
يفضل على إبرَاهِيم وموسى عليهما السلام إلا أن يفضل في خاص كالسودد «١»، والحصر.
والعتي، والعُسِيُّ: المبالغة في الكبر، أو يُبْس العود، أو شيْب الرأس، أو عقيدة ما، وزكرياء: هو من ذرية هارون- عليهما السلام- ومعنى قوله: سَوِيًّا فيما قال الجمهور، صحيحاً من غير عِلَّة، ولا خرس.
وقال ابن عباس: ذلك عائدٌ على الليالي، أراد: كاملات مستويات «٢».
وقوله: فَأَوْحى إِلَيْهِمْ قال قتادة «٣»، وغيره: كان ذلك بإشارة.
وقال مجاهد «٤» : بل بكتابة في التراب.
قال ع «٥» : وكِلاَ الوجهين وَحْي.
وقوله: أَنْ سَبِّحُوا قال قتادة: معناه صلوا السُّبْحة، والسُّبحةْ: الصلاة «٦»، وقالت فرقة: بل أَمرهم بذكر الله، وقول: سبحان الله.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٢ الى ١٦]
يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦)
وقوله- عز وجل-: [يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ] المعنى: قال اللهُ له: يا يحيى] «٧» خذ الكتابَ، وهو التوراةُ، وقوله: بِقُوَّةٍ أَيْ: العلم به، والحفظ له، والعمل به، والالتزام للوازمه.
ينظر: «لسان العرب» (٢١٤٤).
(٢) ذكره ابن عطية (٤/ ٧).
(٣) ذكره ابن عطية (٤/ ٧).
(٤) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣١٤) رقم (٢٣٥٣٩)، وذكره ابن عطية (٤/ ٧)، والبغوي (٣/ ١٩٠)، وابن كثير (٣/ ١١٣).
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٧).
(٦) ذكره ابن عطية (٤/ ٧). [.....]
(٧) سقط في ج.

وقوله: صَبِيًّا يريد: شاباً لم يبلُغْ حدّ الكهولة، ففي لفظ صبي على هذا، تجوّزٌ، واستصحابُ حال.
وروى مَعْمَرُ أَنَّ الصِّبْيَانَ دعوا يحيى إلى اللَّعب، وهو طِفْل، فقال: إني لم أُخلقْ للعب، فتلك الحِكْمة الَّتي آتاه الله عز وجل وهو صَبِيٌّ «١»، وقال ابن عباس: من قرأ القرآن قبل أن يحتلم، فهو ممن أوتي الحِكْمة صَبِيّاً «٢». «والحنان» : الرحمةُ، والشفقةُ، والمحبّة قاله جمهورُ المفسرين، وهو تَفْسِير اللغة ومن الشواهد في «الحَنَان» قولُ النابغة:
[الطويل]
أَبَا مُنْذِرٍ، أَفْنَيْتَ فاستبق بَعْضَنَا | حَنَانَيْكَ بْعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ «٣» |
قال ع «٥» : وهو أَيضاً ما عظم من الأمر لأجل الله عز وجل ومنه قول زيد بن عمرو بن نُفَيْل في خبر بِلاَلٍ: واللهِ، لَئِنْ قَتَلْتُمْ هَذَا العَبْدَ لاَتَّخَذْنَ قَبْرَهُ حَنَاناً «٦».
قال أَبو عبيدة: وأَكْثَر ما يُسْتَعمل مثنى. انتهى، والزكاةُ التنميةُ، والتَّطْهير في وُجُوه الخير.
قال مجاهدٌ: كان طعامُ يَحْيَى العُشب، وكان للدمع في خَدّه مجار ثابتة، وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً «٧»، روي أن يحيى عليه السلام لم يواقع معصية قَطُّ صغيرة ولا كبيرة، والبَر كثير البرّ، والجبار: المُتكبّر، كأَنه يجبر الناس على أخلاقه.
(٢) ذكره ابن عطية (٤/ ٧)، والبغوي (٣/ ١٩٠) والسيوطي (٤/ ٤٧٠)، وعزاه لابن مردويه، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن ابن عباس مرفوعا، وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا.
(٣) البيت لطرفة بن العبد في «ديوانه» ص (٦٦)، و «الدرر» (٣/ ٦٧)، و «الكتاب» (١/ ٣٤٨)، و «ولسان العرب» (١٣/ ١٣٠) (حنن)، و «همع الهوامع» (١/ ١٩٠)، وبلا نسبة في «جمهرة اللغة» ص (١٢٧٣)، و «شرح المفصّل» (١/ ١١٨)، و «والمقتضب» (٣/ ٢٢٤).
(٤) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣١٦) رقم (٢٣٥٥٩)، وذكره ابن عطية (٣/ ١١٣).
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٧).
(٦) ذكره ابن عطية (٤/ ٧).
(٧) ذكره ابن عطية (٤/ ٨).