
وعتا يعتو، فقس على هذا ياءات هذه السورة وغيرها.
وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ سورة " مريم " فسجد فقال " هذا السجود، فأين البكي " وهذا يدل على أنه مصدر لا جمع يريد به فأين البكاء.
قوله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة﴾. إلى قوله: ﴿وَعْدُهُ مَأْتِيّاً﴾.
المعنى: فخلف من بعد من ذكرنا من الأنبياء، خلف سوء خلفوهم في الأض.
يقال في الردئ " خَلْف " بإسكان اللام، وفي الصلاح " خَلَفْ " بتحريك اللام. وعن أبي إسحاق ضد هذا. والأول أشهر.
ثم قال: ﴿أَضَاعُواْ الصلاة واتبعوا الشهوات﴾ أي أخروا الصلاة عن مواقيتها، ولم يتركوها، ولو تركوها لكان كفراً.
قاله عمر بن عبد العزيز: وهو معنى قول ابن مسعود. وكذلك قال ابن مسعود: في قوله تعالى ذكره: ﴿الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٥] إنه تأخيرها عن

وقتها.
قال مسروق: لا يحافظ على الصلوات الخمس أحد فيكتب من الغافلين.
وروى الخدري أن النبي ﷺ قال: " الخلف من بعد ستين سنة ".
قال أبو محمد مكي رضي الله عنهـ: وقد ذكر الجعفي في تفسيره عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: هم ناس يظهرون في آخر الزمان من قبل المغرب، وهم شر من يملك، وذكر اسمهم.
وعن مجاهد، أن الخلف هنا النصارى بعد اليهود. رواه ابن وهب، وهو ظاهر الآية لأن بعده " إلا من تاب وآمن " فذكره لشرط الإيمان مع التوبة يدل على أنهم لم يكونوا مؤمنين.
وقوله: ﴿واتبعوا الشهوات﴾ قيل: معناه: اتبعوا شهواتهم فيما حرّم الله عليهم.

وقال القرظي: أضاعتهم لها، تركها وهذا القول اختيار الطبري لقوله بعد ذلك: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ فلو كان المضيعون مؤمنين لم يقل: " إلا من تاب وآمن " ولكنهم كانوا كفاراً بتركهم للصلاة والزكاة.
وقال مجاهد: هؤلاء قوم يكونون عند قيام الساعة، وذهاب صالحي امة محمد ﷺ، ينزو بعضهم على بعض في الآزقة زنا.
وقال عطاء: هم من أمة محمد عليه السلام.
ثم قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً﴾.
يعني: وادياً في جهنم قاله ابن عمر. وعنه أنه قال: هو نهر في جهنم، خبيث الطعم بعيد القعر.
وقال ابن عباس: غياً: خسراناً.

وقال ابن زيد: " غياً " شراً.
والتقدير: فسوف يلقون جزاء الغي، كما قال يلق آثاماً أي: جزاء الآثلام.
وقيل: سمي الوادي غياً لأن الغاوين يصيرون إليه.
وقيل: المعنى: " فسوق يلقون غياً ". أي: خيبة من الجنة، والثواب الذي يناله المؤمنون، وعذاباً في النار.
و" الغي " في اللغة " الخيبة.
ثم استثنى فقال: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة﴾ دون أولئك.
﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً﴾.
أي: ولا ينقصون من جزاء أعمالهم شيئاً. ثم بيّن موضع الدخول فقال: " جنات عدن " أي: إقامة.
﴿التي وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ بالغيب﴾ أي: وعدهم بها، وهم لم يروها فصدقوا بذلك.
﴿إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً﴾.
الوعد هنا بمعنى الموعود. كما قالوا: الخلق بمعنى المخلوق.