آيات من القرآن الكريم

جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

وعتا يعتو، فقس على هذا ياءات هذه السورة وغيرها.
وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ سورة " مريم " فسجد فقال " هذا السجود، فأين البكي " وهذا يدل على أنه مصدر لا جمع يريد به فأين البكاء.
قوله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة﴾. إلى قوله: ﴿وَعْدُهُ مَأْتِيّاً﴾.
المعنى: فخلف من بعد من ذكرنا من الأنبياء، خلف سوء خلفوهم في الأض.
يقال في الردئ " خَلْف " بإسكان اللام، وفي الصلاح " خَلَفْ " بتحريك اللام. وعن أبي إسحاق ضد هذا. والأول أشهر.
ثم قال: ﴿أَضَاعُواْ الصلاة واتبعوا الشهوات﴾ أي أخروا الصلاة عن مواقيتها، ولم يتركوها، ولو تركوها لكان كفراً.
قاله عمر بن عبد العزيز: وهو معنى قول ابن مسعود. وكذلك قال ابن مسعود: في قوله تعالى ذكره: ﴿الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٥] إنه تأخيرها عن

صفحة رقم 4560

وقتها.
قال مسروق: لا يحافظ على الصلوات الخمس أحد فيكتب من الغافلين.
وروى الخدري أن النبي ﷺ قال: " الخلف من بعد ستين سنة ".
قال أبو محمد مكي رضي الله عنهـ: وقد ذكر الجعفي في تفسيره عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: هم ناس يظهرون في آخر الزمان من قبل المغرب، وهم شر من يملك، وذكر اسمهم.
وعن مجاهد، أن الخلف هنا النصارى بعد اليهود. رواه ابن وهب، وهو ظاهر الآية لأن بعده " إلا من تاب وآمن " فذكره لشرط الإيمان مع التوبة يدل على أنهم لم يكونوا مؤمنين.
وقوله: ﴿واتبعوا الشهوات﴾ قيل: معناه: اتبعوا شهواتهم فيما حرّم الله عليهم.

صفحة رقم 4561

وقال القرظي: أضاعتهم لها، تركها وهذا القول اختيار الطبري لقوله بعد ذلك: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ فلو كان المضيعون مؤمنين لم يقل: " إلا من تاب وآمن " ولكنهم كانوا كفاراً بتركهم للصلاة والزكاة.
وقال مجاهد: هؤلاء قوم يكونون عند قيام الساعة، وذهاب صالحي امة محمد ﷺ، ينزو بعضهم على بعض في الآزقة زنا.
وقال عطاء: هم من أمة محمد عليه السلام.
ثم قال تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً﴾.
يعني: وادياً في جهنم قاله ابن عمر. وعنه أنه قال: هو نهر في جهنم، خبيث الطعم بعيد القعر.
وقال ابن عباس: غياً: خسراناً.

صفحة رقم 4562

وقال ابن زيد: " غياً " شراً.
والتقدير: فسوف يلقون جزاء الغي، كما قال يلق آثاماً أي: جزاء الآثلام.
وقيل: سمي الوادي غياً لأن الغاوين يصيرون إليه.
وقيل: المعنى: " فسوق يلقون غياً ". أي: خيبة من الجنة، والثواب الذي يناله المؤمنون، وعذاباً في النار.
و" الغي " في اللغة " الخيبة.
ثم استثنى فقال: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة﴾ دون أولئك.
﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً﴾.
أي: ولا ينقصون من جزاء أعمالهم شيئاً. ثم بيّن موضع الدخول فقال: " جنات عدن " أي: إقامة.
﴿التي وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ بالغيب﴾ أي: وعدهم بها، وهم لم يروها فصدقوا بذلك.
﴿إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً﴾.
الوعد هنا بمعنى الموعود. كما قالوا: الخلق بمعنى المخلوق.

صفحة رقم 4563
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية