آيات من القرآن الكريم

إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ

لنا على رسول اللَّه: لندخلن عليه؛ فانصرفت إليه فأخبرته بمكانهم؛ فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا لي وَلَهُم يَسألُونَ عما لا أعلمُ، إنما أنا عبد لا علم لي إلا ما علمني ربي "، ثم قال: " أَبغني وضوءًا أتوضأ به "، فتوضأ، ثم قام إلى مسجد في بيته، فركع فيه ركعتين، فما انصرف حتى بدا لي الشرور في وجهه، ثم قال لي: " اذهب فأدخلهم ومن وجدت بالباب من أصحابي "، فأدخلهم فلما رآهم النبي قال لهم: " إن شئتم أخبرتكم كما تجدونه في كتابكم "؛ فهذا إن ثبت يدل أنه نزل عليه نبأ ذي القرنين وخبره قبل أن يسأل.
وأما أهل التأويل قالوا جميعًا: إنه سئل قبل أن ينزل عليه خبره، ثم نزل من بعد السؤال، واللَّه أعلم.
ثم اختلف فيه:
قال الحسن: كان نبيَّا، دليله: ما قال: (قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا)؛ قال: هذا تحكيم من اللَّه إياه فيما ذكر، ولا يولي الحكم إلا من كان نبيًّا.
وأما علي بن أبي طالب فإنه سُئل عن ذلك: كان نبيا أو ملكًا؟ فقال: لا واحد منهما.
وقال غير هَؤُلَاءِ: إنه كان ملكا؛ يدل على ذلك الخبر الذي روى عقبة بن عامر الجهني: أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - سئل عن خبره وبنائه، قال: فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " كان غلامًا من الروم أعطي ملكا فسار حتى بلغ كذا... "، على ما ذكر في الخبر، والأشبه أن يكون أنه كان ملكا؛ ألا ترى أنه قال: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (٨٤)
أي: ملكنا له الأرض له جملة، ذكر تمكين الأرض له جملة يصنع فيها ما يشاء، لم يخص له ناحية منها دون ناحية، وليس كقوله: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا...) الآية. وكقوله: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ): هاهنا خص مكانا لهم دون مكان، وأما في ذي القرنين ذكر التمكين له في الأرض، لم يخص ناحية منها دون ناحية؛ فهو أن ملكه ومكنه الأرض كلها.
وقول الحسن: إنه حكمه وولى له الحكم - فهذا لا يدل أنه كان نبيًّا؛ لأن الملوك هم الذين كانوا يتولون الجهاد والغزو في ذلك الزمان؛ ألا ترى إلى قوله: (ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ): أن الملوك هم الذين كانوا يتولون الجهاد والغزو والقتال في ذلك مع العدو فعلى ذلك هنا.

صفحة رقم 204
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية