأخوة عن الإرث؛ لأن الأب يحجب الأخوة حجب إسقاط.
٢ أن نوحده بالألوهية، أي: العبادة ولا نشرك به في عبادته سواه.
٣ الإسلام هو ملة سائر الأنبياء، وأن تنوعت أنواع التكليف عندهم، واختلفت مناهج العمل بينهم، إذ الإسلام هو انقياد لله وخضوع، ولذا قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نحن معشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد".

صفحة رقم 118
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية