آيات من القرآن الكريم

يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

(يا زكريا) بالهمز، وحذفه سبعيتان. قال جمهور المفسرين: إن هذا النداء من الله سبحانه، وقيل من جهة الملائكة، لقوله في آل عمران (فنادته الملائكة) ويمكن أن يكن وقع له الخطاب مرتين، مرة بواسطة الملائكة وأخرى من غير واسطة، وفي الكلام حذف، أي فاستجاب له دعاءه فقال: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام) وبين هذه البشارة ووجود الغلام في الخارج بالفعل ثلاث عشرة سنة لأن طلب زكريا للولد والبشارة به كان في صغر مريم وهي في كفالته، وأن الحمل بيحيى كان مقارناً للحمل بعيسى، وكانت مريم إذ ذاك بنت ثلاث عشرة سنة، وأن أشاع حملت به قبل حمل مريم بعيسى بستة أشهر.
(اسمه يحيى) قد تقدم في آل عمران وجه التسمية بيحيى وزكريا. قال الزجاج: سمي يحيى لأنه حيي بالعلم والحكمة التي أوتيها، وهو الممنوع من الصرف للعلمية والعجمية، وتقول في تثنيته يحييان رفعاً ويحيين نصباً وجراً، وفي جمع سلامته يحييون رفعاً، ويحيين نصباً وجراً.
(لم نجعل له من قبل سمياً) فعيل بمعنى مفعول، أي مسمى يحيى قال أكثر المفسرين: معناه لم نسم أحداً قبله يحيى.
وقال مجاهد وابن عباس وجماعة: معناه أنه لم يجعل له مثلاً ولا نظيراً، فيكون على هذا مأخوذ من المساماة أو السموّ، ورد هذا بأنه يقتضى تفضيله على إبراهيم وموسى. وقيل: معناه لم تلد عاقر مثله، والأول أولى.
وفي إخباره سبحانه بأنه لم يُسَمً بهذا الاسم قبله أحداً فضيلة له من جهتين. الأولى أن الله سبحانه هو الذي تولى تسميته به ولم يكملها إلى الأبوين، وسماه بخصوص يحيى لأنه به حيي رحم أمه بعد موته بالعقم، والجهة الثانية أن تسميته باسم لم يوضع لغيره تفيد تشريفه وتعظيمه.

صفحة رقم 138

قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣)

صفحة رقم 139
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية