
﴿يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا﴾ قوله تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ وفي قائله قولان: أحدهما: أنه قول زكريا ليحيى حين نشأ. الثاني: قول الله ليحيى حين بلغ. وفي هذا ﴿الْكِتَابَ﴾ قولان: أحدهما: صحف إبراهيم. الثاني: التوراة. ﴿بِقُوَّةٍ﴾ فيه وجهان: أحدهما: بجد واجتهاد، قاله مجاهد.
صفحة رقم 359
الثاني: العمل بما فيه من أمر والكف عما فيه من نهي، قاله زيد بن أسلم. ﴿وَءَاتَينَاهُ الْحُكُمَ صَبِيّاً﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: اللب، قاله الحسن. الثاني: الفهم، قاله مقاتل. الثالث: الأحكام والمعرفة بها. الرابع: الحكمة. قال معمر: إن الصبيان قالوا ليحيى إذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت، فأنزل الله ﴿وَءَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾. قاله مقاتل وكان ابن ثلاث سنين. قوله تعالى: ﴿وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: رحمة من عندنا، قاله ابن عباس وقتادة، ومنه قول الشاعر:
(أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا | حنانيكَ بعض الشر أهون من بعض) |

الثالث: يعني صدقة به على والديه، قاله ابن قتيبة. ﴿وَكَانَ تَقِيّاً﴾ فيه وجهان: أحدهما مطيعاً لله، قاله الكلبي. الثاني: باراً بوالديه، قاله مقاتل.
صفحة رقم 361