آيات من القرآن الكريم

جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙ ﰿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ

فقال: إِنك كلمتني في إِنسان ما أراه يموت أبداً، ولا أجده يموت إِلا عند مطلع الشمس، قال: إِني أتيتك وتركته هناك، قال: انطلق، فما أراك تجده إلّا ميتا، فو الله ما بقي من أجله شيء، فرجع الملك فرآه ميتاً «١». وهذا المعنى مروي عن ابن عباس وكعب في آخرين. فهذا القول والذي قبله يدلاّن على أنه ميت، والقول الأول يدلّ على أنه حيّ.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥٨ الى ٦٥]
أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢)
تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣) وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)
قوله تعالى: أُولئِكَ يعني الذين ذكرهم من الأنبياء في هذه السورة مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ يعني إِدريس وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ يعني إِبراهيم، لأنه من ولد سام بن نوح وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ يريد: إِسماعيل وإِسحاق ويعقوب وَإِسْرائِيلَ يعني ومن ذرية إِسرائيل وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى.
قوله تعالى: وَمِمَّنْ هَدَيْنا أي: وهؤلاء كانوا ممن أرشَدْنا، وَاجْتَبَيْنا أي: واصطَفَيْنا. قوله تعالى:
خَرُّوا سُجَّداً قال الزجاج: «سُجَّداً» حال مقدَّرة، المعنى: خرُّوا مقدِّرين السجود، لأن الإِنسان في حال خروره لا يكون ساجداً، ف «سُجَّداً» منصوب على الحال، وهو جمع ساجد وَبُكِيًّا معطوف عليه، وهو جمع باكٍ فقد بيَّن الله تعالى أن الأنبياء كانوا إِذا سمعوا آيات الله سجدوا وبَكَوْا من خشية الله.
قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ قد شرحناه في سورة الأعراف «٢». وفي المراد بهذا الخَلْف ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم اليهود، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: اليهود والنصارى، قاله السدي. والثالث: أنهم من هذه الأُمَّة، يأتون عند ذهاب صالحي أمّة محمّد صلى الله عليه وسلّم يتبارون بالزّنا، وينزو بعضهم على بعض في الأزقّة زناة، قاله مجاهد، وقتادة. قوله تعالى: أَضاعُوا الصَّلاةَ وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين العقيلي، والحسن البصري: «الصلوات» على الجمع. وفي المراد باضاعتهم إِياها قولان «٣» : أحدهما: أنهم أخَّروها عن وقتها، قاله ابن مسعود، والنّخعيّ، وعمرو بن عبد العزيز،

(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٣/ ١٦٠: هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة، والله أعلم.
(٢) سورة الأعراف: ١٦٩.
(٣) قال الطبري رحمه الله ٨/ ٣٥٥: وأولى التأولين في ذلك عندي بالصواب بتأويل الآية، قول من قال: إضاعتها تركهم إياها، لدلالة قوله تعالى ذكره بعده على ذلك كذلك، وذلك قوله: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فلو كان الذين وصفهم بأنهم ضيعوها مؤمنين لم يستثن منهم من آمن وهم مؤمنون، ولكنهم كانوا كفارا لا يصلون لله ولا يؤدون له فريضة.
وقد قيل: هم قوم من هذه الأمة يكونون في آخر الزمان.

صفحة رقم 137

والقاسم بن مخيمرة. والثاني: تركوها، قاله القرظي، واختاره الزجاج. قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ قال أبو سليمان الدمشقى: وذلك مثل استماع الغناء، وشرب الخمر، والزنا، واللهو، وما شاكل ذلك مما يقطع عن أداء فرائض الله عزّ وجلّ. قوله تعالى: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ليس معنى هذا اللقاء مجرد الرؤية، وإِنما المراد به الاجتماع والملابسة مع الرؤية. وفي المراد بهذا الغيّ ستة أقوال «١» :
(٩٦١) أحدها: أنه وادٍ في جهنّم، رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وبه قال كعب.
والثاني: أنه نهر في جهنم، قاله ابن مسعود. والثالث: أنه الخسران، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع: أنه العذاب، قاله مجاهد. والخامس: أنه الشرُّ، قاله ابن زيد، وابن السائب.
والسادس: أن المعنى: فسوف يلقون مجازاة الغي، كقوله: يَلْقَ أَثاماً «٢» أي: مجازاة الآثام، قاله الزجاج.
قوله تعالى: إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ فيه قولان: أحدهما: تاب من الشّرك، وآمن بمحمّد صلى الله عليه وسلّم، قاله مقاتل. والثاني: تاب من التقصير في الصلاة، وآمن من اليهود والنصارى.
قوله تعالى: جَنَّاتِ عَدْنٍ وقرأ أبو رزين العقيلي، والضحاك، وابن يعمر، وابن أبي عبلة:
«جناتُ» برفع التاء. وقرأ الحسن البصري، والشعبي، وابن السميفع: «جنةُ عدن» على التوحيد مع رفع التاء. وقرأ أبو مجلز، وأبو المتوكل الناجي: «جنةَ عدن» على التوحيد مع نصب التاء. وقوله: الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ أي: وعدهم بها، ولم يَروْها، فهي غائبة عنهم.
قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا فيه قولان: أحدهما: آتياً، قال ابن قتيبة: وهو «مفعول» في معنى «فاعل»، وهو قليل أن يأتي الفاعل على لفظ المفعول به. وقال الفراء: إِنما لم يقل: آتياً، لأن كل ما أتاك، فأنت تأتيه ألا ترى أنك تقول: أتيت على خمسين سنة، وأتت عليَّ خمسون سنة. والثاني:
مبلوغاً إِليه، قاله ابن الأنباري. وقال ابن جريج: «وعده» ها هنا: موعوده، وهو الجنة، و «مأتيّاً» : يأتيه أولياؤه.
قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً فيه قولان: أحدهما: أنه التخالف عند شرب الخمر، قاله مقاتل. والثاني: ما يلغى من الكلام ويؤثَم فيه، قاله الزجاج. وقال ابن الأنباري: اللغو في العربية:
الفاسد المطَّرَح. قوله تعالى: إِلَّا سَلاماً قال أبو عبيدة: السلام ليس من اللغو، والعرب تستثني الشيء بعد الشيء وليس منه، وذلك أنها تضمر فيه، فالمعنى: إِلا أنهم يسمعون فيها سلاماً. وقال ابن

باطل. عزاه السيوطي في «الدر» ٤/ ٥٠٠ لابن مردويه من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا ونهشل متروك متهم، والضحاك لم يلق ابن عباس.
__________
(١) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ٨/ ٣٥٧: وكل هذه الأقوال متقاربات المعاني.
(٢) سورة الفرقان: ٦٨.

صفحة رقم 138

الأنباري: استثنى السلام من غير جنسه، وفي ذلك توكيد للمعنى المقصود، لأنهم إِذا لم يسمعوا من اللغو إِلا السلام، فليس يسمعون لغواً البتَّة، وكذلك قوله: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ «١». إِذا لم يخرج من عداوتهم لي غير رب العالمين، فكلُّهم عدو. وفي معنى هذا السلام قولان: أحدهما: أنه تسليم الملائكة عليهم، قاله مقاتل. والثاني: أنهم لا يسمعون إِلا ما يسلِّمهم، ولا يسمعون ما يؤثمهم، قاله الزجاج.
قوله تعالى: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا قال المفسرون: ليس في الجنة بُكْرة ولا عشيَّة، ولكنَّهم يُؤتَوْن برزقهم- على مقدار ما كانوا يعرفون- في الغداة والعشي. قال الحسن: كانت العرب لا تعرف شيئاً من العيش أفضل من الغداة والعشاء، فذكر الله لهم ذلك. وقال قتادة: كانت العرب إِذا أصاب أحدُهم الغداءَ والعشاء أُعجب به، فأخبر الله أن لهم في الجنة رزقهم بكرة وعشيّاً على قدر ذلك الوقت، وليس ثَمَّ ليل ولا نهار، وإِنما هو ضوء ونُور. وروى الوليد بن مسلم، قال: سألت زهير بن محمد عن قوله تعالى: بُكْرَةً وَعَشِيًّا فقال: ليس في الجنة ليل ولا نهار، هم في نور أبداً، ولهم مقدار الليل والنهار، يعرفون مقدار الليل بارخاء الحُجُب وإِغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب.
قوله تعالى: تِلْكَ الْجَنَّةُ الإِشارة إِلى قوله: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.
قوله تعالى: نُورِثُ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والشعبي، وقتادة، وابن أبي عبلة: بفتح الواو وتشديد الراء. قال المفسرون: ومعنى «نورث» : نعطي المساكن التي كانت لأهل النار- لو آمنوا- للمؤمنين. ويجوز أن يكون معنى «نورث» : نعطي، فيكون كالميراث لهم من جهة أنها تمليك مستأنف. وقد شرحنا هذا في سورة الأعراف «٢».
قوله تعالى: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر: «وما يَتنزَّل» بياء مفتوحة.
وفي سبب نزولها ثلاثة أقوال:
(٩٦٢) أحدها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا»، فنزلت هذه الآية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٩٦٣) والثاني: أن الملَك أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم أتاه، فقال: لعلِّي أبطأتُ، قال: «قد فعلتَ»، قال: وما لي لا أفعل، وأنتم لا تتسوَّكون، ولا تقصُّون أظفاركم، ولا تُنَقُّون براجمكم، فنزلت الآية، قاله مجاهد. قال ابن الأنباري: البراجم عند العرب: الفصوص التي في ظهور الأصابع، تبدو إِذا جُمعت، وتغمض إِذا بُسطت. والرواجب: ما بين البراجم، بين كل برجمتين راجبة.

صحيح. أخرجه البخاري ٣٢١٨ و ٤٧٣١ و ٧٤٥٥ والترمذي ٣١٥٨ والطبري ٢٣٨٠٥ والواحدي في «الوسيط» ٣/ ١٨٩ و «أسباب النزول» ٦٠٦ من طرق عن ابن عباس.
ضعيف جدا. ذكره الواحدي ٦٠٧ عن مجاهد مرسلا. وبدون إسناد! ومع ذلك هو منكر، يخالف ما رواه البخاري وغيره وقد تقدم. وانظر «تفسير القرطبي» ٤٢٥٣.
__________
(١) سورة الشعراء: ٧٧.
(٢) سورة الأعراف: ٤٣.

صفحة رقم 139

(٩٦٤) والثالث: أنّ جبريل احتبس عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف، وذي القرنين، والروح، فلم يدر ما يجيبهم، ورجا أن يأتيَه جبريل بجواب، فأبطأ عليه، فشقّ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم مشقّة شديدة، فلمّا نزل جبريل قاله له: «أبطأتَ عليَّ حتى ساء ظني، واشتقتُ إِليك» فقال جبريل: إِنِّي كنتُ أَشْوَق، ولكنِّي عبدٌ مأمور، إِذا بُعثتُ نزلتُ، وإِذا حُبستُ احتبستُ، فنزلت هذه الآية، قاله عكرمة، وقتادة، والضحاك.
وفي سبب احتباس جبريل عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قولان: أحدهما: لامتناع أصحابه من كمال النظافة، كما ذكرنا في حديث مجاهد. والثاني: لأنهم سألوه عن قصة أصحاب الكهف، فقال: «غداً أُخبركم»، ولم يقل: إِن شاء الله وقد سبق هذا في سورة الكهف.
وفي مقدار احتباسه عنه خمسة أقوال: أحدها: خمسة عشر يوماً وقد ذكرناه في الكهف عن ابن عباس. والثاني: أربعون يوماً، قاله عكرمة، ومقاتل. والثالث: اثنتا عشرة ليلة، قاله مجاهد. والرابع:
ثلاثة أيام، حكاه مقاتل. والخامس: خمسة وعشرون يوماً، حكاه الثعلبي. وقيل: إِن سورة الضحى نزلت في هذا السبب. والمفسرون على أن قوله: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ قول جبريل. وحكى الماوردي: أنه قول أهل الجنة إِذا دخلوها، فالمعنى: ما ننزل هذه الجنان إِلا بأمر الله. وقيل: ما ننزل موضعاً من الجنة إِلا بأمر الله.
وفي قوله ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا قولان «١» : أحدهما: ما بين أيدينا: الآخرة، وما خلفنا:
الدنيا، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وقتادة، ومقاتل. والثاني: ما بين أيدينا: ما مضى من الدنيا، وما خلفنا من الآخرة، فهو عكس الأول، قاله مجاهد: وقال الأخفش: ما بين أيدينا:
قبل أن نُخلَق، وما خلفنا بعد الفناء.
وفي قوله تعالى: وَما بَيْنَ ذلِكَ ثلاثة أقوال: أحدها: ما بين الدنيا والآخرة، قاله سعيد بن جبير. والثاني: ما بين النفختين، قاله مجاهد، وعكرمة، وأبو العالية. والثالث: حين كوَّنَنا، قاله الأخفش. قال ابن الأنباري: وإِنما وحَّد ذلك، والإِشارة إِلى شيئين: أحدهما: «ما بين أيدينا».
والثاني: «ما خلفنا»، لأن العرب توقع ذلك على الاثنين والجمع.
قوله تعالى: وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا النَّسِيُّ، بمعنى الناسي. وفي معنى الكلام قولان: أحدهما: ما كان تاركاً لك منذ أبطأ الوحي عنك، قاله ابن عباس. وقال مقاتل: ما نسيك عند انقطاع الوحي عنك.
والثاني: أنه عالم بما كان ويكون، لا ينسى شيئا، قاله الزّجّاج.

ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٠٨ عنهم بدون إسناد. وأثر الضحاك، أخرجه الطبري ٢٣٨١٢. وأثر قتادة. أخرجه الطبري ٢٣٨٠٩. ويشهد لأصله خبر ابن عباس المتقدم.
__________
(١) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ٨/ ٣٦٠: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: معناه: له ما بين أيدينا من أمر الآخرة، لأن ذلك لم يجيء وجاء، فهو بين أيديهم، فإن أغلب الناس إذا قالوا: هذا الأمر بين يديك، أنهم يعنون به ما لم يجئ وأنه جاء. وبالتالي- وما خلفنا من أمر الدنيا، وذلك ما قد خلفوه فمضى، وما بين ذلك: ما بين ما لم يمض من أمر الدنيا إلى الآخرة. [.....]

صفحة رقم 140
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية